50% نمواً متوقعاً فى التبرعات نتيجة زيادة الإفصاح والشفافية
المتبرعون يشككون فى طريقة إنفاق أموالهم
إدارة الأصول تحتاج الاعتماد على بيوت الخبرة المالية
تشديد الرقابة على مدير الاستثمار لحماية أموال المتبرعين
2.9 مليار إسترلينى عائدات استثمار تبرعات بريطانيا خلال 2017
يمكن أن يشكل تطوير استراتيجية استثمارية مخاطرة على أموال المتبرعين، خاصة إذا كانت المؤسسة الخيرية تغامر فى هذا النوع من النشاط المالى للمرة الأولى، ولكن من خلال اتباع الإجراءات المناسبة، والحصول على مساعدة الخبراء يمكن تطوير استراتيجية تحقق عوائد جيدة لصالح الفقراء.
وفى بريطانيا، على سبيل المثال، تولد الاستثمارات إيرادات تبلغ حوالى 2.9 مليار جنيه إسترلينى لأفضل 5 آلاف مؤسسة خيرية وفقاً لمؤشر Charity Financials Investment Spotlight لعام 2017 – ليصل العائد على الاستثمار إلى 2.91٪.
ويقول جيمس برينان، مدير الاستثمار فى شركة راثبون لإدارة الاستثمار، إنه بعد عقد من العوائد الهزيلة من الودائع النقدية اتخذت العديد من المؤسسات الخيرية قراراً بحصر الاحتياطيات النقدية طويلة الأجل واستثمارها لتوليد عائدات أعلى.
*فهم التزامات الجمعيات الخيرية القانونية
الخطوة الأولى لتطوير استراتيجية الاستثمار هى فهم التزامات المؤسسات الخيرية القانونية، فغالباً ما تحد قوانين الجمعيات الخيرية من صلاحيات مجلس الأمناء للاستثمار، وبالتالى يجب عليهم ممارسة الرعاية والمهارات عند اتخاذ قرارات الاستثمار واختيار الاستثمارات المناسبة لمؤسساتهم الخيرية.
والأهم من ذلك، يجب التحقق من الوثائق الحاكمة، مثل النظام الأساسى، لمعرفة الاستثمارات المسموح بها وما إذا كانت هناك قيود مفروضة، عندها فقط يجب اتخاذ القرارات حول كيفية ملاءمة الاستثمارات للخطة والأهداف المالية العامة للمؤسسة.
وتوصى لجنة العمل الخيرى البريطانية فى دليل للجمعيات الخيرية، بصياغة سياسة مكتوبة بصرف النظر عن حجم المنظمة أو استثماراتها وتحديد إطار لقرارات الاستثمار، ما يساعد على إدارة موارد المؤسسة بشكل فعال، وإظهار نموذج جيد من الحوكمة.
ويرى برينان، بحسب تقرير مجلة “تشارتى مانجمنت”، أن فهم طبيعة المال المتاح للاستثمار وما هو محظور التعامل عليه أمر مهم، فهناك اعتبار آخر يجب التركيز عليه فى الاستراتيجية الاستثمارية وهو النطاق الزمنى.
ولمعرفة الإطار الزمنى المناسب يجب طرح الأسئلة حول أهداف الاستثمار ورأس المال المطلوب فى المدى القصير أو طويل الأجل فهذه الحقائق سوف تشكل عملية الاستثمار وتحدد مستوى المخاطر.
فى عام 2017، تراوح حجم الاستثمارات التى قامت بها مؤسسات خيرية بريطانية من 1000 جنيه إسترلينى فقط إلى 22.3 مليار جنيه إسترلينى.
وكان ما يقرب من نصف تلك الجمعيات المدرجة فى المؤشر تمتلك أصولاً استثمارية تبلغ قيمتها أقل من 5 ملايين جنيه إسترلينى، والتى تصل مجتمعة إلى 3 مليارات جنيه إسترلينى تدر دخلاً قدره 323 مليون جنيه إسترلينى.
