بدأ النمو الائتماني في الصين، يتباطأ تدريجياً مع سعي صناع السياسة إلى اكتشاف أبرز انتعاش في العالم من الوباء دون تأجيج المديونية غير المستدامة.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن الصين أبقت، خلال الأسبوع الماضي، سعر الإقراض القياسي دون تغيير للشهر الثاني عشر على التوالي.
لكن المؤشرات الأخرى تظهر أن بكين، التي تمارس سيطرة أكبر على نظامها المصرفي الذي تهيمن عليه الدولة أكثر من معظم الاقتصادات الكبرى، تستخدم سياسات أخرى في محاولة لإخماد خطر الارتفاع المفرط في مستوى التعافي غير المتوازن والثقيل في قطاع الصناعة.
وارتفع إجمالي التمويل الاجتماعي، المقياس الرئيسي لنمو الائتمان في البلاد والذي يقيس الإقراض عبر النظام المالي المحلي، بنسبة 12% على أساس سنوي في مارس، وهو أبطأ وتيرة له منذ أبريل 2020، بحسب بيانات رسمية صدرت في أبريل الجاري.
وحذر مايك ريدل، من شركة “أليانز جلوبال إنفيستورز”، من أن دورة الائتمان في الصين تعتبر “ديناميكية النمو العالمي الرئيسية التي يجب مراقبتها” لأنها “دفعت الكثير من الانكماش العالمي” حتى الآن، ومن المؤكد أن أي تشديد إضافي سيؤثر على النمو العالمي في ظل التعافى من الوباء.
وقال جوليان إيفانز-بريتشارد، كبير الاقتصاديين الصينيين لدى “كابيتال إيكونوميكس”: “الصين كانت بالفعل أول اقتصاد رئيسي يشدد السياسة”.
وتأتي أحدث علامات التباطؤ في نمو الائتمان بعد أن طلب البنك المركزي الصيني من المقرضين السيطرة على نشاطهم في فبراير.
واستهدف صناع السياسة قطاع العقارات من خلال ما يسمى سياسة “الخطوط الحمراء الثلاثة”، فهذا نهج صمم خصيصاً للحد من إمكانية وصولهم إلى الائتمان، مما ساعد على دفع طفرة البناء التي عززت بدورها إنتاج الصلب إلى أعلى مستوى له على الإطلاق خلال العام الماضي.
وارتفع معدل نمو الائتمان بشكل حاد بحلول منتصف عام 2020، مدفوعا بخفض سعر الفائدة الأساسي للإقراض لمدة عام واحد- وهو واحد من عدة معدلات تستخدم لتوجيه تكاليف الاقتراض- والذي قدمته الصين في أبريل الماضي مع استمرار العواقب الاقتصادية للوباء، لكن نمو الائتمان بدأ الانخفاض بحلول نهاية عام 2020 مقارنة باتجاه نمو الإنتاج.
وقالت ميشيل لام، الخبيرة الاقتصادية الصينية الكبرى في “سوسيتيه جنرال”، إن التباطؤ في نمو الائتمان خلال بقية العام سيكون مدفوعا بمبادرات صانعي السياسات لتقليل المديونية، والأمر الأهم يتعلق بخفض المديونية في قطاع العقارات.
وقال زيكاي تشين، رئيس الأسهم الآسيوية لدى بنك “بي.إن.بي باريبا أسيت مانجمينت”، إنه من المؤكد أن تشهد أسواق رأس المال تشديدا كبيرا.
ويقول المحللون إن زيادة نمو الائتمان خلال العام الماضي ساهمت في دفع نسبة الدين الصيني إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى ما يقدر بنحو 281%- وفقا لمؤسسة “جي.بي مورجان”- وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
والصين ليست البلد الوحيد الذي ترتفع مديونيته، بل ارتفعت المديونية بشكل حاد في جميع أنحاء العالم في ظل سعى الحكومات للخروج من الوباء، لكن صناع السياسة الصينيين قلقون أكثر من معظمهم بشأن أعبار الديون الناتجة.
ويقول إيفانز بريتشارد، من “كابيتال إيكونوميكس”: “يبدو أن صناع السياسة الصينيين أكثر قلقا بشأن تأثير الوباء على مستوى الديون أكثر من كثير من الدول الأخرى، وهذا هو السبب في أنهم يتحركون بسرعة كبيرة لتطبيع السياسة”.
لكن صناع السياسة الصينيين يتخذون نهجا خاصا بقطاع معين بدلا من رفع أسعار الفائدة بشكل جزئي، نظرا لتفاوت مستوى الانتعاش الاقتصادي.
ورغم أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأخيرة وثقت انتعاشا قويا بعد تراجع عميق في الربع الأول من العام الماضي، إلا أن النمو على أساس ربع سنوي كان مخيبا للآمال فقد بلغ 0.6% فقط، بينما ظل التضخم قريبا من الصفر، رغم بدء ارتفاع أسعار المنتجين بسرعة منذ بداية العام الحالي.








