ربما سيتعين على صناع السينما ومؤلفى الدراما قريباً البحث عن صيغة مختلفة لمشاهد المحاكمات فى أعمالهم؛ حيث يقف المحامى أمام القضاة مستعرضاً مهاراته القانونية واللغوية، ومتحدثاً بصوت جهورى لـ«السادة المستشارين».
فالتحول الرقمى فى طريقه للمؤسسات القضائية، ربما ببطء لكن بثبات، وربما نرى خلال فترة قريبة للغاية أول دعوى قضائية ترفع وتنظر ويصدر فيها الحكم عبر الإنترنت.
وتنفذ محكمة النقض عملية تطوير بالتعاون مع مؤسسات دولية، لتحسين عملية التقاضى لتكون قائمة على التكنولوجيا.
وتبلغ قيمة البرنامج 4.12 مليون دولار بتمويل من صندوق التحول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بنحو 4.12 مليون دولار، عبر البنك اﻷفريقى للتنمية ومنظمة التعاون والتنمية بجانب 2.3 مليون دولار إضافية من مؤسسات أخري، تم صرف منها 1.65 مليون دولار.
ويهدف البرنامج إلى تحسين إقامة العدل، من خلال تعزيز سيادة القانون – عبر تصميم وتنفيذ نظام آلى لإدارة القضايا لمحكمة النقض، وبناء قدرات موظفى محكمة النقض على استخدام الأنظمة الجديدة، والحد من حالات التأخير فى القضايا، وتحسين توفير الخدمات القضائية للجمهور، وسيعمل المشروع مع وزارة العدل على بناء القدرات فى صياغة التشريعات، ومن المتوقع الانتهاء من المشروع فى فبراير 2020.
وتراجعت مصر 11 مركزاً عن العام الماضى فى مؤشر إعمال القانون، واحتلت الترتيب 121 من إجمالى 126 دولة فى المؤشر الصادر عن مؤسسة مشروع العدالة العالمية.
وقال صندوق تحول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن التنفيذ الكلى لأنشطة المشروع مرضٍ إلى حد ما، وحقق تقدماً ملحوظاً منذ إطلاقه، خاصة أنه تأثر بالعديد من التعديلات الحكومية، بما فى ذلك وزارة العدل، وتعيين رئيس جديد لمحكمة النقض فى يوليو 2017.
أضاف أن تعديل فترة تعيين رئيس محكمة النقض لتصبح سنتين بدلاً من سنة واحدة، وتنصيب القاضى أحمد أبوزيد مديراً جديداً للتعاون الدولى بالمحكمة، سيكون له تأثير ايجابى على تنفيذ المشروع.
ويتقدم المكون الأول للمشروع الخاص بدعم محكمة النقض ببطء، وعُقد اجتماع تقنى مع المحكمة فى 18 يوليو 2018 فى القاهرة، وتم الاتفاق على أن تستكمل محكمة النقض الاستبيان الذى أعدته منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية لتقييم الإصلاحات السابقة والمستمرة.
أضاف الصندوق، أنه بعد قبول صندوق تحول بتمديد المشروع، تم تنظيم اجتماع تنسيقى من قبل بنك التنمية الأفريقى ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية فى سبتمبر 2018 فى القاهرة، حيث ناقشا الخطوات التالية لتنفيذ المشروع مع محكمة النقض.
واستناداً إلى هذه المناقشات، أعدت خطة عمل لتوجيه تنفيذ ما تبقى من النواتج بما يتماشى مع أولويات المحكمة، وتمت الموافقة على خطة تدريب أولية، واستمرار التدريب على اللغات، ومن المقرر أن تبدأ الدورات التدريبية لتكنولوجيا المعلومات لـ360 موظفاً فى الأشهر المقبلة.
وذكر أنه تم الانتهاء من قسم كبير من المكون الثانى مع وزارة العدل مع تحقيق نتائج جيدة بشأن الأنشطة والنواتج المخطط لها، وكان أهمها وضع دليل صياغة تشريعى مصرى وإعداده لتنفيذه من قبل أصحاب المصلحة الوطنيين الرئيسيين المسئولين عن التشريعات واللوائح بالتعاون مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وأعدت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادى تقريراً يقدم توصية للتنفيذ الفعَّال لدليل صياغة التشريعات المصرية بالاستناد إلى الممارسات الجيدة فى جميع أنحاء بلدان منظمة التعاون والتنمية فى الميدان الاقتصادى والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتمت مشاركة التقرير مع وزارة العدل ومن المقرر أن يكون صدر رسمياً عبر الإنترنت خلال الربع الأول من عام 2019.
وبدعم من بنك التنمية الأفريقى، تم التعاقد مع خبير فى تكنولوجيا المعلومات لدعم تطوير وحدة التعليم الإلكترونى ودعم تطوير أنظمة تكنولوجيا المعلومات المستخدمة من قبل قسم الصياغة التشريعية.
ويتعين على الوزارة خلال 2019 تقديم الإجابات عن استبيان منظمة التعاون والتنمية، وتوظيف استشارى للعمل على تجديد الموقع الإلكترونى، وتطوير اقتراح مفصل لنظام الإيداع الإلكترونى للملفات، وتوظيف شركة استشارية لتصميم واقتراح عمليات تجارية مبسطة لتحسين خدمات العملاء، وتكوين فريق خبراء للتحقق من صحة تقرير منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية عن خطة العمل الإصلاحية لمحكمة النقض، ووضع خطة عمل للإصلاح، وإقامة مؤتمر رفيع المستوى للكشف عن خطة العمل الإصلاحية لمحكمة النقض.
