البترول والديون المرتبطة بالصفقات وانتخابات إيطاليا.. أكبر محددات التقلبات
تحول الاهتمام في الفترة اﻷخيرة، إلى احتمالية حدوث اضطرابات جديدة في اﻷسواق.. لكن هل يمكن فعلا للأسواق الناشئة تحمل مزيدا من الآلام؟
ازدادت قتامة الصورة التي تحيط بالروابط الضعيفة القائمة بين عالم الأسواق الناشئة، إذ أجبرت الأرجنتين على رفع أسعار الفائدة إلى مستوى مذهل يبلغ 60%. كما أن عددا كبيرا من عملات الأسواق الناشئة يتعرض لضغوط شديدة مع تجنب المستثمرين التعرض لتركيا والهند وجنوب أفريقيا وإندونيسيا، التي أطلق عليها الاقتصاديون “الدول الخمسة الهشة” نظرا لاعتمادها على التمويل الخارجي.
وتقع البرازيل أيضا تحت المجهر لانتظار انعقاد الانتخابات الرئاسية في أكتوبر المقبل.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز”البريطانية، إن قليلين يتوقعون نجاة الأسواق الناشئة. فمن المحتمل أن يؤدي مزيد من السياسة الأمريكية إلى ارتفاع قيمة الدولار اﻷمريكي.
وانخفض مؤشر “أم.أس.سي.أي” لعملات اﻷسواق الناشئة بنسبة 8% تقريبا بعد أن وصل إلى ذروته في أبريل الماضي، كما أنه لا يزال فوق ادنى مستوى وصل إليه في بداية 2016 بحوالي 12%.
وأوضح كريس واتلينج، الخبير الاستراتيجي لدى “لونجفيو إيكونوميكس”، أنه رغم الضعف اﻷخير في الفارق في عوائد سندات اﻷسواق الناشئة، لا يزال ينظر إليها على أنها ليست رخيصة كفاية لجذب المشترين.
وفي الوقت نفسه، سلط المحللون في شركة “براون براذرز هاريمان” الضوء على قلق أعمق بالنسبة لدول مثل تركيا عقب الجهود الاستثنائية التي تبذلها الأرجنتين لوقف انخفاض أسواقها.
وقال المحللون إن صناع السياسة في تركيا قد يتسائلون عن اﻷسباب التي ربما تقودهم إلى عناء المحاولة، إذا لم تستطع الأرجنتين تحقيق الاستقرار في ظل السياسات التقليدية ودعم صندوق النقد الدولي.
ويعتقد المحللون، أن اﻷسواق قد تجبر تركيا في النهاية على اتباع نفس المسار .. ولكن لا أحد يعلم مستوى الألم الذي تستطيع الدولة تحمله.
وفيما يخص أسعار البترول، فقد ارتفعت بنسبة تزيد على 10% الأسبوعين الماضيين، لتقترب بذلك من أعلى مستوياتها في عام، عند 80 دولارا للبرميل، ويرجع السبب في ذلك بإيجاز إلى إيران والتراجع الذي يلوح في اﻷفق في الإمدادات القادمة منها، في ظل العقوبات الأمريكية التي ترتبط ببرنامجها النووي و المقرر إعادة فرضها في نوفمبر المقبل.
ولكن يبقى السؤال اﻷكبر: “هل يمكن للأسواق الأوسع تعويض النقص في البترول الخام إذا نجحت الولايات المتحدة في عرقلة أكثر من مليون برميل يوميا من صادرات إيران من البترول؟”
هناك أسباب تثير الشك في هذا اﻷمر، إذ شهدت فنزويلا، الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، انخفاضا في إنتاجها بسبب أزمتها الداخلية، في حين يعاني المنتجون الآخرون من الآثار الناتجة عن انخفاض الاستثمار خلال فترة هبوط الأسعار التي دامت لثلاثة أعوام منذ 2014.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن إنتاج الولايات المتحدة- الأمل العظيم بالنسبة لإمدادات البترول مع ازدهار إنتاج البترول الصخري- تباطأ. كما توقفت المملكة العربية السعودية عن فتح الصنابير بشكل كامل في محاولة منها للسير على نهج يحقق التوازن بين استرضاء الولايات المتحدة وإغراق السوق، وهو أمر لا طاقة لها على احتماله نظرا لاعتمادها على ارتفاع أسعار البترول الخام لخفض العجز في موازنتها.
وتعود كافة اﻷنظار بالتالي إلى إيران، حيث تشير العلامات المبكرة إلى تراجع صادراتها بالفعل مع هروب العملاء في مواجهة الضغوط الأمريكية.
وقالت الصحيفة البريطانية إنه سيكون من الحماقة، استبعاد مزيد من المكاسب إذا تمكن خام برنت من الوصول إلى مستوى يزيد عن 80 دولارا للبرميل.
وفيما يخص إمكانية انتقال عدوى السياسات الإيطالية، كانت عمليات البيع في سوق الديون الإيطالية، منذ أن ظهرت المخاطر السياسية في مايو الماضي مع تشكيل الحكومة الائتلافية، تمتلك تأثيرا ضئيلا على سوق السندات الأوسع نطاقا في منطقة اليورو.
وبينما ارتفع العائد على السندات الإيطالية ﻷجل عشرة أعوام من أقل من 2% هذا الربيع إلى أكثر من 3% خلال الفترة الراهنة، لم تتغير العوائد الخاصة بالدول الطرفية اﻷخرى كثيرا منذ بداية العام، كما انخفض عائد السندات الألمانية لنفس الاجل من 0.55% إلى 0.4%، وهو مؤشر على أن بعض المستثمرين يسعون للأصول الآمنة ولكن بطريقة غير كافية لإثارة الذعر في سوق السندات الإيطالي.
وربما لا يستمر غياب العدوى. فالمستثمرون يضعون تركيزهم على مفاوضات الائتلاف المقبلة التي تدور حول الموازنة، والتي يمكن أن تضع إيطاليا في مسار تصادمي مع بروكسل بشأن خططها الإنفاقية، وهي نتيجة قد تحمل أصداء مثيرة للقلق لأزمة الديون اليونانية.
أما فيما يتعلق باحتمالية عودة الديون الناتجة عن صفقات عمليات الاندماج والاستحواذ، يستعد المستثمرون في سوق القروض، للدعوة إلى الاستيقاظ في شهر سبتمبر بعد هدوء النشاط في شهر اغسطس (نظرا للإجازات الصيفية للعاملين بالقطاع)، وتم منح 11.2 مليار دولار فقط من القروض الجديدة في أغسطس، وهي أقل قيمة منذ فبراير 2016، ولكن سبتمبر يعد بالعودة إلى الانفاق على عمليات الاندماج والاستحواذ التي ميزت معظم أوقات العام الحالي.