الكهرباء والفائدة واستقرار العملة محفزات الاستثمار فى مصر والمغرب

تناولت الجلسة النقاشية حول قدرات دول شمال أفريقيا لاستيعاب استثمارات صناعية خلال الأعوام المقبلة، والتى أدارها دانيال سالتر، رئيس قطاع استراتيجيات الأسهم فى رينيسانس كابيتال، متسائلاً حول فرص الاستثمار فى القطاع الصناعى فى دول شمال أفريقيا.

وعلق هانى أمان، العضو المنتدب لشركة «إيسترن كومبانى»، أن هناك حالة من التعجب حول ضعف حجم الاستثمارات التى تشهدها أسواق المنطقة وخاصة السوق المصرى، والذى بات يتمتع بالعديد من المميزات والعوائد السخية للمستثمرين، واصفاً العوائد داخل السوق المصرى بـ«جنة الاستثمار».

وأوضح «أمان»، أن القيمة السوقية لشركة بحجم «إيسترن كومبانى» تعد أحد الدلائل القوية، خاصةً أنها أكبر شركة حكومية على الإطلاق، وتحولت إدارتها منذ عام تقريباً إلى القطاع الخاص بمجلس إدارة يضم العديد من المديرين ذوى الخلفيات الاستثمارية لشركات متعددة الجنسيات.

أضاف «أمان»، أن «إيسترن كومبانى» تسعى لضخ استثمارات ضخمة خلال الفترة المقبلة، ودراسة الدخول فى قطاعات مكملة لنشاطها، والتى تم الإعلان عنها الأسبوع الماضى.

من جانبه، قال هشام الخازندار، الشريك المؤسس لشركة «القلعة للاستشارات»، إنَّ الإصلاحات الاقتصادية فى مصر خلال الأعوام الماضية، تضمنت استثمارات ضخمة فى البنية التحتية رفعت كفاءة مصر بصورة كبيرة، خاصةً مع إضافة نحو 30 جيجا وات من القدرات الكهربائية، فضلاً عن تنوع مصادر الإنتاج بين التقليدية والرياح والطاقة الشمسية، بالإضافة إلى تحول مصر من سوق مستورد للمواد البترولية إلى منصة إقليمية لتداول الطاقة فى قطاع الغاز بالاستيراد وإعادة التصدير مرة أخرى.

وأشار «الخازندار» إلى الاستثمار الضخم الذى قامت به شركة القلعة، عبر شركة «المصرية للتكرير» كأكبر استثمار للقطاع الخاص فى مصر باستثمارات تجاوزت 4 مليار دولار، والذى بدأ الإنتاج بطاقته الكاملة بنهاية العام الماضى.

كما تسعى الشركة لضخ مزيد من الاستثمارات عبر شركة «طاقة عربية»، بالإضافة إلى التوسع فى شركة «مزارع دينا».

ويرى «الخازندار»، أن أسعار الفائدة ما زالت فى اتجاه هبوطى، وستشهد المزيد من التراجع خلال الفترة المقبلة مع تراجع معدلات التضخم، والذى سيشجع المزيد من الاستثمارات، فضلاً عن المبادرات التى أطلقها البنك المركزى لتشجيع العديد من القطاعات الاقتصادية داخل السوق المصرى.

كما يرى «الخازندار»، أن القوة التى اكتسبها الجنيه المصرى أمام الدولار ليست مفاجأة، وستشهد الفترة المقبلة المزيد من التراجع.

وعدَّد «الخازندار» الأسباب التى ستشجع المزيد من المستثمرين على ضخ الاستثمارات سواء البنية التحتية القوية واستقرار العملة ومعدلات التضخم وشبكات الطرق وتوفر الطاقة والكهرباء، إلى الرؤية السياسية التى تتبنى فى الوقت الراهن إتاحة المزيد للقطاع الخاص للقيام بدور أكبر فى الاقتصاد، والتى شهدت اهتماماً شخصياً من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورئيس الحكومة.

