الذهب ينخفض بنسبة 9.1% منذ بداية العام الجارى مسجلا أسوء أداء منذ 1991
منيب: 2020 كان عاما استثنائيا.. ونمو الاقتصاد العالمى يدفع المستثمرين بعيدا عن الملاذات الآمنة
تراجعت أسعار الذهب بنسبة 9.1% منذ مطلع العام الجارى، ليسجل المعدن الأصفر أسوء أداء منذ عام 1991، بعد أن شهد مستويات تاريخية نتيجة جائحة “كورونا”، حيث سجلت الأوقية 2088 دولارا، وسجل الجرام عيار 21 مستوى 925 جنيها مطلع أغسطس 2020، ليحقق الذهب مكاسب بنحو 24% مع نهاية العام الماضى.
ويرى متخصصون ومحللون فى قطاع الذهب والمجوهرات، أن جائحة “كورونا” دفعت أسعار الذهب لمستويات تاريخية، لكن التحفيزات الأمريكية المقدرة بنحو 1.9 تريليون دولار، المقرر تطبيقها خلال الأيام المقبلة، ستحدد توجهات الأسعار.
ويرى البعض، أن الأسعار سترتفع نتيجة ارتفاع معدلات التضخم، وتوجه المستثمرين للذهب كملاذ آمن ضد تقلبات العملات وتراجع الطلب على الدولار، ويرى آخرون أن الذهب سيتعرض لموجة حادة من الهبوط مع هذه التحفيزات، لأن معدلات النمو بعد جائحة “كورونا” ستقلل من تأثير التضخم، وبالتالى سيعزف المستثمرون عن الذهب ويتوجهون لعائدات السندات أو التجارة.
وقال لطفى منيب، نائب رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالإسكندرية، إن الذهب شهد عاماً استثنائيا فى 2020، حيث لامس مستويات تاريخية لم يشهدها من قبل بفعل جائحة “كورونا”، وإقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة، فى حين يرتفع إقبال المستثمرين على الأصول عالية المخاطر منذ مطلع العام وسط توقعات بمعدلات نمو قوية للاقتصادى العالمى بعد تراجع حدة المخاوف المتعلقة بالجائحة، ما تسبب فى نهاية المطاف فى عزوف المستثمرين عن الأصول الآمنة بوجه عام والتوجه نحو الأصول الاستثمارية التى تقدم عوائد جيدة.
أضاف أنه منذ مطلع العام الجارى تراجعت أسعار المعدن النفيس بنحو 9.1% عند مستويات 1725 دولارا للأوقية قرب أدنى مستوياته منذ يونيو الماضى، فى ظل تماسط الدولار أمام العملات الأخرى.
وأوضح منيب، أن التحفيزات الأمريكية المقرر ضخها خلال الفترة المقبلة، ستزيد من ارتفاع معدلات التضخم، وسيكون لها تأثير ايجابى على حركة صعود الذهب، لكن هناك توقعات تشير إلى هذا التأثير سيكون سلبيا وسيبهط بالأسعار، نتيجة توجهات المستثمرين للأسواق والتجارة بدلا من الأوعية الادخارية، بفعل ارتفاع معدلات النمو وتعافى الاقتصاد.
وقال نغم محمد، المدير التنفيذى لشركة “سمارت ديل للاستشارات المالية”، إن أسعار الذهب شهدت موجة من التراجع مع مطلع العام الجارى، لازمته حتى الأسبوع الماضى، حيث شهدت الأسعار ارتفاعا نسبيا مع موافقة مجلس الشيوخ الأمريكى على ضخ تحفيزات اقتصادية بقيمة 1.9 تريليون دولار.
أضاف أن الأسواق تترقب قرار مجلس النواب الأمريكى بالموافقة على حزمة التحفيزات، والتى ستحدد بنسبة كبيرة توجهات الأسواق خلال الفترة المقبلة، وهل سيتم ضخ كامل التحفيزات أو نسبة منها أو ضخها على فترات؟
وأوضح محمد، أن ارتفاع أسعار الذهب خلال العام الماضى، جاء بفعل توجه المستثمرون إليه كملاذ آمن، مع ضبابية المشهد، ومع بداية العام الجارى تعرضت الأسعار لتراجعات حادة، كما تراجعت نتيجة الإعلان عن لقاحات فيروس “كورونا” الأمر الذى دفع الذهب للتراجع بنحو 40 جنيها، بعد ساعات من إعلان شركة فايزر التوصل لمصل فاعليته تصل إلى 90% فى شهر نوفمبر الماضى، ومع توالى الاكتشافات أخذ الذهب فى التراجع.
وأشار إلى أن موافقة مجلس النواب الأمريكى على ضخ حزمة التحفيزات كدعم للاقتصاد فى مواجهة تداعيات كورونا، ستؤدى إلى تراجع الطلب على الدولار، وارتفاع معدلات التضخم، وتوجه المستثمرين للذهب، وبالتالى يرتفع الطلب ومعه ترتفع الأسعار.
وقال إنه فى حالة عدم تأثر التضخم بحزمة التحفيزات وتوجه المستثمرين لضخ أموالهم فى المشروعات للاستفادة من ارتفاع معدلات النمو، سيتعرض الذهب لموجة حادة من الهبوط ليصل إلى 1575 دولارا للأوقية.
