مع بداية العقد الزمني الجديد، أعتقد أن هناك خمسة أسئلة هامة بانتظار علماء الاقتصاد الكلي في عام 2020 وما بعده، وهي كالآتي:
السؤال اﻷول: لماذا لا نستطيع الاستفادة بشكل كامل من مواردنا الإنتاجية؟
كانت معدلات التضخم، أقل من هدف البنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% خلال معظم أوقات العقد الماضي، كما أنه يتوقع استمرار هذا الانخفاض لمدة عام أو عامين آخرين على الأقل.
ومن المؤكد أن انخفاض معدل الزيادة في الأسعار يبعث رسالة واضحة، مفادها أن الطلب ضئيل للغاية على السلع والخدمات المتعلقة بالموراد المتوفرة، خصوصا الموارد البشرية، التي يمكن استخدامها لإنتاج تلك السلع والخدمات.
لذا.. لماذا لا يستجيب “الاحتياطي الفيدرالي” للتضخم المنخفض عن طريق تخفيف السياسة النقدية، ما يسمح بتعزيز الطلب والاستفادة من الموارد المتاحة؟
السؤال الثاني: كيف يمكن للحكومات الاستفادة من أسعار الفائدة المنخفضة؟
بلغت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية ﻷجل 30 عاما ، ما يزيد قليلا على 2%، لتصل بذلك إلى حوالي نصف المستوى الذي كانت عليه قبل عقد من الزمن، وحوالي ثلث ما كانت عليه قبل عقدين.
يبدو أن الكثير من الاستثمارات العامة ستكون مربحة إذا تم تمويلها بسعر الفائدة المنخفض بشكل ملحوظ، مما يثير تساؤلا حول ما إذا كان من الضروري إصدار الحكومة الأمريكية لكثير من السندات طويلة الأجل، يحل أجل استحقاقها بعد 30 عاما أو ربما أبعد من ذلك، لتمويل زيادة الإعانات الموجهة للتعليم العالي وزيادة الإعانات الموجهة للبحوث التي تجريها الجامعات والشركات وتمويل الإنفاق على البنية التحتية مثل الطرق أو المستشفيات.
السؤال الثالث: ما الدروس التي يمكن ﻷفريقيا تعلمها من الصين؟
كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة للمليار نسمة القاطنة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء ، حوالي 1500 دولار في عام 2018، وهو نفس نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الصين عام 1998. ولكن نصيب الفرد من الناتج المحلي في الصين ارتفع بمقدار خمسة أضعاف على مدى العقدين الماضيين.
وبالتالي أثار هذا الارتفاع تساؤلا هاما يدور حول ما الدروس، إن وجدت، التي يمكن لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء تعلمها من تجربة الصين لتسجيل نفس النمو السريع؟
من جانبها، كانت الصين تعارض الاقتصاد الكلاسيكي الحديث عن طريق إجراء أنواع كثيرة من التدخلات الحكومية في اقتصادها، ولكن ما التدخلات، إن وجدت، التي ساعدت الصين في تسجيل هذا النمو السريع بشكل غير عادي؟ وهل يمكن للحكومات الفردية في أفريقيا تكرار هذا اﻷمر؟
السؤال الرابع: ما العواقب السياسية لانخفاض عدد سكان العالم؟
منذ عهد الباحث الاقتصادي توماس مالتوس، أدركنا مدى صعوبة وضع تنبؤات دقيقة وطويلة المدى حول الكثافة السكانية، ولكن أفضل التوقعات الحالية تفيد أن عدد السكان سيكون ثابتا بحلول عام 2100 نظرا لانخفاض معدلات الخصوبة، ما يعني أنه من المتوقع أن يبدأ عدد السكان في الانخفاض بعد ذلك بوقت قصير.
ويدل مزيج انخفاض معدلات الخصوبة وارتفاع متوسط العمر المتوقع على ضرورة توقع ارتفاع الكثافة السكانية في العالم بشكل أكبر بكثير في عام 2100 مقارنة بما هي عليه اليوم، ولكن هل يمكن أن تشكل الكثافة السكانية الكبيرة في العمر والآخذة في الانخفاض اﻷساس للاقتصاد الديناميكي؟ ما سياسات الاقتصاد الكلي اللازمة لضمان حدوث ذلك؟
السؤال الخامس: هل لا يزال النمو جيدا؟
من المحتمل أن يتغير المناخ العالمي، ربما بسرعة كبيرة، خلال المائة عام المقبلة، وبالتالي هل حكومات الدول المتقدمة في جميع أنحاء العالم بحاجة للعمل على إبطاء النمو الاقتصادي ومن ثم المساعدة في الحد من وتيرة التغييرات المناخية؟ وكيف يمكن بناء الدعم الشعبي الدولي اللازم لاتباع هذا النهج؟
بقلم: نارايانا كوتشرلاكوتا، كاتب مقالات رأى لدى بلومبرج
إعداد: منى عوض
المصدر: وكالة أنباء بلومبرج