تتوسع وتيرة الانكماش فى اليابان منذ أكثر من 5 سنوات وسط المخاوف المتصاعدة بين صانعى السياسة بشأن طول فترة الركود المحتمل فى ثالث أكبر اقتصاد فى العالم، وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن تأثير فيروس “كورونا” وانخفاض أسعار البترول يؤديان إلى تراجع الأسواق وارتفاع الين.
وأظهرت البيانات، أن إجمالى الناتج المحلى اليابانى قد تقلص بشكل أسرع مما كان متوقعًا فى الربع الأخير من العام الماضى، حيث تقلص بوتيرة سنوية بلغت 7.1% مع ارتفاع الاستهلاك الضريبى وسط تباطؤ عالمى الأمر الذى دفع الشركات لخفض الإنفاق الرأسمالى بأسرع وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية، ونقلت الوكالة الأمريكية عن العديد من الاقتصاديين، أنه المتوقع حدوث ركود فى اليابان بعد الانكماش الحاد فى الربع الأخير.
وتظهر البيانات الأسوأ من المتوقع أن الاقتصاد كان بالفعل فى حالة هشة للغاية عندما بدأ الفيروس الجديد فى كبح الصادرات وسلاسل الإمداد والسياح والمتسوقين، ومع تدهور المعنويات بسرعة بين المشاركين فى السوق والمستهلكين، يبدو أن احتمال حدوث تحول فى إنفاق الشركات يمكن أن يساعد فى دعم تراجع الاقتصاد الربع الحالى، مما يزيد من الضغط على صانعى السياسة للاستجابة.
ويتزايد القلق بين قادة اليابان، حيث عبر رئيس الوزراء شينزو آبى، عن قلقه بشأن تأثير الفيروس على صناعة السياحة وخطوط إنتاج المصانع، ومن المتوقع أن يكشف آبى، عن إجراءات طارئة جديدة بعد أن كشف النقاب عن قروض معفاة من الفوائد للشركات الصغيرة فى نهاية الأسبوع الماضى، ومن المرجح أن تحجم الحكومة اليابانية عن اتخاذ تدابير تحفيزية واسعة النطاق بعد فترة وجيزة من إعلان حزمة قيمتها 13.2 تريليون ين وهو ما يعادل 129 مليار دولار فى ديسمبر الماضى.
وبالنسبة لبنك اليابان المركزى، الذى استنفد إلى حد كبير ذخيرة سياسته المالية، فإن الخيارات محدودة، حيث أصدر محافظ بنك اليابان هاروهيكو كورودا، بياناً طارئاً الأسبوع الماضى فى محاولة لتهدئة الأسواق مع استعداد أكبر لشراء المزيد من الأصول، ولكن مع ارتفاع الين إلى أعلى مستوى له فى أكثر من 3 سنوات، قد يضطر صانعى السياسة إلى التفكير فى حركة أكبر وحتى خفض سعر الفائدة إلى المنطقة السلبية.
وقال الخبير الاقتصادى يوشيكى شينكى، من معهد “داى إشى” للأبحاث، إن تخفيض الضرائب أو زيادة الاستثمار العام لن يساعد كثيراً، لذلك من الصعب للغاية مواجهة هذا النوع من الصدمات الاقتصادية”، وأوضح الاقتصادى ماساكى كانو، من شركة “سوني فاينانشيال”، أن الخوف بين المستهلكين أصبح الآن عقبة كبيرة، ولا يعتقد أن الاقتصاد سيتعافى فى الربع الثانى.
وكان انخفاض الاستثمار فى الأعمال بنسبة 4.6% والذى كان الأكثر انخفاضًا منذ الربع الأول من عام 2009 السبب الاكبر فى تباطؤ الاقتصاد اليابانى أواخر العام الماضى، بالإضافة إلى انخفاض الاستهلاك الخاص بنسبة 2.8% بسبب الزيادة الضريبية، وكان من المتوقع أن ينتعش الاقتصاد من الركود الذى فرضته الضرائب إلى حد كبير فى وقت مبكر من العام، ولكن فيروس “كورونا” أخمد هذه الآمال.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يعد فيه انهيار المحادثات حول إنتاج البترول بين “أوبك” وروسيا مصدراً آخر للقلق العميق، حيث ستنزعج الأسواق التى كانت متوترة بالفعل، وسوف يؤدى انهيار أسعار البترول إلى ضغط هبوطى قوى على التضخم فى جميع أنحاء العالم، لكن القلق الأكثر إلحاحاً هو القفزة الحادة فى الين الفترة المقبلة.