شهد العالم فى السنوات اﻷخيرة، ظهور عدد كبير من رواد اﻷعمال الاجتماعيين، الذى أبدوا استعدادهم التام لتحمل المخاطر وبذل جهد أكبر لإنشاء مبادرات ومشاريع تهدف بشكل أساسى لخلق تغيرات إيجابية فى المجتمع، وليس السعى لتحقيق ربح فقط.
ومع ذلك، كان دائما ما يظهر نقص فى المعلومات المتاحة، عن الدول التى تشجع مثل هذا القطاع المتنامى.
وخلال 2016، تعاونت مؤسسة «تومسون رويترز»، مع برنامج المسئولية الاجتماعية للشركات التابع لمصرف «دويتشه بنك» اﻷلمانى، والذى يعرف باسم «Made for Good”، لإجراء أول استطلاع عالمى للخبراء حول الدول ذات المناخ اﻷفضل بالنسبة ﻷصحاب المشاريع الاجتماعية، ثم تكررت تجربة الاستطلاع مرة أخرى العام الحالى.
وسلطت نتائج استطلاع “تومسون رويترز”، الضوء على أوجه القوة والضعف لدى أكبر 45 اقتصادا على مستوى العالم، ومدى تغيير ذلك على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.
كما أن النتائج تمنح رواد الأعمال الاجتماعيين وواضعى السياسات والمستثمرين، البحوث اللازمة لمواصلة النقاش واستكشاف ومتابعة الطرق المبتكرة لممارسة الأعمال الهادفة إلى خدمة المجتمع.
وأوضحت النتائج، قائمة الدول التى تلعب فيها النساء وأصحاب المشاريع الاجتماعية دورا أكبر، فضلا عن المدن التى تعتبر أماكن فعالة بالنسبة للشركات التى تسعى ليكون لها تأثير اجتماعى.
واعتمد الاستطلاع على 6 مجالات رئيسية لتحديد الدول اﻷفضل بالنسبة لرواد اﻷعمال المجتمعيين، بما فى ذلك الدعم الحكومى والقدرة على جذب الموظفين المهرة ومستوى التفاهم العام، والقدرة على اكتساب الزخم وكسب العيش، وإمكانية الوصول إلى الاستثمار.
وجاءت مصر فى المركز الـ 24 عالميا، والأولى أفريقيا من بين 5 دول بالقارة ظهرت فى القائمة، إذ يسعى عدد كبير من الشباب المصرى، ممن تقل أعمارهم عن 25 عاماً، للعمل فى المؤسسات الاجتماعية.. كما أن البلاد حققت مكاسب مهمة فى إمكانية الوصول إلى الدعم غير المالى.
ولطالما كانت الولايات المتحدة قوية فى دعم رواد الأعمال الاجتماعيين، ولكنها تراجعت كثيرا هذا العام لتصل إلى المركز 32 بعد أن احتلت المركز اﻷول فى 2016، نظراً لحالة عدم اليقين السياسى التى تعانى منها البلاد.
وتعتبر كندا، البلد اﻷفضل بالنسبة لكبار رجال الأعمال الساعين لمعالجة المشكلات الاجتماعية، إذ جاءت فى المركز اﻷول ضمن تصنيف 2019، بعد أن احتلت المركز الثانى عام 2016.
وأوضحت «رويترز» أن رواد الأعمال الاجتماعيين فى كندا، نجحوا فى الاستفادة من الظروف المواتية للشركات التى تقدم سياسات حكومية جيدة وداعمة، بجانب سهولة الوصول إلى الاستثمار والمنح، وكذلك المشاركة القوية للشباب والنساء.

قال جويل سولومون، الشريك المؤسس فى صندوق «Renewal Funds»، إن كندا دولة ذات تاريخ قوى فى إعطاء الأولوية لشبكة الأمان الاجتماعى، وفرض ضرائب عادلة، كما أنها ترحب بالتعددية الثقافية، فكندا تحترم المشاريع الاجتماعية بشكل طبيعى وتتقبلها كعمل جيد.
أما أستراليا، فسجلت تحسنا ملحوظا يقدر بـ 24 مركزا فى الترتيب العام، لتصل إلى المركز الثانى بعد كندا، بدعم من السياسات الحكومية الداعمة لرواد الأعمال الاجتماعيين والبيئة المواتية للشركات التى تعمل بشكل جيد.
ويعتبر حسن مستوى فهم العامة، لما يقدمه رواد الأعمال الاجتماعيين، واحدا من اﻷمور المهمة التى شهدتها أستراليا أيضا، إذ حققت قفزة كبيرة فى هذا العام لتحتل المركز الخامس بعد أن كانت فى المركز 41 عام 2016.
وفى الوقت نفسه، تعتبر أستراليا مكانا رائعا لبدء مشروع اجتماعى قائم على التكنولوجيا، خصوصا بالنسبة لأولئك الباحثين عن استثمارات، كما أنها سجلت تحسنا كبيرا فيما يخص تهيئة بيئة إنتاجية لأصحاب المشاريع الاجتماعية، وتقديم الحكومة والعامة الدعم اللازم لهم.
