سجل سعر بيع الدولار لدى البنك المركزى أدنى مستوى له منذ يوم تحرير سعر الصرف فى الثالث من نوفمبر عام 2016.
وبلغ السعر الرسمى لبيع الدولار 15.81 جنيه، ووفقا للبيانات التاريخية فإن هذا أدنى مستوى له بعد يوم التعويم والذى سجل آنذاك 14.655 جنيه.
وفى تعاملات اليوم الأحد فقد سعر الشراء قرشين ليسجل 15.68 جنيه، بينما فقد سعر البيع قرشا واحدا ليسجل 15.81 جنيه.
ويعد سعر الشراء المسجل اليوم أدنى سعر للدولار منذ 39 شهرا، وكان قد سجل 15.5 يوم 17 نوفمبر 2016.
وتواصل العملة الأمريكية تراجعاتها التى بدأتها العام الماضى أمام الجنيه، وفقدت منذ ذلك الوقت أكثر من 12% من قيمتها.
وسجل الدولار أعلى قيمة له على الإطلاق أمام الجنيه يوم 20 ديسمبر عام 2016 عندما سجل 19.56 جنيه للبيع، ومنذ ذلك الحين ارتفع الجنيه بمعدل 19%.
وتقول مؤسسات بحثية ومحللون إن سعر الصرف الحقيقى الفعال تحول من قيمة تقل عن القيمة التاريخية خلال السنوات العشر الماضية، ليصبح أعلى من قيمته التاريخية.
“شعاع” و”بلتون” و”سوسيتيه جنرال” تتوقع استمرار ارتفاع الجنيه بدعم من تدفقات الأموال الساخنة والسياحة
السويفي: الدولار قد يصل إلى مستوى 15 جنيها بنهاية العام
وقالت رضوى السويفي، رئيس قطاع البحوث في بنك الاستثمار فاروس، إن ارتفاع الجنيه 5 قروش خلال يومين عمل، ربما يرجع إلى زيادة التدفقات من المصريين بالخارج أو السياحة، وإن العملة الأمريكية إذا استمرت على هذا النحو قد تغلق العام عند 15 جنيه.
كيف ارتفع الجنيه؟
وقالت شعاع لتداول الأوراق المالية مصر في تقريرها السنوي، إن الجنيه ارتفع نتيجة عدة عوامل بينها تصحيح المسار بعد تقييمه بأقل من سعره العادل بعد التعويم، وتحسن هيكل التدفقات النقدية من قطاعات مثل التحويلات والسياحة، والأموال الساخنة من أذون وسندات الخزانة.
لكنها تقول إن هذا الارتفاع فى سعر الجنيه دفعه إلى منطقة يكون فيها أعلى من قيمته الحقيقية وفقًا لسعر الصرف الحقيقي الفعال على المديين المتوسط والطويل وهو ما يؤدى لتآكل التنافسية المصرية حيث أن سعر الصرف الفعال مبنى على فروق التضخم التراكمية مع الشركاء الأجانب.
لكنها ذكرت أن ذلك لن يؤدى إلى انخفاض لحظى أو حاد في قيمة الجنيه، فالأمر ليس دائمًا متعلق بأساسات الاقتصاد، فهناك عدة أسباب تدفع للاعتقاد بأن الجنيه سيستمر فى الارتفاع خلال العام المالي الحالي والمقبل في ظل مساعى الحفاظ على العوائد المرتفعة مع توقعات خفض الفائدة، لذلك فإن تلك العلاقة بين الجنيه والأموال الساخنة سترتفع بقيمة العملة المحلية خلال 2020 وتغطى على تأثير العوامل الأساسية.
ورجحت أن يسجل الدولار 15.68 جنيه بنهاية يونيو المقبل و15.51 جنيه بنهاية يونيو 2020.
وقالت شركة “بلتون”، إنها مازالت ترى أن كافة الاحتمالات تؤيد قوة الجنيه مع تذبذبات محدودة وسط تحسن الطلب تدريجياً، موضحة أنها لا تتوقع ضغوطا على العملة المحلية، مع توقعات باستمرار ذلك خلال عام 2020.
وقال بنك سوسيتيه جنرال فى ورقة بحثية نشرتها بلومبرج أن الجنيه سيجنى مزيدًا من المكاسب في 2020 ليرتفع 3.7% إضافية أمام الدولار، متوقعا أن “العملة الأمريكية في طريقها للتراجع إلى مستوى 15.35 جنيه مقابل الجنيه بدعم من التدفقات في الدين الحكومى”.
