تتمتع باكستان بتاريخ طويل مع برامج الإنقاذ الاقتصادى لصندوق النقد الدولى، الضرورية لمعالجة أزمات ميزان المدفوعات الخاص بها والاختلالات الاقتصادية الهيكلية.
ويبدو أن هناك الكثير من الحديث حول أوجه التشابه مع برنامج صندوق النقد المطبق فى مصر مؤخراً مع نظيره فى باكستان، لذلك وجدت صحيفة “إكسبريس تريبيان” الباكستانية ضرورة لعقد مقارنة وتحليل مؤشرات الاقتصاد الكلى لكلا البلدين وقياس النتيجة فى وضع باكستان.
سعت مصر للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار لـ3 أعوام فى 2016، وبمجرد بدء البرنامج الاقتصادى، قام البنك المركزى المصرى بتحرير سعر صرف العملة، مما رفع قيمة الدولار الأمريكى مقابل الجنيه المصرى بأكثر من 90% على الفور، وتسبب الانخفاض الكبير فى قيمة العملة المصرية، بجانب إلغاء دعم الطاقة، فى ارتفاع مستويات التضخم اﻷساسى إلى 33%.
كانت مصر تعانى من عجز مالى نسبته 12.5% من الناتج المحلى الإجمالى، وبلغ عجز الحساب الجارى 14.5 مليار دولار تقريباً في العام المالى 2016-2017، كما وصلت أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها البالغة 19.25% فى يوليو 2017.
وقالت الصحيفة، إن مصر سجلت تحسناً بسيطاً فى عجز الحساب الجارى، ويمكن أن يرجع ذلك إلى الانخفاض الحاد فى قيمة العملة، مما أدى إلى تعزيز التحويلات الأجنبية وتعزيز السياحة، ولكن العجز التجارى أصبح ملحوظاً بالكاد.
ولايزال العجز المالى فى مصر يزيد على 8.5% من الناتج المحلى الإجمالى، كما ارتفع مستوى الديون خلال فترة تطبيق برنامج صندوق النقد الدولى، وارتفعت احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية من 26 مليار دولار إلى 42.5 مليار دولار بسبب التخلص التدريجى من ضوابط رأس المال.
أما فى باكستان فتبلغ باحتياطيات أجنبية تقدر بنحو 10.3 مليار دولار ويصل عجز الحساب الجارى إلى نحو 4% من الناتج المحلى الإجمالى، كما أن العجز المالى يبلغ 7.2%، فى حين وصلت العجز التجارى إلى 23.6 مليار دولار فى الفترة من يوليو 2018 إلى مارس الماضى.
وقالت الصحيفة، إنه المقرر أن يؤدى تخفيض قيمة الروبية إلى جولة تضخمية أخرى، مما سيجبر البنك المركزى الباكستانى إلى رفع أسعار الفائدة إلى 15%، مقارنة بقيمتها الفعلية الحالية البالغة 13.25%.
وارجعت الأزمة الاقتصادية في باكستان إلى اعتمادها على الواردات، فهى تفتقر إلى سلة تصديرية تنافسية للسلع ذات القيمة المضافة الأعلى، حيث تمثل منتجات القطن والجلود والأرز 69% من صادرات البلاد.
فى المقابل تستورد باكستان كميات كبيرة من الآلات والإلكترونيات والمعادن والبترول، والتى تمثل جميعها نصف واردات البلاد السنوية البالغة 60 مليار دولار، ونتيجة لذلك عانت باكستان من عجز تجارى مستمر بلغ 36 مليار دولار العام الماضى.
ومن المتوقع أن يسمح برنامج صندوق النقد الحالى لباكستان بجمع بين 3 و4 مليارات دولار من خلال طرح السندات الدولارية، وهناك توقعات بإمكانية جمع الأموال من خلال التجارة فى سندات الدين، وهى ظاهرة لوحظت فى مصر التى جمعت ما يصل إلى 20 مليار دولار من شراء المستثمرين اﻷجانب لأدوات الدين المحلى.
وأوضحت “إكسبريس تريبيان”، أن شروط صندوق النقد الدولى دائماً ما تكون قاسية ويصعب ضبطها، لذا تتمتع باكستان بتاريخ طويل من الخروج المبكر من معظم برامج صندوق النقد الدولى.
وكبقية البرامج السابقة، تتمثل شروط برنامج صندوق النقد الحديث فى تقليص عجز الموازنة من خلال زيادة الضرائب غير المباشرة وزيادة تعريفات المرافق العامة والحد من خسائر الشركات المملوكة للدولة عن طريق الخصخصة، فضلاً عن إنهاء الإعفاءات الضريبية، واﻷهم من ذلك هو تحرير سعر صرف العملة.