ومع ذلك، وعلى الرغم من نمو الأصول الاستثمارية بنسبة مذهلة بلغت 63% منذ أن بدأت تتعافى من الأزمة المصرفية عام 2008، فقد شهدت 52% من المؤسسات الخيرية انخفاضاً فى قيمة أصولها، وهذا يعنى أنه من الضرورى الأخذ فى الاعتبار مقدار الاستثمار، وأين يتجه تحسباً للمخاطر.
ويسمح للجمعيات الخيرية قانوناً فى الغرب باستثمار أموالها فى أى شىء تتوقع الاحتفاظ به أو زيادته مثل الودائع النقدية أو الأسهم أو العقارات أو صناديق الاستثمار المشتركة بحسب المبلغ الذى يمكن، ويجب أن يجرى استثماره وفق الأطر والأهداف الاستثمارية، لكن المهم هو أن هذه الاستثمارات تضمن أفضل عائد مالى ممكن، وفقاً لمستوى المخاطر الذى يعتبر مقبولاً من قبل مجلس أمناء الجمعية.
ويوجد العديد من الخيارات المتاحة، على سبيل المثال محفظة أصول دفاعية ومحفظة حذرة ومحفظة متوازنة ومحفظة نمو مستدام ومحفظة أسهم عالمية.
ويوصى الخبير الاقتصادى، البروفيسور “جون كاى” باستراتيجية التنويع لإدارة المخاطر فى حديثه بمحاضرة بمؤسسة “كيزنوف الخيرية” حول الاستثمار، وقال “لا تتجنب الاستثمارات الخطرة، ولكن يجب إنشاء محفظة متنوعة تتضمن فئات الأصول العريضة”، كما ينصح بالتفكير على المدى الطويل؛ لأنه لا يمكن معرفة ما سيحدث فى المستقبل، ولا يمكن التأكد من النتيجة، ولكن كلما زاد الأفق الزمنى زاد احتمال تحقيق عوائد من الأصول الحقيقية.
*البحث عن استراتيجية منخفضة التكلفة
تعتبر التكلفة، أيضاً، أحد الاعتبارات المهمة عند الاستثمار وكثير من صناديق إدارة الأصول غالباً ما يكون لديها الحد الأدنى من الاستثمار الأولى لعدة ملايين من الجنيهات فى صورة محفظة أصول منفصلة مصممة خصيصاً للظروف الفردية للعميل وأهدافه وحسب تحمله للمخاطرة، فى حين أن خيار الدخول فى محفظة أصول مجمعة من عدة عملاء هو طريقة لخفض تكلفة الاستثمار.
لكن من حسن حظ الجمعيات الخيرية، فإنَّ صناديق إدارة الأصول المتخصصة فى إدارة أموال الوقف الخيرى تقدم خيارات متعددة، وأهمها الاستثمار فى العقارات التجارية بالمملكة المتحدة، وهى متاحة عادة باستثمار لا يقل عن 10 آلاف إسترلينى، بحيث يمكن الوصول إلى كل من المؤسسات الخيرية الكبيرة والصغيرة مع توفير إدارة مبسطة للأصول بمزايا أخرى مثل تقديم التسعير اليومى، والأرباح الربعية.
وبالنسبة لأولئك الذين يشرعون فى هذه الساحة لأول مرة أو الذين ينتمون إلى مؤسسة خيرية صغيرة، فإنَّ تبسيط الإدارة أمر يجب مراعاته فى ظل محدودية الموارد الخيرية فى كثير من الأحيان خاصة المتاحة للاستثمارات فكلما كانت الاستراتيجية أكثر تعقيداً كان ذلك أكثر تكلفة وأصعب فى الإدارة.
*جهات يمكنها مساعدة الجمعيات الخيرية فى إدارة الأصول
عادة لا يمتلك مجلس أمناء الجمعيات الخيرية المهارات والخبرات اللازمة فيجب أن تأخذ النصيحة من شخص ما مثل شركات إدارة الاستثمار ويجب عليها التأكد من أن أى نصيحة تتلقاها محايدة.
وتعتبر عملية اختيار مدير الاستثمار عملية مهمة فى حد ذاتها فهناك مئات الشركات تدير الاستثمار لأفضل 5 آلاف مؤسسة خيرية فى بريطانيا على سبيل المثال بخلاف مكاتب الاستشارات المتخصصة فى خدمة المؤسسات الخيرية.
ويجب أن تبحث الجمعيات الخيرية عن مستشار يقدم المشورة من خلال مدراء مختلفين فى الخدمات والمرافق مثل إدارة الأداء والوصول عبر الإنترنت والحساب والتقارير التنظيمية وإعداد تقارير العملاء.
وإذا لجأت الجمعية إلى شركات إدارة الاستثمار فيجب أن يكون لديها أيضاً اتفاقية قانونية معها ويجب أن تتطلب هذه الاتفاقية من مدير الاستثمار ما يتماشى مع سياسة الاستثمار فى المؤسسة الخيرية، ويجب على مجلس الأمناء مراقبة أداء المدير بشكل منتظم ومع ذلك، يجب أن يكون هناك أيضاً عنصر الثقة.
كما يجب أن يتمتع مدير إدارة الاستثمار فى المؤسسات الخيرية بمواصفات معينة بحيث تجعل العلاقة تعمل بما يرضيها وهذا يتطلب وضع قائمة طويلة من المرشحين المحتملين ومطالبتهم بتقديم اقتراحات قبل وضع قائمة قصيرة يجرى دعوة أعضائها من المديرين للحضور وتقديم أنفسهم شخصياً لمناقشة خططهم ومدى ملاءمتها لطبيعة المؤسسة.
ولا يبدو أن هناك صيغة سرية لاختيار المؤسسة الخيرية المفضل لاستثماراتها أو مديريها، لكن يوجد دائماً عنصر مشترك واحد وهو الثقة فالقليل من النزاهة يقطع شوطاً طويلاً من العمل.
ويجب وضع مدير الاستثمار تحت الملاحظة بداية من طرحه لمعالجة قضية معينة وفى حال ملاحظة أن هناك شيئاً خاطئاً يجب مقارنة ذلك بتصرفات آخرين فى مواقف مشابهة.
وفى النهاية، فمجلس الأمناء مكون من بشر أيضاً ولا يقدرون أن يقيسوا أداء مدير للاستثمار يبدأ فى طرح المصطلحات الفنية مثل الملاءة المالية والعائد بالنسبة للمخاطر… إلخ عندما يتم سؤاله عن استثمار ضعيف الأداء.
ويجب ألا يستغرق الأمر أسابيع لاكتشاف الخطأ وتحديد ما إذا كان المدير لا يرقى إلى مستوى العمل المطلوب، خاصة أنها أموال متبرعين وليست أموال مستثمرين، ويجب أن تذهب العائدات للفقراء، ولذلك فإن السؤال الأول هو، هل تغير أى شىء؟ والإجابة عنه تكون من خلال ملاحظة الناس والأداء والقدرة على التفاهم المتبادل.
كما أن ملاحظة الأشخاص مهمة لمعرفة نقطة الضعف فى فريق العمل سواء المراقبين أو مدير الاستثمار نفسه وقد تلجأ الجمعية الخيرية لخطوة رائعة وهى تغيير عضو رئيسى فى لجنة العمل ما قد يغير بشكل كبير الديناميكية فى الاجتماعات والعلاقة مع مدير الاستثمار.
وقد يكون العضو أو الأعضاء الجدد فى لجنة الاستثمار لديهم أساليب أو وجهات نظر مختلفة وربما تغير الشكل الفعلى للجنة من حيث تفكيرها نتيجة لذلك، وإذا كان هذا هو الحال فالشعور بعدم الارتياح ينتشر بين الأمناء وقد يكون من المفيد أن يجتمعوا ويبحثوا عن التغيير المطلوب.
وبالنسبة لقياس الأداء يحتاج الأمر لنظام عمل صارم يدقق فى نتائج العمل، وطالما أن النتائج سيئة فالأداء ضعيف وهو أمر خطير، خاصة إذا كان المدير قد وضع خطة استثمارية لمدة من 3 إلى 5 سنوات، ما يعنى أن الأثر السلبى سيمتد لوقت طويل، وفى هذه الحالة التغيير السريع مطلوب.
