يضغط قادة الأعمال الهنود من أجل إغلاق فعلي في الهند، ويدعون الحكومة إلى تنفيذ “أقوى الخطوات الوطنية” لمكافحة الموجة الثانية الكارثية من وباء “كوفيد-19”.
وأعلنت الهند تسجيل أكثر من 370 ألف حالة إصابة بكورونا أمس الإثنين، بعد أن وصلت إلى رقم قياسي عالمي يزيد عن 400 ألف حالة يوم السبت، فضلاً عن 3500 حالة وفاة يومية.
ويأتي ذلك رغم اعتقاد الخبراء أن العدد الحقيقي أعلى بكثير، إذ طغى ارتفاع الحالات على الأنظمة الصحية وكشف عن نقص حاد في البنية التحتية الحيوية، مثل إمدادات الأكسجين وأسرة المستشفيات والقدرة على إخضاع المواطنين لاختبار الكشف عن الوباء.
وأغلقت أجزاء كبيرة من الهند بالفعل، بما في ذلك أكبر ثلاث مدن في البلاد، نيودلهي ومومباي وبنغالور.
لكن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، لم تصل إلى حد الإغلاق الشامل على مستوى البلاد الذي طبقته العام الماضي، خوفاً من العواقب المدمرة على اقتصاد لا يزال يعاني من صدمة سابقة.
وقال رئيس اتحاد الصناعة الهندي والرئيس التنفيذي لبنك الإقراض الخاص “كوتاك ماهيندرا”،عدي كوتاك، إن الحكومة يجب أن تتخذ “إجراءات الاستجابة القصوى على الصعيد الوطني”.
وتابع: “نحن بحاجة إلى تقليص النشاط الاقتصادي والخدمات غير الضرورية لفترة قصيرة جدا للسيطرة على الوباء، مع الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية، مثل الأكسجين والإمداد بالأدوية والمواد الغذائية”.
وأوضح كوتاك، أغنى مصرفي في الهند، أن الحكومة يجب أن تستغل الوقت المتاح خلال فترة الإغلاق لبناء القدرة الطبية للبلاد من خلال بناء مستشفيات ميدانية وتوسيع الاختبارات وتوزيع المزيد من اللقاحات.
وكانت الموجة الثانية للوباء شديدة لدرجة أن العديد من الشركات اضطرت إلى إغلاق أو تقليص عملياتها بسبب نقص الأكسجين الصناعي أو بسبب مرض الكثير من موظفيها أو أسرهم، حسبما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن حكومة مودي أصبحت حساسة بشكل متزايد تجاه الانتقادات، بما في ذلك النقد الموجخ من مجتمع الأعمال، الذي كان معقلا لدعم إدارته.
واتُهمت الحكومة بالفشل في الاستعداد للموجة الثانية، مما ترك الأنظمة الصحية مهترئة بشدة عند ارتفاع حالات الإصابة والوفيات في مارس.
وقال النقاد إن حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي، ركز بدلاً من ذلك على حملة انتخابية عدوانية- التي فشلت في النهاية- في ولاية البنغال الغربية.
وتواجه البلاد أيضاً نقصاً في اللقاحات. وقال الرئيس التنفيذي لمعهد سيروم الهندي، أدار بوناوالا، لـ “فاينانشيال تايمز”، إن النقص الحاد في اللقاح في البلاد سيستمر حتى نهاية يوليو، أي عندما يكون متاحاً زيادة الإنتاج.
وتخاطر موجة الوباء الثانية والإغلاق المحتمل ، بما كان متوقعاً أن يصبح انتعاشاً قوياً لاقتصاد الهند، الذي تقلص- وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي- بنسبة 8% في عام 2020.
وتوقع خبراء الاقتصاد انتعاشا مزدوج الرقم هذا العام قبل الموجة الأخيرة، مما أدى إلى انخفاضات حادة في نشاط المستهلك.
ورغم أن القيود المحلية الأكثر دقة هذا العام سمحت للمصنعين وشركات الخدمات اللوجستية بالعمل، فإن الشركات قالت إنه لم يكن مفيداً عندما كانت قطاعات كبيرة من القوى العاملة لديها مريضة أو تعتني بأقاربها المرضى.
كما حذرت الشركات من أن التغلب على الصدمة الأخيرة قد يستغرق وقتاً أطول بكثير، وذلك رغم انتعاش طلب المستهلكين في الهند سريعاً العام الماضي بعد تخفيف قيود الوباء.
وقال رئيس مجموعة “دالميا هولدينجز جروب”، جوراف دالميا : “هذه الأزمة أعمق وأكثر وضوحاً وسيستجيب الناس لها بشكل مختلف، فالخوف المثار في أذهان مديري الشركات والمواطنين والمستهلكين سيكون أكبر بكثير. الأمر لم يعد مجرد إحصائية، فنحن نعرف بالفعل أشخاصاً أصيبوا بالوباء، كما أن الانتعاش سيكون أبطأ بكثير”.