قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، إن الاقتراض أسهم فى إخراج الاقتصادات من الركود الحاد الذى أصابها، ولكنه تركها مثقلة بأعباء الديون التى تصعب على صانعى السياسة رفع أسعار الفائدة، كما أنه زاد من تراجع المستهلكين والشركات عن إنفاق الأموال على سلع جديدة فى حالة ضعف الظروف الاقتصادية.
وأوضحت بيانات معهد التمويل الدولى ارتفاع مستوى الدين المستحق على الحكومات والشركات والأسر فى العالم بنسبة 50% تقريباً منذ الأزمة المالية إلى 246.6 تريليون دولار فى بداية مارس الماضى.
وفى المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، تراجع محافظو البنوك المركزية عن الزيادات فى أسعار الفائدة فى العامين الماضيين بعد تعرض المستهلكين لأضرار بشكل أكثر من المتوقع.
وفى الوقت نفسه، كان المستهلكون الأمريكيون، الذين اقترضوا لدفع تكاليف السيارات ودراستهم فى الجامعات والإنفاق اليومى، أقل تأثراً بأسعار الفائدة؛ نظراً إلى انخفاض أعباء ديونهم بشكل كبير، مقارنة بمستوى دخلهم. وقال مارك كارنى، محافظ بنك إنجلترا، فى خطاب ألقاه فبراير الماضى، إنَّ العالم فى حالة توازن دقيق، مضيفاً أن استدامة أعباء الديون تعتمد على استمرار انخفاض أسعار الفائدة والحفاظ على انفتاح التجارة العالمية.
وكان كارنى ومحافظو البنوك المركزية الآخرون يودون رفع أسعار الفائدة بشكل أكثر خلال اﻷعوام الجيدة، لمنح أنفسهم المجال لخفض أسعار الفائدة عند تباطؤ الاقتصاد، ولكن أسعار الفائدة المرتفعة أثرت على اقتصادات بلادهم بشكل أصعب مما توقع الكثيرون.
وأشارت الصحيفة اﻷمريكية إلى وجود علاقة مباشرة بين الديون وأسعار الفائدة والنمو، فارتفاع أسعار الفائدة يجبر المستهلكين والشركات، الذين يأخذون قروضاً قابلة للتعديل مثل ديون بطاقات الائتمان، على دفع المزيد من اﻷموال بشكل شهرى والحد من مستويات الإنفاق اﻷخرى.
وحتى مع القروض ذات الفائدة الثابتة، يدرك المقترضون أنهم مطالبون بدفع أسعار فائدة أعلى عند تجديد القروض، لذلك يبدأ هؤلاء المقترضون فى إدخار أموال التى كانوا يرغبون فى إنفاقها بأمور أخرى.
ولا يحتاج اﻷمر كثيراً من الوقت حتى تشعر الدول المثقلة بالديون بالتوتر، فعندما رفع البنك المركزى الكندى أسعار الفائدة فى يوليو 2017، وهى أول زيادة فى 7 أعوام، قال المسئولون، إن الارتفاع يشير إلى قوة الاقتصاد، ولكن الأسر فى البلاد كانت تقترض بشكل كبير، ما رفع ديونها بعد الضريبة إلى أعلى مستوى بين الاقتصادات الأكثر تقدماً فى العالم.
وبعد خمسة ارتفاعات فى أسعار الفائدة؛ حيث وصلت المعدلات إلى 1.75%، قال لين باترسون، نائب الرئيس السابق لبنك كندا، فى خطاب ألقاه مارس الماضى، إن تباطؤ النمو كان أكثر حدة وأوسع نطاقاً مما كان متوقعاً، ومن ثم توقف البنك المركزى الكندى عن رفع أسعار الفائدة.
بالإضافة إلى ذلك، رفع بنك إنجلترا، الذى يواجه مخاطر مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبى بجانب المخاوف المتعلقة بالنمو الاقتصادى والتجارة، أسعار الفائدة قبل أكثر من عام، ما تسبب فى معاناة الأسر والشركات من الديون.
وفى الربع اﻷول من العام الجارى، أنفقت الأسر البريطانية أموالاً أكثر مما يدخرون، ما يشير إلى ارتفاع غير مسبوق فى صافى الاقتراض، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الوطنى البريطانى.
وفى الوقت نفسه، ارتفعت حالات التعثر فى السداد باﻷعمال التجارية فى إنجلترا وويلز خلال الربع الثانى من 2019 إلى أعلى مستوياتها منذ الربع الأول من 2014، كما وصلت أسعار الفائدة قصيرة الأجل فى المملكة المتحدة إلى 0.75% بانخفاض عن 5.75% المسجلة فى يوليو 2007.