سوق صرف حرة؟
“كريدى سويس”: سوق الصرف مدار والجنيه أقل من قيمته المعلنة
محلل: السوق شهدت خروج 3 مليارات دولار الشهر الماضى بدون أن تعوضها تدفقات داخلة
فى المقابل قال محلل الاقتصاد الكلى فى أحد أكبر بنوك الاستثمار فى السوق إن ارتفاع الجنيه لا مبرر له، وربما يكون فى غير صالح الاقتصاد، خاصة أن هناك مؤشرات على تأثر الصادرات غير النفطية بذلك، كما أن تدفقات الأجانب في أذون الخزانة لا تبدو أنها بالزخم نفسه، خاصة أن اخر عطائين لها، اليوم ويوم الخميس، كانت معدلات التغطية ضعيفة.
وذكر أن الجنيه يرتفع فى الوقت الذى توجد فيه مؤشرات على خروج استثمارات للخارج سواء من سوق الدين الحكومى أو استحقاق التزامات خارجية لم تقابلها تدفقات للداخل، بينها انخفاض الودائع غير المدرجة فى احتياطى النقد الأجنبى بقيمة 3 مليارات دولار الشهر الماضى فقط وكذلك انخفاض صافي الأصول الأجنبية.
وطرحت وزارة المالية أذون خزانة أجل 91 و266 يوما، بقيمة 4 مليارات جنيه و10.5 مليار جنيه على التوالى، تلقت عليهم عروضا بقيمة 3.7 مليار جنيه و38 مليار جنيه.
لكن وزارة المالية وافقت على 46.5 مليون جنيه لأجل 91 يوما لتجنب الفائدة المرتفعة، وتراجعت متوسط الفائدة عليه 0.24%، وقبلت 10.5 مليار جنيه فقط أجل 9 أشهر الذى انخفض متوسط الفائدة عليه 0.32%.
وقالت محللة اقتصاد كلى فى أحد بنوك الاستثمار رفضت ذكر اسمها لتجنب إغضاب الجهات التنظيمية إن التراجع الحالى فى سعر الدولار يشير إلى سوق صرف مدار ولا يتمتع بالحرية التى وعدت بها خطة الإصلاح التى بدأت فى خريف 2016.
وتعهد البنك المركزى بموجب خطة الإصلاح التى تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولى فى نوفمبر من ذلك العام أن يتبنى سوق صرف حرة يتم تحديد قيمة العملة فيها وفقا للعرض والطلب.
وقال البنك إنه لن يتدخل فى السوق إلا فى حالة التقلبات غير العادية، ومنذ ذلك الحين لم يتم الإعلان عن حالة من هذا النوع.
قال صندوق النقد الدولي في وثائق المراجعة الخامسة للاقتصاد المصري، إن البنك المركزى نجح الغاء الية تحويل الأجانب في اضفاء مرونة على الجنيه أدت لزيادة قيمته لكن يجب ضمان حرية الدولار أيضًا في الارتفاع.
وقال فهد إقبال، رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط بمجموعة كريدي سويس، إن الارتفاع في قيمة الجنيه المصري لا يعكس الأسس الاقتصادية في الدولة، مضيفًا أن الارتفاع المطرد في قيمة الجنيه على مدار الأشهر الماضية يوحي بأن تعويم العملة كان تعويمًا مدارًا.
القيمة الحقيقية للجنيه
“كابيتال إيكونوميكس”: الجنيه لن يستمر في الارتفاع الفترة المقبلة
وأوضح اقبال لوكالة “بلومبرج” أن التدفقات إلى أذون الخزانة والديون المصرية الأطول أجلًا أيضًا من بين العوامل التي ساعدت على ارتفاع قيمة الجنيه، ويرى إقبال أن قيمة الجنيه في الوقت الحالي غير عادلة، ولهذا خفض البنك استثماراته في الدولة، ويرون أن القيمة العادلة تتراوح بين 16 و17 جنيهًا للدولار، وأضاف إقبال، أن إلغاء آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب ساعدت البنك المركزي على وضع التضخم تحت السيطرة.
وقالت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البحثية، إن ارتفاع الجنيه مؤخرًا فرض ضغوطاً على صادرات القطاع غير النفطى، وجعل العملة تبدو مقيمة بأكثر من سعرها، فى ظل ارتفاع سعر الصرف الحقيقى الفعال 60% ليصل إلى مستويات ماقبل 2016.
ورغم أنه هناك مجال لتداول العملة عند المستويات الحالية من سعر الصرف المعدل فى ظل ارتفاع صادرات الغاز، لكن التحدى هو تراجع تنافسية الصادرات غير النفطية.
واستبعدت المؤسسة استمرار ارتفاع الجنيه فى ظل أن دعم الفائدة له بدأ يتلاشى، حيث انخفضت معدلات التضخم وعلى الأرجح لن تتعدى 9% العام الحالى، ما يدفع المركزى لخفض الفائدة بنحو 2.25% لتصل إلى 10% بنهاية 2020، ما قد يصل بالدولار مجددًا إلى 17 جنيه بنهاية العام الحالى و18 جنيهاً بنهاية 2021.