ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن الصين تبدو وكأنها أصبحت أكثر أهمية من ذي قبل كوجهة للسلع، التي تصنعها الاقتصادات المتقدمة والناشئة.
ويتوقع صندوق النقد الدولي، تراجع الاقتصاد العالمي بنسبة 4.4% خلال العام الحالي، وهو أكبر تراجع في التاريخ الحديث. لكن من المتوقع أن ينمو اقتصاد الصين بنسبة 1.9%، بفضل الانتعاش القوي الذي لم يواجه أي عراقيل ناتجة عن ظهور موجة ثانية قوية من فيروس كورونا المميت، كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى.
وأصبح أكبر اقتصاد في آسيا يشكل سوقا هامة بشكل متزايد بالنسبة للشركات في جميع أنحاء العالم، فقد ارتفعت حصة الصادرات العالمية المتجهة إلى الصين إلى أكثر من 11% في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو، وهو أعلى مستوى منذ بدء سلسلة البيانات في الثمانينيات، وذلك وفقا لتحليل “فاينانشيال تايمز” لبيانات صندوق النقد الدولي.
إذا.. كيف يمكن أن يحدث ذلك مع كل دولة على حدة؟
سلطت الصحيفة الضوء أولا على اليابان، التي انخفضت صادراتها من السلع بشكل عام بنسبة 19% في الأشهر الستة حتى سبتمبر الماضي، مع انكماش بنسبة 30% أو أكثر في حجم الصادرات المتجهة إلى الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة، لكن الصادرات اليابانية المتجهة إلى الصين ارتفعت بنسبة 3.5%، مدفوعة بالأداء القوي للآلات الكهربائية والسيارات والمعادن، إذ وفر الطلب الصيني نقطة مضيئة مطلوبة بشدة في اليابان.
وتعتبر الصورة مماثلة في أستراليا، التي ارتفعت حصة صادراتها إلى الصين للمرة الأولى إلى مستوى يزيد عن 41% في الأشهر الستة المنتهية في أغسطس، وهي تعتبر خامس أكبر مصدر للصين وواحدة من الاقتصادات المتقدمة الأكثر اعتمادا على الصين كسوق لسلعها، خاصة المواد الخام.
وقال نائب رئيس الأسواق الناشئة العالمية لدى “سيتي جروب ، أدريان توماس، إن أكثر الدول المدعومة بتعافي الصين تكمن في آسيا، لكن مصدري السلع الأساسية استفادوا أيضا، مشيرا إلى أن النمو في عدد من الأسواق الناشئة تم تنقيحه صعودا، وهذا يرجع جزئيا إلى نمو الصادرات بشكل أفضل من المتوقع في العديد من الأسواق الناشئة.
ولكن ليس منتجي السلع أو الأسواق الناشئة هم المستفيدون فقط، فقد ارتفعت صادرات السلع الإيطالية إلى الصين بشكل مذهل بنسبة 33% في سبتمبر مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، انخفضت الصادرات بنسبة 12% في الأشهر الثمانية الأولى من العام مقارنة بعام 2019، مدفوعة بانخفاض حاد في الصادرات إلى المملكة المتحدة والهند.
وفي المقابل، ظلت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الصين وكوريا الجنوبية مستقرة إلى حد كبير، ونتيجة لذلك تقوم دول الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى بتصدير أكثر من 10% من قيمة سلعها إلى الصين، وظلت المواد الخام والآلات ضمن أهم الفئات، في حين نمت صادرات الأغذية والمشروبات بشكل ملحوظ.
وبفضل الطلب المتزايد من الصين، واصل قطاع التصنيع، الذي تقوده الصادرات في منطقة اليورو، الانتعاش في فصل الخريف، بينما تعثر قطاع الخدمات بسبب عودة ظهور الفيروس، وفقًا لمؤشرات مديري المشتريات “آي.أتش.أس” التي تمت مراقبتها عن كثب.
وكان هذا النمط مشابها لما يحدث في الولايات المتحدة، فقد انخفض إجمالي صادرات السلع بنسبة 16% على أساس سنوي بين شهري يناير وأغسطس، مع انخفاض بنسبة 17% على الأقل للسلع الموجهة إلى كندا والمكسيك، لكن الطلب الذي تقوده الصين كان مستقرا.
وقال تشاد باون، الزميل الأقدم في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إن هذا الاتجاه لا يأتي كنتيجة الالتزامات الواردة في اتفاق يناير الذي عُقد بين واشنطن وبكين، بل تتجه الشركات الصينية لتخزين المنتجات القائمة على التكنولوجيا تحسباً للعقوبات، فضلا عن مبيعات الأدوية الأمريكية القوية وزيادة واردات لحم الخنزير إلى الصين نظرا للنقص المحلي.
وفي غضون ذلك، يستمر محرك التصدير الصيني في التحرك، إذ رفعت الصين حصتها من الصادرات العالمية بفضل الأداء القوي في تصدير المنتجات المتعلقة بالوباء.