النشاط يسجل أدنى مستوياته منذ 7 سنوات مع انتشار التباطؤ فى أوروبا وآسيا
ازداد ركود التصنيع حول العالم الشهر الماضى، حيث أظهرت بيانات من جميع أنحاء العالم مدى تأثير الصراع التجارى بين الولايات المتحدة والصين على النمو، وانخفض مؤشر التصنيع العالمى من قبل شركة “آى إتش إس ماركيت” وبنك “جى بى مورجان” فى يونيو الماضى إلى أدنى مستوياته منذ عام 2012 مع تراجع الطلبيات الجديدة بشكل حاد وانخفاض التفاؤل بشأن الاستثمار بأدنى مستوى على الإطلاق.
وتشير القراءة الشهرية لانخفاض المؤشر ليسجل 49.4 نقطة فى يونيو مقارنة بـ49.8 نقطة خلال شهر مايو بعد أن سجلت معظم الشركات تراجعًا فى الإنتاج، وارتفعت الأسواق العالمية يوم الاثنين الماضى بعد أن التقى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بنظيره الصينى شى جين بينغ، فى قمة “مجموعة العشرين”، حيث توصلا إلى اتفاق لاستئناف المحادثات التجارية وتخفيف القيود للتعامل مع شركة “هواوى” العملاقة للتكنولوجيا.
ولكن البيانات الاقتصادية أعطت تذكيراً قوياً للضرر الناتج عن المواجهة المطولة بين أكبر اقتصادين فى العالم والتصعيد الأخير فى التوترات التجارية.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن سلسلة من البيانات الأخرى عززت الأداء السيئ للشركات المصنعة فى جميع أنحاء العالم، وفي الصين، عانت الصناعة من الانتكاسة بعد 3 أشهر من النمو، حيث تراجع مؤشر مديرى المشتريات فى البلاد.
وقالت إليانور أولكوت، الخبيرة الاقتصادية بشركة “تى إس لومبارد” الاستشارية، إن الانخفاض فى الطلبيات الجديدة يشير إلى تباطؤ الاقتصاد المحلى الصينى بالإضافة إلى تأثير الرسوم الجمركية على صادرات البلاد.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تشتد فيه المعاناة فى الاقتصاديات الأخرى بالمنطقة الآسيوية، حيث سجلت كوريا الجنوبية التى يُنظر إليها غالبًا على أنها رائدة عالمية أكبر انخفاض سنوى فى الصادرات لمدة 3 سنوات ونصف خلال يونيو الماضى.
وفى الوقت نفسه، انخفض مؤشر “تانكان” اليابانى لكبار المصنعين إلى أدنى مستوى له منذ عام 2016 مما يعكس التباطؤ فى أسواق التصدير الآسيوية الرئيسية.
وكانت الصورة قاتمة فى منطقة اليورو، حيث أبلغت غالبية الشركات المصنعة فى جميع الاقتصادات الكبيرة بالمنطقة باستثناء فرنسا عن انخفاض الإنتاج.
وفى المملكة المتحدة، تفاقمت مشاكل القطاع بسبب عدم اليقين المتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى حيث هبط مؤشر النشاط الذى تصدره شركة “آى إتش إس ماركيت” إلى أدنى مستوى له منذ عام 2013.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الولايات المتحدة كانت المنطقة الوحيدة التى لايزال نشاط الصناعات التحويلية يتوسع فيها، ولكن حتى هذا الاتجاه أصبح يثير القلق، حيث يشير مقياس النشاط إلى أبطأ وتيرة نمو منذ أكتوبر 2016 مع ضعف الطلبيات الجديدة.
وعلى الرغم من أن الهدنة التى تم التوصل إليها فى “مجموعة العشرين” أثارت الأمل فى الأسواق المالية، إلا أن الاقتصاديين يرون أن هناك احتمالاً ضئيلاً بحدوث انتعاش اقتصادى على المدى القريب.
وقال هولجر شميدينج، كبير الاقتصاديين فى وحدة “بلومبرج إيكونوميكس” إن التصنيع يمكن أن يستقر لأن التحفيز الصينى يشق طريقه شريطة ألا يكون هناك مزيد من التصعيد فى التوترات التجارية، لكنه أضاف أن صفقة مجموعة العشرين ليست نهاية المطاف.
وأوضح تشيتان أهيا، كبير الاقتصاديين فى “مورجان ستانلى”، أن تأثير التوترات التجارية على ثقة الشركات أصبح أكثر وضوحًا مضيفًا أن التطورات فى قمة “مجموعة العشرين” لم تكن كافية لإزالة الشكوك المحيطة بالسياسة التجارية التى كانت تعيق الاستثمار.
وكانت السلع الاستهلاكية أقل تأثراً مع دعم الطلب القوى للعمالة وزيادة الأجور فى العديد من الاقتصادات المتقدمة.
وقال كريستيان كيلر، الخبير الاقتصادى فى “باركليز”: “إننا لم نصل حتى الآن لحالة ركود لأن الاستهلاك وأسواق العمل والخدمات لم تتوقف ولكن يبدو أن التباطؤ يتركز فى التصنيع والتجارة”، لكن بعض الاقتصاديين يخشون من أن يؤدى التراجع فى التصنيع إلى خفض الوظائف وانتشاره إلى قطاع الخدمات فى العديد من البلدان.
وأشار شميدينج، إلى أن احتمال خفض أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة والمزيد من التحفيز من البنك المركزى الأوروبى، يمكن أن يدعم المعنويات ويعزز الأسواق المالية، لكن من غير المرجح أن يحدث تحول فى قطاع الصناعات التحويلية.
وتوقع الاقتصاديون فى “إيه بى إن أمرو” احتمالاً ضئيلاً لحدوث انتعاش على الرغم من الإشارات الإيجابية بعد قمة “مجموعة العشرين” التى عقدت فى اليابان الأسبوع الماضى.
وأضاف المحللون: “لقد حدثت الكثير من الأضرار الناجمة عن الحرب التجارية من حيث الانخفاض الحاد فى الثقة بالأعمال ومن غير المرجح أن تشعر الشركات بالثقة الكافية من أجل التخطيط للاستثمار من جديد”.