وأشار إلى ارتفاع نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلى الإجمالى من مستويات 10% قبل 5 سنوات إلى ما يقرب من 20% من الناتج.

أضاف أنه على الرغم من التأثير السلبى لتراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه على شركة القلعة، فإنَّ استقرار العملة والاقتصاد وتراجع أسعار الفائدة سوف تفيد الاقتصاد بشكل عام.

وعن تجربة القلعة للاستثمار فى أفريقيا، أوضح «الخازندار»، أن الشركة استثمرت فى العديد من الأسواق الأفريقية، سواء الجزائر وتونس، وأوغندا وكينيا وإثيوبيا، كما ستستمر الشركة فى التركيز على القطاعات الواعدة مثل التعدين واللوجستيات والطاقة، مع التركيز بصورة أكبر على الاقتصاد المصرى الذى يعد حلقة الوصل بين أفريفيا والعالم، مؤكداً تفاؤله الكبير باقتصاديات شرق أفريقيا وعلى رأسها السوق المصرى.

من جانبه، قال زهير بنانى، رئيس مجلس إدارة شركة «Label vie» المغربية، إنه برغم النظرة لمعدلات نمو الاقتصاد المغربى التى تتراوح بين 3 و 4% سنوياً، فإنَّ التجربة التى خاضتها الشركة خلال الأعوام الماضية عبر استثمار نحو 100 مليون دولار فى سلسلة متاجر التجزئة فى المغرب بنحو 15 فرعاً، توسعت الآن إلى أكثر من 100 فرع فى المغرب، فضلاً عن العديد من دول غرب أفريقيا من بينها «كوت ديفوار»، وتجاوز حجم الأعمال حالياً 1.5 مليار دولار سنوياً، وتمتلك «Label vie» العديد من الاستثمارات فى القطاع العقارى المغربى.

وأشار «بنانى»، إلى استقرار العملة وأسعار الفائدة المنخفضة وتنامى الطلب على تأسيس شركات فى المغرب من جانب معظم المستثمرين فى أوروبا وأفريقيا وآسيا، ما يجعلها قصة النجاح الأكبر فى القارة حالياً.

واستطرد نوفل بن ديفا، العضو المنتدب لشركة «REIM partners»، المتخصصة فى العقارات التجارية، أن القطاع العقارى سيأخذ الحظ الأوفر من الاستثمارات الموجهة إلى المنطقة.

تابع، أنه على الجانب الإحصائي، فإن الاستثمارات الصناعية يكون 70% من قيمة الاستثمار عقاري، فيما يستحوذ باقى الاستثمارات من تركيب خطوط الإنتاج وغيرها على الـ30% المتبقية، متوقعاً رواجاً كبيراً للقطاع العقارى التجارى والصناعى فى المغرب.

أضاف أن أى استثمار فى التعليم أو الصحة أو الصناعة أو اللوجستيات، دائماً ما يلزمه استثمار عقارى لممارسة النشاط. وأسست REIM partners أول صندوق عقارى REIT فى المغرب.

وأوضح «بن ديفا»، أنه بحسابات بدائية فإنَّ العائد على الاستثمار العقارى فى أى دولة فى أفريقيا يتراوح بين 10% و14%، وقليلاً ما تكون النسبة أقل، وفى حالة المغرب فإن تكلفة الاقتراض التى تتراوح بين 2 و2.5% مع عائد على الاستثمار العقارى يصل إلى 10% يخلق فرصاً قوية للاقتراض والاستثمار فى القطاع العقارى المغربى، وسيوفر الجاهزية للعديد من الشركات والمستثمرين للتواجد فى السوق المغربى سواء بشكل مباشر أو من خلال الصناديق العقارية المتداولة.