وفى هذه المرحلة، من المفيد مقارنة أداء صندوق المؤسسة الخيرية بمقاييس مجموعات المؤسسات الأخرى لضمان أن تكون توقعات مجلس الأمناء على نفس مستوى المخاطر.
وإذا ترجمت مخاوف المؤسسة الخيرية إلى فقدان كل الثقة فى مدير الاستثمار فسيحتاج الأمر إلى اتخاذ مسار عمل مختلف، ويجب أن تراجع المؤسسة ما تتطلبه من استثماراتها، وأن تسعى إلى وكيل آخر يدير لها الاستثمارات.
وعلى صعيد التفاهم المتبادل، فقد تشعر المؤسسة الخيرية بأنها تتلقى خدمة سيئة وقد يكون السبب فى ذلك هو أن مدير الاستثمار لم يحضر اجتماعاً مؤخراً، ولا يرد على رسائل البريد الإلكترونى أو المكالمات الهاتفية فى الوقت المناسب وقد يشعر هو أنه لا يتم الاستماع إليه بشكل جيد من مجلس الأمناء.
وغالباً ما يكون هناك تذمر، لكن الطريقة التى يتفاعل بها مدير الاستثمار مع مخاوف الجمعية ستمكنها من تحديد ما إذا كان هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات.
وتعتبر المؤسسة الخيرية هى العميل بالنسبة لمدير الاستثمار، وبالتالى فلديها القدرة على اتخاذ الإجراء المناسب للانتقال إلى أى مكان آخر تشعرت أنها ستحصل فيه على الخدمة أو الأداء الذى تعتقد أنها يجب أن تحصل عليه.
*تبنى سياسات شفافة يزيد التبرعات 50%
يمكن للجمعيات الخيرية زيادة المساهمات بنسبة 50 % تقريباً إذا كانت أكثر شفافية حول كيفية إنفاق المال، وفقاً لدراسة منظمة “جيفتكوين” المتخصصة فى سلاسل التوريد.
وكشفت دراسة استقصائية أجريت على أكثر من 2000 مستهلك من قبل الشركة أنه من خلال الانفتاح، يمكن للجمعيات الخيرية زيادة التعهدات وتطوير علاقة أوثق مع الجهات المانحة.
ووجدت الدراسة، أن المستهلكين يعتقدون أن حوالى نصف تبرعاتهم تذهب فى الواقع إلى الدول التى تتعامل معها المؤسسة الخيرية؛ حيث يعتقد معظمهم أن الرواتب وإيجار المكاتب يستوعبان الكثير من أموالهم.
وكشفت النتائج، أيضاً، أنَّ المملكة المتحدة هى أمة من المحظوظين الخيريين؛ حيث إن 81 % من المستهلكين يتبرعون للجمعيات الخيرية خلال الأشهر الاثنى عشر الماضية، ويبلغ متوسط التبرع 67 جنيهاً إسترلينياً.
ومع ذلك، يعتقد المستهلكون، أن النفقات العامة تستوعب ما يقرب من نصف تبرعاتهم، ويعتقد الكثيرون أن معظم الأموال تذهب إلى الموظفين وإيجار المكاتب والإعلان.
ونظراً إلى خيار المزيد من الشفافية من قبل المؤسسات الخيرية حول الأماكن التى يتم فيها إنفاق التبرعات، فإنَّ متوسط الزيادة فى عدد المستهلكين المعلن عنها كان 49% ، فى حين أن واحداً من كل ستة سيضاعف تبرعهم أو أكثر.
وقال أليكس هاورد، المؤسس المشارك لشركة “جيفتكوين”، إن النتائج تقول إن المستهلكين يعتقدون أن نصف تبرعاتهم فقط تذهب بالفعل إلى القضية التى يدعمونها، فالرواتب وتكاليف المكتب تستوعبان أكثر من اللازم، وهو اعتقاد مخيب للآمال يجب على القطاع الخيرى الآن تغييره.
أضاف أن الوقت حان لأن تفتح الجمعيات الخيرية دفاترها، وتصبح أكثر شفافية فى الوقت الذى يشد فيه الجميع أحزمته؛ حيث تحتاج المؤسسات الخيرية إلى التكيف مع رغبات المستهلكين لتحقيق النجاح.








