بقلم: أندى موخرجى، كاتب مقالات رأى يغطى الشركات الصناعية والخدمات المالية.
ينتظر السنغافوريون بعض الأنباء الجيدة. فبعد قرار البنك المركزى تحويل 45 مليار دولار سنغافورى (33 مليار دولار) إلى مؤسسة حكومة سنغافورة للاستثمار أى صندوق الثروة السيادى للجزيرة، قد تتأجل زيادة مقررة فى ضريبة الاستهلاك.
وقالت هيئة النقد السنغافورية، فى بيان الأسبوع الماضى، إنَّ احتياطيات النقد الأجنبى البالغة 404 مليارات دولار سنغافورى أكبر مما تحتاجه لإدارة الدولار المحلى أمام سلة من عملات الشركاء التجاريين (تستخدم هيئة النقد السنغافورية سعر الصرف بدلاً من أسعار الفائدة لضبط التضخم فى اقتصادها المفتوح).
ووفقاً لحسابات البنك المركزى السنغافورى، يجب أن يحتفظ باحتياطيات رسمية تبلغ 65% من الناتج المحلى الإجمالى للحفاظ على السياسة النقدية والاستقرار المالى، وفى الوقت الحالى، يحمل «المركزى» 82%، وبالتالى سيعطى هيئة النقد 45 مليار دولار سنغافورى. ولا يعلم أحد على وجه الدقة، مصدر إيرادات الصندوق السيادى، وكل ما كشفته السلطات هو أن المحفظة، التى تتكون من استثمارات فى مجموعة واسعة من فئات الأصول والأدوات خارج سنغافورة، تبلغ قيمتها أعلى بكثير من 100 مليار دولار.
وحتى فى عام 1997، عندما شهد جيران سنغافورة، وهى ماليزيا وإندونيسيا وتايلاند، انهياراً فى أسعار الصرف لديها، ظل الدولار السنغافورى صامداً، ولم يتمكن المضاربون من معرفة مدى عمق جيوب الصندوق السيادي، والآن تم تزويد هذه الجيوب بـ33 مليار دولار أخرى.
وتعد مؤسسة حكومة سنغافورة للاستثمار، مستثمراً طويل الأجل، ومهمتها تحقيق مكاسب بطيئة من استثمارات لا يستطيع البنك المركزى الوصول إليها دون تعريض سلامة الاقتصاد والسيولة للخطر (ويُعتقد أن الاحتياطيات الأجنبية يتم ركنها فى الأوراق المالية منخفضة العائد مثل سندات الخزانة الأمريكية).
وتتضمن المحفظة المرجعية للصندوق السيادى، والتى تعكس المخاطر التى تستعد الحكومة لتحملها، تحقيق عائد اسمى مقوم بالدولار بنسبة 5.7% فى 20 عاماً، وفى محفظتها الحقيقية، أعلنت مؤسسة حكومة سنغافورة للاستثمار فى أحدث تقاريرها عائداً دولارياً بنسبة 5.9% على أساس 20 عاماً، وعائداً حقيقياً معدلاً وفق التضخم عند 3.4%.
وفى عالم ينخفض فيه التضخم وأسعار الفائدة منذ وقت طويل، يعتبر العائد بنسبة 4% بعد خصم الرسوم والمصروفات، عائداً محترماً، وعلى افتراض أن هذه النسبة هى ما يتوقع الصندوق تحقيقها، فإن تحويل نصف هذا المكسب إلى الحكومة يعنى مساهمة سنوية فى الموازنة تبلغ 660 مليون دولار. ولكن ما أهمية تلك الـ660 مليون دولار التى تعادل حوالى 990 مليون دولار سنغافورى؟ انظر إلى الزيادة المقبلة فى ضريبة السلع والخدمات، والتى تم رفعها آخر مرة إلى 7% فى 2007، وتوقع كثيرون أن يتم الإعلان عن الزيادة المقبلة العام الماضى.
ولكن وزير المالية هينج سوى كيت أجلها، وقال إنها سوف تحدث بين 2021 و2025، مرجحاً أن تكون فى الجزء المبكر من نطاق السنوات اﻷربع.
ومن المتوقع أن تحصل الحكومة على 11.69 مليار دولار سنغافورى من ضريبة السلع والخدمات فى العام المالى الحالى، وعندما يتم رفعها فى النهاية، سيتراجع الاستهلاك قليلاً أو ينهار وفقاً للأوضاع الاقتصادية السائدة حينها، وبالتالى، لماذا تتحمل الحكومة مثل هذه المخاطرة قبل أن تكون ضرورية للغاية؟ وبالنسبة للحكومة، لا يعد رفع الضرائب بنسبة 2% ما قد يقلص الاستهلاك بحوالى 15%، طريقة جيدة لجمع مليار دولار سنغافورى فى صورة إيرادات إضافية، خصوصاً عندما يمكن الحصول على 90% من هذا الرقم من التحويل الجزئى لاحتياطيات البنك المركزى لصندوق الثروة السيادى.
وإذا تم تأجيل الزيادة فى ضريبة الخدمات والسلع لمدة عام أو اثنين آخرين، فسترتفع ثروة السنغافوريين بشكل دائم، ويتعين عليهم شكر صندوقهم السيادى على ذلك.
إعداد: رحمة عبدالعزيز.
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج».