أعلن إزيكيل لول جاتكوث، وزير البترول فى جنوب السودان، أن تحسين العلاقات مع السودان سيساعد على إعادة إنتاج البترول الخام إلى المستويات التى وصل إليها عند استقلال بلاده، مما يرفع الضغط على اقتصاد البلدين المعتل.
وتشير نبرة التعاون إلى تحول واضح في الدولتين، اللتين خاضتا حرباً استمرت لعقود، مما يشير إلى دفعة محتملة لشركات البترول الآسيوية الكبيرة التى استثمرت بكثافة فى جنوب السودان فقط لرؤية الإنتاج المعرقل بسبب عدم الاستقرار.
وقال جاتكوث، في حوار أجراه مع صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إنه ونظيره السودانى قد تلقيا تعليمات من قادتيهما للعمل قدر الإمكان من أجل استئناف وزيادة الإنتاج.
خاض جنوب السودان حربا دامت لـ 20 عاما للاستقلال عن السودان إلى أن انفصل في عام 2011، ولكن مصير اقتصاد البلدين لايزال مرتبطاً بشكل وثيق، فقد ساعد الاستقلال إلى أخذ جنوب السودان نحو 3 أرباع احتياطيات السودان المؤكدة من البترول، أي حوالي 350 ألف برميل يومياً، ولكنها لاتزال تعتمد على خطى أنابيب سودانيين طولهما 1000 ميل لتصدير البترول الخام عبر البحر الأحمر.
في عام 2012، تدهورت العلاقات بين الدولتين إلى درجة قادت جنوب السودان إلى إيقاف الإنتاج بعد عدم الموافقة على رسوم استخدام خط الأنابيب، ولكنها وافقت بعد ذلك على سداد 24.10 دولار للسودان أي حوالى 39% من السعر الحالي للبترول الخام كرسوم عبور ورسوم خطوط الأنابيب والتعويضات بموجب ترتيبات مالية انتقالية.
واستأنف جنوب السودان الإنتاج في عام 2013، ولكنه توقف بعد فترة وجيزة عندما انجرف إلى صراعات داخلية مع قوى المعارضة، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج في بعض حقول البترول وتوقف الإنتاج في حقول أخرى.
وأوضحت “فاينانشيال تايمز” أن تخفيض عائدات البترول كان له تأثير كبير على جانبي الحدود، خاصة في السودان التي عانت من انخفاض قيمة عملتها بنسبة 85% العام الماضي، مما آثار في العام الماضي احتجاجات مناهضة للحكومة تهدد قبضة الرئيس عمر البشير على الحكم لمدة 30 عاما.
ويرى المحللون أن قرار إعادة بناء العلاقات والسماح بتدفق البترول من جديد يعد ردا مباشرا على مثل هذا التهديد، الذي كان أيضا سببًا رئيسيًا في ظهور البشير كوسيط مفاجئ لجلب الأطراف المتحاربة في جنوب السودان إلى اتفاق سلام العام الماضي.
وقال جيمس أوكوك، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية السياسية في جوبا، إن البشير توسل إلى المنطقة للسماح له بالوساطة في هذا الاتفاق، لأنه كان بحاجة ماسة إلى استعادة عائدات بترول جنوب السودان.
وأوضحت الصحيفة أن العلاقات المحسنة عبر الحدود شهدت بالفعل زيادة فى الإنتاج، كما أنها ستكون مصدر راحة بالنسبة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية وشركة بتروناس الماليزية وشركة البترول والغاز الطبيعى الهندية، التى تدير الحقول المنتجة للبترول فى جنوب السودان من خلال مشروعين مشتركين.
وقال جاتكوث إن الشركات كانت تأمل في البداية بمضاعفة الإنتاج إلى 260 ألف برميل يوميا بنهاية عام 2018، ولكن التأخير في التشغيل أشار إلى أن إجمالى الإنتاج اليومى لايزال ثابتاً عند 170 ألف برميل، مضيفاً أن خطة استئناف الإنتاج فى حقل “مالا النفطى” فى مايو المقبل ستضيف 20 ألف برميل أخرى، على أمل رفع إجمالي الإنتاج اليومي مرة أخرى إلى 350 ألف برميل بحلول نهاية العام.
وقال منصور محمد، مدير الأبحاث في قطاع التنقيب عن البترول في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء: “مازلنا متفائلين بحذر بشأن التوقعات الخاصة بجنوب السودان، ولكن الإنتاج سيستغرق بعض الوقت للارتفاع مجدداً”، مشيرا إلى أن اﻷمن سيكون الشاغل الأساسى للمشغلين فى جنوب السودان، لذا يجب أن تعقد صفقة السلام.
