شهدت المدن الصناعية الكبرى فى بريطانيا وفرنسا مثل “مانشستر” و”ليون” احتجاجات عمالية عنيفة فى القرن الـ19 ضد تزايد دور الآلات الحديثة فى المصانع على حساب العمال، حيث ساد اعتقاد بأنها ستؤدى إلى تسريحهم من وظائفهم.
ومنذ ذلك الوقت باتت الطبقات العمالية تنظر لأى تطوير صناعى وتكنولوجى على أنه تهديد لوجودهم، ويتكرر المشهد الآن حيث يتحدث البعض عن أن أتمتت العمل فى المصانع يعنى الاستغناء عن العنصر البشرى، لكن التاريخ يقول إن التطور التكنولوجى كما يؤدى إلى اختفاء بعض الوظائف ينجم عنه أيضاً وظائف جديدة، لكنها تحتاج لمهارات أفضل وبطبيعة الحال يتكيف العالم مع الوضع الجديد.
وحين تنظر النقابات العمالية إلى التكنولوجيا على أنها تهديد لدورها ولحقوق العمال من أعضائها يبدو أن الوقت قد حان للبحث فى سبل الاستفادة منها لدعم حقوق أعضائها ومساعدتهم فى الدخول بعملية تطوير ذاتية للتأقلم مع الأوضاع الجديدة فى سوق الوظائف الذى بات يبحث عن الابتكار والإبداع أكثر من أى شىء آخر.
يطلق “يورج سبرايف” ابتسامة النصر الألمانية، لكنها لا تخفى شخصيته الجادة أو التهديدات الواضحة بالدعوة لإضراب أعضاء اتحاد يضم مالكى قنوات الفيديوهات الشهيرة على موقع “يوتيوب” المملوك لـ”جوجل” حالياً.
قال “سبرايف” محتجاً على تعطيل ظهور الإعلانات على قنواتهم “إذا توقفوا سنوجه لهم ضربة مؤلمة”، ويدير “سبرايف” قناة تقدم فيديوهات عن الأسلحة باسم “The Slingshot Channel”، والتى تضم أكثر من 2 مليون مشترك.
وهو أيضًا مؤسس اتحاد مستخدمى “يوتيوب” وفيه أكثر من 16 ألف عضو، حيث أطلقه فى شهر مارس بعد توقف شركة “يوتيوب” عن عرض الإعلانات بجانب العديد من مقاطع الفيديو الخاصة به وآخرين وذلك بعد ضغوط من المعلنين.
وتسبب ذلك الإجراء فى انخفاض دخله من 6500 دولار إلى 1500 دولار فى الشهر، ويمثل المطلب الرئيسى للاتحاد فى وقف الانتقائية عند عرض المواد الإعلانية.
لا تتطلب العضوية فى هذا الاتحاد سوى الاشتراك بمجموعة على “فيس بوك”، لكن من غير المحتمل أن يستجيب الأعضاء الآخرين لدعوته لإزالة محتواهم من يوتيوب إذا لم يخضع لرغباته.
وتقول مجلة “إيكونوميست” فى تقريرها إنه رغم انخفاض التوقعات حيال نتائج عمل هذا الاتحاد الافتراضى لكنه يرمز إلى مرحلة جديدة من التفاعل بين التقدم التكنولوجى والقوى النقابية فى وقت تعانى فيه الاتحادات العمالية من حالة تدهور طويل الأمد بجميع أنحاء العالم الغنى لعقود من الزمان لأسباب فى مقدمتها التغيرات التكنولوجية.
والآن، قد تساعد التكنولوجيا مثل وسائل التواصل الاجتماعى والذكاء الصناعى فى تنظيم العمل النقابى للدفاع عن الحقوق العمالية من جديد.
وسائل التواصل الاجتماعى تعيد ربط عناصر الحراك العمالى
جيل الناشطين الجدد يعيد تنظيم العمل النقابى
اتحادات العمال الرسمية تلجأ للمواقع الإلكترونية لإحياء دورها
دور تاريخى للتطور التكنولوجى فى علاج ثغرات العمل النقابى