الصادرات الغاز الطبيعى الأمريكية فى العقد المقبل قد تنتج غازات دفيئة تعادل الانبعاثات السنوية لـ45 مليون سيارة جديدة
لن يكون هناك مقعد لشركات الطاقة في قمة المناخ التي يعقدها الرئيس الأمريكي جو بايدن يومي 22 و23 أبريل، والتي دعا إليها 40 من قادة العالم الآخرين لمناقشة كيفية تسريع التحول من الطاقة غير النظيفة.
وفي الكواليس، يمكن أن تستنكر شركات الفحم الجهود المبذولة لكبح الطلب في آسيا، ويتراجع المنقبون عن البترول وسط دعم السيارات الكهربائية، وستكون الأعين على تلك الشركات التي راهنت بشكل كبير على الغاز الطبيعي.
وفي حين أن تحول الطاقة يكتسب زخما، إذ ليس هناك وقود مستقبلي أكثر إثارة للانبعاثات من ذلك الذي يعتبر أقل أكثر أنواع الهيدروكربونات نظافة.
الغاز الطبيعى جسر أم طريق مسدود؟
يرى المؤيدون أن الغاز الطبيعي هو الجسر لعالم أكثر إخضرارا، بمن فيهم أكبر 5 شركات بترول دولية، وهي “إكسون موبيل” و”شيفرون” و”رويال داتش شل” و”توتال”.
وشهدت هذه الشركات العملاقة ارتفاع إنتاج الغاز من 39% من إجمالي إنتاجها الهيدروكربوني في 2007 إلى 44% في 2019، حسبما ذكرت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية.
ووافق المنتجون في ذلك العام على مستوى قياسي من سعة الغاز الطبيعي المسال، ومن المقرر أن تدخل هذه المشاريع حيز التنفيذ في غضون أعوام قليلة.
وتقول “شل”، التي دفعت 53 مليار دولار مقابل شراء شركة الغاز البريطانية العملاقة “بي.جي” عام 2016، إن إنتاجها البترولي بلغ ذروته في عام 2019، لكنها ستوسع أعمالها في مجال الغاز باستثمارات سنوية تبلغ حوالي 4 مليارات دولار.
وتتوقع “توتال” انخفاض إنتاجها من البترول الخام خلال العقد المقبل، لكن إنتاج الغاز سيرتفع من 40% إلى 50% من المبيعات، في حين قالت شركة قطر للبترول المملوكة للدولة في فبراير إنها ستبدأ أكبر مشروع للغاز الطبيعي المسال في التاريخ.
ومع ذلك، ثمة جدل محتدم حول ما إذا كان الغاز جسرا أم طريقا مسدودا في وجه العالم الأكثر إخضرارا؟
ويبدو أن بايدن ونظرائه في الدول الأخرى جادين بشأن تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وهو ما سيتطلب تسريع التخلص التدريجي من كافة أنواع الوقود الأحفوري، بما في ذلك الغاز، حال عدم اقترانه بتكنولوجيا التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون.
وتهدد طاقة الرياح والطاقة الشمسية الرخيصة بالفعل، الكهرباء المنتجة من الغاز، خصوصا في الولايات المتحدة وأوروبا، وحتى عندما يبدو الطلب غير مؤكد، فإن الغاز الرخيص من الشركات المملوكة للدولة سيزيد من المعروض العالمي، كما أن رهانات بعض الشركات ستفشل بالتأكيد.
وعلى جانب الطلب، يظل الغاز مقامرة معقولة من بعض النواحي، إذ تنتج محطات توليد الكهرباء العاملة بالغاز حوالي نصف انبعاثات المحطات العاملة بالفحم، كما أن الوقود يستفيد من مصادر الطلب المتنوعة.
وبالإضافة إلى إنتاج الكهرباء، يُستخدم الغاز في صناعة الأسمدة وتوليد الحرارة للمباني والصناعة.