وقال كريم حجى، رئيس بورصة كازابلانكا، إنه تم العمل على توفير العديد من أدوات الاستثمار فى السوق المغربى خلال الفترة الأخيرة، والتى شهدت إطلاق صندوقين عقاريين، بالإضافة إلى تفعيل سوق المشتقات وتأسيس نظام التسوية CCP، فضلاً عن الشراكة مع مؤسسة S&P لإطلاق أدوات على السوق المغربى تمكن المستثمرين الأجانب من الدخول للسوق والاستثمار فى الشركات المغربية.

وتوقع «حجى»، أن تدفع برامج الخصخصة فى دول شمال أفريقيا إلى المزيد من السيولة ودخول المستثمرين الأجانب للأسواق؛ حيث تم طرح 8% من شركة الاتصالات المغربية العام الماضى كآخر المنضمين للسوق.

كما أشار «حجى»، إلى الجهود المبذولة لإطلاق برامج لتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة على القيد فى البورصة؛ حيث يضم البرنامج الحالى نحو 96 شركة مغربية تمر بـ3 مراحل تبدأ بالإعداد والتعليم على التخطيط ودراسة الجدوى، وتطبيق قواعد الحوكمة، تنتقل بعدها إلى مرحلة الجاهزية للعرض على المستثمرين، وأخيراً المرحلة الثالثة التى تكون فيها الشركات جاهزة للقيد فى البورصة؛ حيث من المتوقع قيد شركتين من البرنامج خلال العام الجارى.

وأشار «حجى»، إلى الجهود المبذولة على مستوى اتحاد البورصات الأفريقية، لتمكين شركات السمسرة فى 7 دول أفريقية من التداول لعملائها فى الأسواق السبعة، والتى تتضمن مصر والمغرب ومورشيوس، ونيجيريا وكوت ديفوار وكينيا؛ حيث تم تشكيل لجان إحداها فنية وأخرى تشريعية.

وأنهى عمرو هلال، الرئيس التنفيذى لرينيسانس كابيتال لمنطقة شمال أفريقيا، الجلسة النقاشية بأنه على مدار ساعتين تم التفاعل مع بعض أبرز السياسيين وصناع القرار وقادة الأعمال من المغرب ومصر.

وأكد الجانبان على الرؤية المتفائلة للاقتصادين، خاصة أن العديد من الفرص لم تستغل بعد.

وأشار «هلال» إلى أن المغرب، الذى لا يزال أحد أكثر البلدان استقراراً من الناحيتين السياسية والاقتصادية فى المنطقة، لديه قصة تصنيع كبيرة يجب على المنطقة بأسرها أن تتعلم منها، متوقعاً نمو الاقتصاد المغربى بنسبة 4-5% هذا العام، وربما يصل إلى 5 – 6% فى سيناريو إيجابى.

كما أكد على إيمان رينيسانس كابيتال بقصة النمو المصرية، بدعم من التركيبة السكانية المواتية وبرنامج إصلاح واسع النطاق مستمر، يؤتى ثماره، متوقعاً نمو الاقتصاد المصرى فى وضع جيد للنمو بمعدل 5- 6% أو أكثر فى 2021 و2022.

ووفقاً لرينيسانس كابيتال، فإنَّ العام الجارى سيشهد تربع مصر والمغرب على قائمة الوجهات الجاذبة للاستثمار فى القارة الأفريقية، وستسعى «رينيسانس كابيتال» فى عرض مزايا الاستثمار فى تلك الدول للمستثمرين.

وأكد «هلال» على قدرة «رينيسانس كابيتال» على جذب الأموال للشركات ذات النمو المرتفع من جميع أنحاء أفريقيا وأوروبا الناشئة والشرق الأوسط إلى انتباه المستثمرين مع أكثر من 20 عاماً من النجاح فى الأسواق الناشئة والمبتدئة، من خلال مكاتب الشركة فى 5 دول أفريقية، تغطى جنوب الصحراء الكبرى فى أفريقيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وشهد المؤتمر عقد أكثر من 200 اجتماع منفرد بين المستثمرين والشركات المشاركة فى المؤتمر.