“كورونا” يضرب قطاعى الاستهلاك والصناعة وبيانات الربع الأول ستكون مخيبة للآمال
تستعد قادة الصين لضربة جديدة فى معدل النمو الاقتصادى فى الربع الأول من العام الحالى، حيث يثقل فيروس “كورونا” الجديد كاهل الاستهلاك والسفر خلال العام الصينى الجديد ويهدد بضرب الصناعة.
وتسبب الفيروس، الذى نشأ فى مدينة ووهان بوسط الصين، فى إلغاء أحداث العطلات فى جميع أنحاء البلاد مع تزايد عدد الوفيات والإصابات مما اضطر الحكومة إلى تمديد عطلة العام الجديد.
وحتى صباح اليوم الاثنين، تسبب فيروس كورونا في مقتل 80 شخصًا على الأقل وإصابة 2744 شخصًا، مما دفع السلطات إلى فرض حظر غير مسبوق على سكان يبلغ عددهم حوالى 40 مليونًا فى مقاطعة هوبى.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن اندلاع المرض دفع الزعماء إلى تمديد فترة العطلة لمدة تصل إلى أسبوع فى مناطق مثل سوتشو، التى تعد واحدة من أكبر مراكز التصنيع فى العالم، مما يؤجل عودة ملايين العمال المهاجرين إلى العمل.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أنه مما يؤكد قلق واضعى السياسات بشأن التداعيات الاقتصادية الناجمة عن اندلاع المرض، أعلنت هيئة تنظيم البنوك والتأمين فى الصين عن خطوات لمساعدة الشركات التى تأثرت بالأزمة.
وقالت اللجنة التنظيمية المصرفية الصينية، إن الشركات ستحصل على الدعم من خلال العديد من تدابير مثل تشجيع التخفيض المناسب لأسعار الفائدة على القروض، وتحسين ترتيبات سياسات تجديد القروض وزيادة القروض المتوسطة الأجل.
وفى الوقت نفسه تراجع سعر البترول إلى أقل من 60 دولارًا للبرميل لأول مرة فى عام 2020 بعد أن حذرت السلطات من انتشار فيروس “كورونا” المميت، وأشارت الصحيفة إلى أن توقيت تفشى المرض يمثل تهديدًا مزدوجًا للقادة في بكين، الذين يتعرضون لضغوط عالمية لإدارة الأزمة بطريقة شفافة وفى الوقت المناسب.
وأضافت أن اندلاع الفيروس خلال العام الصينى الجديد، يأتى فى الوقت الذى سجلت فيه البلاد أدنى معدل للنمو الاقتصادى منذ حوالى 30 عامًا.
وتراجعت رحلات النقل بالسكك الحديدية منذ يوم السبت الماضى بنسبة 42%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، بينما تراجعت رحلات النقل العام فى جميع أنحاء البلاد بنحو 29%.
وقالت بريانكا كيشور، المحللة لدى شركة “أكسفورد ايكونوميكس”، إن الفيروس ينتشر فى أسوأ توقيت مع عودةمئات الملايين من الصينيين إلى بلادهم للم شمل الأسرة أو القيام برحلات ترفيهية خلال العام الصينى الجديد.
وأعلنت شركة “كتريب” أكبر مجموعة للسفر عبر الإنترنت فى الصين، صباح اليوم الاثنين أنها طلبت من شركات السفر العالمية تقديم إلغاء مجاني للسفر الذي تم حجزه حتى أوائل فبراير المقبل.
وقال جوليان إيفانز بريتشارد، كبير الاقتصاديين الصينيين فى “كابيتال إيكونوميكس”، إن الفيروس الجديد يجعل التباطؤ أكثر احتمالاً، وإذا لم يتم السيطرة على المرض بسرعة، فقد تتحول التوقعات المتفائلة إلى الأسوأ.
وكشفت “فاينانشيال تايمز”، أن مبيعات التجزئة والطلب الاستهلاكى والسياحة هى المجالات الأولى التى من المتوقع أن تتأثرسلبًا بتفشى الفيروس الجديد، وأضافت الصحيفة أن انتشار فيروس “سارس” الذى قتل ما يقرب من 800 شخص، تراجع خلالها معدل النمو الاقتصادى الفصلى بنسبة نقطتين مئويتين من 11.1% فى الربع الأول من عام 2003 إلى 9.1% فى الربع الثانى.
وقال الاقتصاديون، إن اقتصاد الصين قد تغير منذ “سارس” حيث أعلن لارى هو، الخبير الاقتصادى لشركة “ماكواري” الصين في مذكرة “كان الاتجاه الكبير في عام 2003 هو أن الاقتصاد الصينى كان فى مرحلة مبكرة من دورة تصدير مرتفعة عندما اندلع الفيروس ونمت الصادرات بنسبة 35% على أساس سنوى فى عام 2003.
وفى العام الماضى، نما الاقتصاد بنسبة 6.1% فقط، حيث تأثرت الصادرات خلال العامين الماضيين بالحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وأصبح الاستهلاك الذى يتعرض الآن لضغوط من تفشى المرض مصدراً أكثر أهمية للنمو الاقتصادى المستقر للبلاد.
وقال مايكل بيتيس، أستاذ العلوم المالية بجامعة “بكين” إن كل شىء يعتمد على مدى سرعة انتشار الفيروس ومدى خطورة ذلك، لكن من حيث المبدأ يمكن أن يكون لذلك تأثير خطير على الاستهلاك، ولكن سيكون لدى صناع السياسة الاقتصادية مجال أقل للتعبير عن السياسة المالية هذه المرة، مقارنةً بانتشار مرض “سارس” خلال 2003.
وقال تيانلى هوانغ، المحلل بمعهد “بيترسون” للاقتصاد الدولى بعد انتشار وباء “سارس” تبنت الصين سياسة مالية توسعية بما في ذلك التخفيضات الضريبية للمساعدة في انتعاش القطاعات الأكثر تضرراً، وبالتالى سيكون لديها مجال أقل لتطبيق الحوافز المالية كما فعلت فى المرة الأخيرة”.