وبرزت فرنسا كواحدة من أفضل الدول بالنسبة للأعمال التجارية التى تظهر مسئوليتها الاجتماعية، محرزة تقدما بمقدار سبعة مراكز لتصل إلى المركز الثالث بعد كندا وأستراليا. ولكن بشكل تفصيلى يمكن القول إن البلد اﻷوروبى كان اﻷفضل فى إمكانية الوصول إلى المنح، فى حين جاء فى المركز الثانى لإمكانية الحصول على الدعم غير المالى.
قال المدير التنفيذى لمؤسسة «Agence pour la Diversité Entrepreneuriale”، ماجد الجارودى، إن الشركات التجارية الاجتماعية أصبحت قادرة على جذب الشباب من الشركات الكبرى بسهولة كبيرة، وهو أمر كان يصعب تحقيقه قبل 10 أعوام.
لكن هؤلاء الشباب يأخذون الخبرة التى يحتاجونها ومن ثم يغيرون وظائفهم بكل سهولة، تاركين الشركات الاجتماعية دون موارد، ليصبح بذلك معدل دوران الوظائف ضخم، وتقضى الشركات الاجتماعية كثيرا من الوقت فى التوظيف بدلاً من التأثير.
وجاءت بلجيكا، ضمن أفضل خمس دول لأصحاب المشاريع الاجتماعية، إذ حصلت على المركز الرابع بفضل السياسات الحكومية القوية الداعمة لرواد الأعمال الاجتماعيين، وسهولة الوصول إلى التمويل، بفضل نمو التعلم من اﻷقران والفرص المتاحة لتطوير المشاريع بشكل أسرع وأكثر ذكاءً وقوة.
كما أنها برزت أيضا كدولة كبرى تتقاضى فيها القيادات النسائية نفس أجر الرجال.
ورغم تراجع سنغافورة إلى المركز الخامس مقارنة بعام 2016، إلا أنها احتلت المركز الأول فيما يخص السياسات الحكومية الداعمة لرواد الأعمال الاجتماعيين، كما أنها جاءت فى المركز الثانى فى إمكانية وصولها إلى التمويل، ولكنها انخفضت، فى الوقت نفسه، 17 نقطة لتصل إلى المركز الثامن عشر فى إمكانية الوصول إلى الدعم غير المالى.
بالإضافة إلى ذلك، جاءت الدنمارك ضمن الدول العشرة الأولى فى عالم رواد الأعمال الاجتماعيين، متقدمة 15 مركزا لتحصل بذلك على المركز السادس، لتصبح الدولة الإسكندنافية واحدة من أفضل الدول من حيث سهولة جذب رجال الأعمال الاجتماعيين للموظفين المهرة وحصولهم على المنح وممارسة الأعمال التجارية بدعم من الحكومة، فضلاً عن فهم العامة لما يقدمه أصحاب المشاريع الاجتماعية.
أما هولندا، فقد ساعدت السياسات المواتية، وسهولة الوصول إلى الدعم غير المالى، وسهولة التعامل مع الحكومة على تعزيز مكانتها لتصل إلى المركز السابع، بعد أن كانت فى المركز الخامس والعشرين فى 2016.
وسجلت البلاد أيضا مركزاً مرتفعاً فيما يخص اكتساب المشروع المجتمعى زخما، إذ تقدمت 26 مركز لتحتل المرتبة الحادية عشر فى هذا المجال.
وقال عضو البرلمان عن الحزب السياسى الديمقراطى المسيحى الهولندى، إيبو بروينس، إن السياسة والمجتمع الهولنديين شهدا تحولا كبيرا فى فهم المؤسسات الاجتماعية خلال العقد الماضى.
وحصلت فنلندا على مكانة عالية ضمن الدول التى يستطيع فيها رواد الأعمال الاجتماعيين، كسب عيشهم من عملهم، وسجلت البلاد مكانة بارزة فيما يخص حصول القيادات النسائية على أجر مساو للرجال، والحصول على التمويل اللازم مقارنة بما كان الوضع عليه قبل ثلاثة أعوام.
وجاءت إندونيسيا فى المركز التاسع، ويرجع الفضل فى ذلك إلى الظروف المواتية لبدء وتنمية المشروعات المجتمعية، ولكن أداءها كان سيئا فيما يخص المساواة فى اﻷجور بين النساء والرجال فى قيادات الأعمال التجارية، إذ انخفضت مكانة البلاد على هذا المؤشر من 22 إلى 32.
وقال المؤسس والمدير التنفيذى لشركة «SociopreneurID»، ديسى ألياندرينا، إن رواد الأعمال الاجتماعيين استطاعوا اكتساب الزخم فى إندونيسيا على مدى الأعوام الأربعة الماضية، فى ظل زيادة فهم العامة لمفهوم ريادة اﻷعمال المجتمعية، كما أن ذلك النوع من اﻷعمال استطاع جذب المزيد من الاستثمارات عقب تقديم الحكومة للدعم اللازم.
وفى الوقت نفسه، تراجع ترتيب تشيلى بمقدار أربع مراكز لتصل إلى المركز العاشر، ويرجع ذلك إلى انخفاض الدعم الحكومى للمشروعات الاجتماعية فى البلاد وبيئة اﻷعمال الأكثر صرامة، لكسب العيش بالنسبة ﻷصحاب المشاريع المجتمعية.
ومع ذلك، احتلت البلاد المركزين الثانى والثالث فيما يخص الحصول على الدعم المالى والدعم غير المالى.







