يبدو أن موردي قطع غيار السيارات في أوروبا بصدد مواجهة أزمة حادة، بعد أن وجدوا أنفسهم في مركز التباطؤ الاقتصادي العالمي، الذي تفاقم نتيجة التحول السريع والمكلف نحو السيارات الكهربائية وإدخال المعايير الصارمة للانبعاثات في أوروبا والواردات الرخيصة من الصين.
وآثار أحد كبار رجال الصناعة في باريس تساؤلا حول الاتجاه الذي يمكن أن تسلكه الصناعة، بعد أن فقدت نحو 10% من مبيعاتها، وربما تزيد أو تقل النسبة عن ذلك، منذ يوليو الماضي.
وأفادت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن إجابات الموردين المقترحة، والتي تشمل خفضاً سريعاً وعميقاً في التكاليف والاتجاه للأعمال ذات هامش الأرباح العالي، تجبرهم على الدخول في صراع مباشر مع الموظفين والمجتمعات المحلية طويلة اﻷمد.
ووفقا لهذا الصدد، أوضح إلمار ديجينهارت، الرئيس التنفيذي لشركة “كونتيننتال” الألمانية لقطع غيار السيارات، أن هناك 20 ألف وظيفة، أي نحو 10% من إجمالي القوى العاملة البالغة 244 ألف في الشركة، في خطر على مدى العقد المقبل، نظرا لخضوع المجموعة لإعادة هيكلة جذرية.
وحذر من الأزمة الناشئة في القطاع، وتوقعت “كونتيننتال” عدم حدوث أي تحسن جوهري في سوق السيارات العالمي في الخمسة أعوام المقبلة، وبالتالي أعلنت الشركة عن خططها لوقف إنتاج أجزاء محرك الاحتراق في مصانعها في ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، ستفقد بلدة بابنهاوزن اﻷلمانية ما يصل إلى 2200 وظيفة كجزء من عملية التحول التي ستكلف بدورها المورد أكثر من 1.1 مليار يورو خلال العقد المقبل.
وفي الوقت نفسه، أعلنت شركة “ميشلان” الفرنسية المصنعة للإطارات المطاطية، إن هناك 619 موظفاً سيفقدون وظائفهم مع إغلاق مصنعها في مدينة لاروش سوريون، الذي بدأ إنتاجه في بداية السبعينات، بحلول نهاية عام 2020، بجانب إغلاق مصنع يعمل فيه 858 موظفاً في مدينة بامبرج الألمانية، كجزء من عملية مراجعة لأعمالها الأوروبية التي أصبحت أقل ربحية.

وأوضحت “فاينانشيال تايمز” أن اﻷوضاع في المصانع الفرنسية والألمانية قاتمة ﻷسباب مفهومة.
وأضاف لوران بوروت، نائب الرئيس التنفيذي للنقل البري في “ميشلان”، أن نقطة تحول السوق الأوروبى الحقيقية كانت في عام 2012 أو 2013، ومنذ ذلك الحين شهدت أوروبا زيادة في وارداتها ليس فقط من الصين، بل أيضا من المنافسين في آسيا.
ومع ذلك، تخطط الشركة الفرنسية للحفاظ على معظم أعمالها في الإطارات عالية الجودة، مراهنة على أن الصين لا يمكنها الحفاظ على قدرتها الإنتاجية المفرطة الحالية، كما أنها لا تخطط في هذه المرحلة لإغلاق أي مصانع أخرى في أوروبا.
وفي الوقت نفسه، تواجه شركة “كونتينتال” ضغوط التكلفة من المنافسين الآسيويين الجدد، ولكن أعمالها الأساسية تضطر إلى مواكبة خطط عملائها الرئيسيين- معظمهم علامات تجارية ألمانية متميزة- للتحول نحو تصنيع السيارات الكهربائية.
قال يوشين هومبورج، المسئول عن مصنع “كونتينتال” في بابنهاوزن، إن الشركة كانت تعمل بشكل جيد، ولكنها تستخدم الآن علامات الصعوبات الاقتصادية لتبرير ما كان مخططا له منذ فترة طويلة، ألا وهو نقل الإنتاج إلى أوروبا الشرقية، حيث تأمل في تحقيق هوامش ربح أعلى.
تحاول “ميشلان” و”كونتيننتال” تخفيف وقع الصدمة للعمال، حيث تجري “ميشلان” مفاوضات مع العمال حول الدعم المالي، بما في ذلك إيجاد وظائف في مواقع أخرى، في حين أطلقت “كونتيننتال” برنامجا لصقل المهارات بهدف تدريب ما يصل إلى ألف عامل سنويا للحصول على فرص أخرى، معظمها تعتمد على البرمجيات، ضمن المجموعة.