ويستهدف المكون الثالث للبرنامج، تنفيذ الإصلاحات الرئيسية لتكنولوجيا المعلومات، وبناء القدرات وإنشاء النظام الآلى لإدارة القضايا فى محكمة النقض، بهدف تقليل وقت المعالجة الذى تقضيه كل قضية، وتقليل عدد الحالات المتراكمة، وتمكين المزيد البحث الفعال والوصول السهل إلى ملفات المحكمة والأحكام.
ووافق المانحون على تمديد المشروع حتى 28 فبراير 2020 لمراعاة أى تأخير إضافى فى تنفيذ أنشطة المشروع، وبذلك يصل إجمالى تمديد المشروع إلى 2.5 سنة عن تاريخ إغلاقه الأصلى فى أغسطس 2018.
من ناحية أخرى، تستعد الحكومة ممثلة فى وزارتى العدل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتطبيق منظومة التقاضى الإلكترونى مع بداية العام القضائى الجديد، وذلك بحلول شهر أكتوبر المقبل.
وقالت مصادر قضائية لـ«البورصة»، إنه سوف يتم البدء بمحكمة القاهرة الاقتصادية، ثم المحاكم الاقتصادية الأخرى والتى تتمثل فى كل من محكمة الإسكندرية وطنطا، والمنصورة، والإسماعيلية، وبنى سويف، قنا، وأسيوط.
وأوضحت أن المنظومة الجديدة ستطبق على القضايا الجديدة المستحدثة فقط، فى حين ستستمر الدعاوى المتداولة على النظام الورقى الحالى لحين الانتهاء منها وإصدار أحكام نهائية فيها.
وذكرت أنه من المقرر تدشين موقع إلكترونى جديد تابع للمحكمة الاقتصادية، ثم يتم تسجيل العناوين الإلكترونية لجميع المؤسسات والبنوك والشركات وغيرها من مقيمى الدعاوى الذين يرغبون فى التعامل مع المحكمة على هذا الموقع.
أضافت المصادر، أنه بموجب هذا التسجيل يتمكن صاحب المنشأة أو المستثمر أو المستشار القانونى الموكل عنهم الدخول إلى موقع المحكمة وإرسال صحيفة الدعوى وجميع المستندات الخاصة بالقضية التى يرغب فى رفعها ودفع الرسوم إلكترونياً عبر الفيزا، فضلاً عن متابعة الدعوى من هذا الموقع.
وقال المستشار عمر أبوبكر، إن الهدف الأساسى من نظام التقاضى الإلكترونى الذى سيتم تدشينه خلال الفترة المقبلة هو تسهيل وتيسير الإجراءات على المستثمرين.
وأوضح أن المنظومة الجديدة تتيح للخصوم متابعة الخطوات القانونية، والاستعلام عنها فى أى وقت دون أى مشاكل أو تعقيدات.
وقال عدد من المحامين والمستشارين القانونيين الذين يتعاملون مع المحكمة الاقتصادية، إن التحول إلى التقاضى الإلكترونى خطوة مهمة، فهى تسهم فى اختصار إجراءات رفع الدعاوى.
وأضافت أن سداد رسوم الدعاوى إلكترونياً سيمنع الموظفين من تقاضى مبالغ مالية «رشاوى» لاستخراج نسخ من الأوراق وغيرها من أعمال الفساد المعتادة فى مثل تلك المؤسسات.
ولفتوا إلى أنه على الرغم من إيجابيات المنظومة، فإنه كان من المفترض أن تبدأ وزارة العدل بتأهيل وتطوير وتنمية العناصر البشرية القائمين على المنظومة قبل تفعيل التقاضى الإلكترونى؛ حتى يكون لديهم القدرة على تطبيقها بشكل صحيح لتحقيق النتائج المرجوة.
وقال محامٍ، رفض ذكر اسمه، إن هناك بعض النقاط غير الواضحة فى المنظومة، منها تأثير انقطاع الإنترنت على سبيل المثال على المواعيد القضائية، مثل الطعن أو الاستئناف.
أضاف أن قانون المحاكم الاقتصادية الاقتصادية به تعارض، فهو يلزم الخصوم بالحضور فى المحكمة كشرط لانعقاد الخصومة، بينما يتيح فى نفس الوقت التقاضى الإلكترونى، ما يجعل بطلان الدعاوى القضائية أو صحتها مسألة تقديرية بيد القاضى.
واستحدث القانون الجديد للمحاكم الاقتصادية منظومة للتقاضى إلكترونياً أمامها ﻷول مرة فى القضاء المصرى عبر موقع للمحكمة مخصص ﻹقامة وقيد وإعلان الدعاوى إلكترونياً.
ويمكن إعلان المتقاضين على عناوين بريدهم اﻹلكترونى، وقيد وإيداع صحيفة الدعوى والطلبات العارضة فيها أو التوقيع على صحيفتها أو إيداع مستنداتها ومذكراتها باستخدام التوقيع اﻹلكترونى.
ويتيح النظام للمستثمرين السداد الإلكترونى لرسوم استخدام خدمة التقاضى الإلكترونى بالمحاكم الاقتصادية والرسوم القضائية والدمغات المقررة لإقامة الدعاوى.
ووفقاً للقانون يصدر وزير العدل بالتنسيق مع وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، القرارات المنظمة للقيد فى السجل المشار إليه فى المادة «17» من القانون المرافق وتنظيم إقامة وسير الدعوى إلكترونياً وإعلانها وطرق حمايتها وربط المحاكم الاقتصادية إلكترونياً، وتلتزم الجهات ذات الصلة بتنفيذها.