وعلى عكس عوادم السيارات، يمكن نظريا التقاط الانبعاثات الصادرة عن المصنع وتخزينها تحت الأرض، ويمكن أيضا استخدام الغاز لتوليد الهيدروجين، الذي قد يعمل بدوره كشكل من أشكال تخزين الطاقة على المدى الطويل.
ومع ذلك، فإن استثمارات الشركات لا تسير دائما كما هو مخطط لها، فقد كان الاندفاع نحو الغاز بين عامي 2008 و2014 جزءا من تدافع أوسع نطاقا من قبل عمالقة الطاقة، إذ ساهم ارتفاع أسعار الطاقة في تحفيز الاستثمارات مع القليل من الاهتمام بالتكاليف، حسبما أوضح ميشيل ديلا فيجنا، من مصرف “جولدمان ساكس” الاستثماري.
وفي أواخر عام 2019، قالت شركة “شيفرون” إنها ستشطب ما يصل إلى 11 مليار دولار من أصولها، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى ضعف أداء أصول الغاز الصخري في أبالاتشيا.
كما شكل الغاز الجزء الأكبر من الاعتلالات التي تتراوح قيمتها بين 15 إلى 22 مليار دولار التي أعلنت عنها “شل” في يونيو الماضي.
وفي نوفمبر، قالت “إكسون موبيل” إنها ستخفض قيمة محفظتها من الغاز بما يتراوح بين 17 و20 مليار دولار، وهو أكبر انخفاض لها على الإطلاق.
تساؤلات بشأن الطلب المستقبلى
وثمة سؤالان هامان يخيمان الآن على الطلب المستقبلي، وكل منهما يصعب الإجابة عليه بأي قدر.
يدور السؤال الأول حول مدى سرعة الحكومات في الحد من الانبعاثات الكربونية، خاصة أن استخراج الغاز وتسييله ونقله ينتج عنه انبعاثات خاصة، بالإضافة إلى الانبعاثات الناتجة عن احتراقه النهائي.
ويتسبب إنتاج الغاز أيضا في إطلاق غاز الميثان، وهو أحد الغازات الدفيئة الأقوى بنحو 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون على مدار 20 عاما، فضلا عن أن صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية في العقد المقبل قد تنتج غازات دفيئة تعادل الانبعاثات السنوية لحوالي 45 مليون سيارة جديدة، وذلك دون احتساب حرق المواد من أجل الطاقة.
ويتعلق السؤال الثاني بالطلب، ويدور حول مدى سرعة تقدم التقنيات المنافسة، فحوالي ثلثي سكان العالم يعيشون بالفعل في أماكن تكون فيها الطاقة المولدة من مزارع الرياح والطاقة الشمسية الجديدة أرخص من محطات الغاز الجديدة، بحسب مزود البيانات “بلومبرج إن.إي.إف”.
وفي المستقبل، قد يكون الغاز الذي ينطوي على تقنية احتجاز الكربون وتخزينه أكثر تكلفة من الهيدروجين الناتج عن الكهرباء المتجددة، كما أن مشروع القانون الذي اقترحه بايدن والبالغ قيمته 2 تريليون دولار يدعم تكنولوجيا احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، والتقنيات التي قد تتحدى دور الغاز في الصناعة والطاقة والتدفئة.
وهناك أيضا مسألة العرض، إذ يقول مارتن ويتسيلار، رئيس الغاز لدى شركة “شل”، إن الصناعة توقعت ذات مرة أن يعاني السوق من نقص المعروض وأن يُحدد السعر من قبل العملاء الهامشين.
وبدلا من ذلك، لاحظ ويتسيلار، أن البترول الصخري الأمريكي يعني أن العالم لديه الكثير من الغاز، كما يتعين على الشركات الخاصة التنافس مع الشركات الحكومية في قطر وروسيا، التي يمكنها استخراج الغاز بتكلفة رخيصة ولديها واجب سياسي لتسييل الاحتياطيات قدر المستطاع.