أضاف أن الكثير من المواطنين لديهم ثقافة خاطئة حول الاستثمار فى الذهب والأصل فيه أنه وعاء ادخارى وأداة للتحوط وحفظ قيمة الأموال من تقلبات العملة، والاستثمار يكون طويل المدى، ويمكن أن يساهم فى أرباح على المدى القصير فى ظروف خاصة مثلما حدث مع الارتفاعات الكبيرة نتيجة جائحة “كورونا”، ولذلك من استثمر فى الذهب عام 2019 حتى آخر 2020، حقق أرباحا جيدة.
وأوضح محمد، أن هناك مؤشرات كثيرة يمكن من خلالها تحديد اتجاهات أسعار الذهب، والأحداث السياسية والكوارث الطبيعية أحد هذه العوامل، إذ تؤدى لتراجع الدولار، ومن ثم يتجه المستثمرون للذهب كملاذ آمن وقت الأزمات فترتفع الأسعار.
وقال أحمد نجم، رئيس قسم أبحاث ودراسة الأسواق بشركة “أوربكس للاستشارات المالية”، إن المعدن الأصفر شهد فى الفترة الأخيرة تراجعات كان أبرزها التراجع أدنى مستويات الـ1700 دولار للأوقية، إلا أنه عاد مع تراجع الدولار إلى أعلى هذه المستويات ليتداول عند مستوى 1725 دولارا، الأمر الذى دعم عمليات شراء قصيرة المدى على الذهب.
أضاف أن الأمر الذى يطرح نفسه حاليًّا هو تراجع التدفقات من خلال صناديق الاستثمار ETF إلى مستويات عام 2016، والتى شهد المعدن الأصفر خلالها تراجعات عدة، إذ كان متوسط أسعار الذهب فى هذا العام 1300 دولار للأوقية.
وأوضح أن تداول أسعار الذهب بأقل من مستويات 1700 دولار للأوقية، يدعم مزيدًا من التراجع، الذى يمكن أن يصل إلى مستويات 1673 دولارا ثم 1650 دولارا، كما أن هذا التراجع يعود إلى انخفاض الإقبال من الصناديق المتداولة والمؤسسات الكبرى لحيازة الذهب وفق بيانات مجلس الذهب العالمى الأخيرة.
وقال إنه إذا واصل الذهب تراجعه إلى مستويات بعيدة جدًّا، أى 1300 دولار للأوقية، بسبب الحزمة التحفيزية الأمريكية، التى سترفع معدلات التضخم، وبالتالى زيادة عوائد أسعار الفائدة، سيتم التخلى عن بقية الأصول ومنها الذهب، مقابل الإقبال على السندات الأمريكية لأنها تقدم عائدًا كبيرًا، وسيشهد الذهب تراجعا كبيرا على المدى البعيد.
وقال أمير رزق، عضو الجمعية العامة لشعبة الذهب والمجوهرات بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن هناك فرقا بين الادخار والاستثمار، ومحللو الذهب يتحدثون عن الاستثمار والمضاربات على المدى القصير، ولكن تجار الذهب يوجهون المواطنين للادخار، وحفظ قيمة الأموال ضد مخاطر وتقلبات العملات نتيجة التضخم.
أضاف أن الذهب يتأثر بالأزمات والأحداث الجيوسياسة، لذلك فلا يستطع أحد أن يحدد موعد الارتفاعات والانخفاضات ولا قيمتها، لذلك فالوقت الحالى يشهد تراجعات كبيرة، ما يعد فرصة للشراء، وتاريخياً من يمتلك الذهب لا يخسر أبداً.
وأوضح رزق أن أسواق الذهب شهدت حركة كبيرة فى مبيعات السبائك والجنيهات خلال النصف الثانى من العام الماضى، مع ارتفاع الأسعار لمستويات تاريخية ووصول الأوقية لمستوى 2000 دولار.
وقال صادق مرزوق، تاجر ذهب، إن كل وقت هو أنسب وقت لشراء الذهب، والشراء الآن أفضل من الغد، لأن الأسعار دائماً فى تذبذب كبير بين الهبوط والصعود، وقد تمر ببطء وقد تحدث تقلبات حادة.
أضاف أن معدل صعود سعر الذهب أكبر بكثير من معدل هبوط سعره، وعند المقارنة بين سعر جرام الذهب من 20 عاماً، حينما كانت قيمته 25 جنيها، وسعره الحالى الذى يزيد على 750 جنيهاً، يتأكد معدل التزايد السنوى لذهب.
وأوضح أن معدل ارتفاع أسعار الذهب عن كل عام يكون أعلى، ولا يوجد وعاء ادخارى يحقق معدل ارتفاع الذهب سنويا، بجانب سهولة تحويله للنقد.
وقال محمد حماد، تاجر ذهب وخبير تثمين المجوهرات، إن الوقت الحالى مناسب للشراء مع تراجع الأسعار، ولا يمكن لأى شخص فى العالم أن يعرف اتجاه الذهب مستقبلاً ولو لمجرد ساعات.
أضاف، أن «آلان جرينسيان» رئيس الفيدرالى الأمريكى السابق، صدق حينما قال «إن الذهب عملة مميزة ولا توجد عملة ورقية فى قوتها بما فى ذلك الدولار».
وأوضح حماد أن الذهب يعتبر السلعة الوحيدة التى يمكن للشخص أن يشتريها ثم يستعملها لسنوات عديدة وعند البيع يتحقق الربح، حتى مع تعرض هذه السلعة للكسر أو التلف.