تتدفق أكوام من السيولة المتراكمة خلال عمليات الإغلاق إلى الأسواق المالية، حيث يندفع مستثمرو التجزئة لوضع الأموال فى أسواق الأسهم التى ارتفعت لمستويات قياسية، وخلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021، كانت هناك تدفقات داخلة بقيمة 269 مليار دولار إلى صناديق المؤشرات الأمريكية.
وقد تجاوز ذلك إجمالى العام الماضى البالغ 249 مليار دولار، وفقا لشركة الأبحاث المستقلة «CFRA»، وجذب النظام البيئى لصناديق المؤشرات فى الولايات المتحدة التى تركز هلة الأسهم والسندات والسلع – باستثناء الذهب- ومجالات أخرى بالفعل 332 مليار دولار من إجمالى صافى التدفقات فى عام 2021، وهى وتيرة تضع القطاع على مسار مطابقة أو تجاوز التدفقات الداخلة القياسية العام الماضى، والتى بلغت 503 مليارات دولار.
ويعكس حماس المستثمر بضع قوى، فقد اجتازت صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة اختبارا هيكليا خلال اضطراب السوق فى مارس 2020، ما زاد من جاذبيتها لدى المستثمرين الذين يفضلونها على الصناديق المشتركة النشطة، وانجذب المستثمرون أيضا إلى قصة تعافى النمو الاقتصادى وأرباح الشركات بعد تفشى الوباء فى عام 2020.
من الواضح أن العام الجارى يبدو واعدا للغاية بالنسبة للاقتصادات وأرباح الشركات، ولكن السؤال المهم بالنسبة لأولئك المستثمرين الذين يشترون فى الأسهم هو ما مقدار تسعير أسواق الأسهم لهذا التعافى، لم يسعر سوق الأسهم الانتعاش القوى فى أرباح الشركات العام الجارى وهذا يعنى أن الإجابة على السؤال ستكمن فى مدى استدامة التوسع فى عام 2022، وما إذا كان التضخم سيظل مكبوح نسبيا.
وعلى المدى القريب، تشير التدفقات القوية الداخلة للأسهم ضرورة توخى الحذر بالنسبة لمراقبى السوق منذ فترة طويلة إذ أنها دفعت التقييمات إلى الأعلى، يتم تداول مؤشر «S&P 500» بمضاعف ربحية لمدة 12 شهرا بمقدار 22 مرة أعلى من متوسطه البالغ 17.9 خلال السنوات الخمس الماضية، وفقًا لـ FactSet.
تم تسليط الضوء على التقييمات المرتفعة فى أحدث تقرير عن الاستقرار المالى لمجلس الاحتياطى الفيدرالى الأسبوع الجارى، والذى أشار إلى أن بعض الأصول «قد تكون عرضة للتراجعات الكبيرة فى حالة انخفاض الرغبة فى المخاطرة».
بعد الارتفاع المستمر فى أسواق الأسهم منذ أواخر عام 2020 عندما تم الإعلان عن اللقاحات لأول مرة، تزداد احتمالية حدوث تراجع كبير مع تفاقم عمليات البيع بسبب خروج المستثمرين بسرعة من صناديق المؤشرات، وعادة تشهد أسواق الأسهم حركات تصحيح بنسبة %5 ثلاث مرات كل عام، لكن لم يحدث ذلك خلال الأشهر الستة الماضية.
ويقول «بنك أوف أمريكا»، إن عدم وجود تصحيح بنسبة %10 خلال الـ 14 شهرًا الماضية مع وجود تصحيح يحدث مرة واحدة على الأقل كل عام، فمن المحتمل أن تكون خلفية التحفيز المالى والنقدى الداعم للغاية قد لعبت دورا فى وقف ضغوط البيع حتى الآن.
ولكن نظرا للاندفاع نحو التعرض الواسع للسوق وصناديق المؤشرات التى تركز على الأسواق الناشئة والأسهم الدولية وما يسمى بأسهم القيمة، هناك دلائل على أن المستثمرين يدركون المخاطر.
وقال جيمس بولسن، كبير محللى الاستثمار فى «ليوتهولد جروب»: «يسعى المستثمرون إلى التنويع وعدم التعرض إلى التقييمات المتطرفة، وهو أمر صحى».
سجلت صناديق المؤشرات ثلث تدفقات صافية حتى الآن العام الجارى، وفقا لـ» ستيت ستريت غلوبال أدفيزرز»، ويمثل هذا أعلى معدل للأشهر الأربعة الأولى من السنة التقويمية منذ 2014، عندما كان قطاع صناديق المؤشرات أصغر بكثير، وفقًا لبارتولينى.
قد يعكس هذا جزئيا تحولا أكبر جاريا فى توزيع الأصول مع اندفاع الأموال نسبيا إلى الأسهم على حساب السندات، وجذب الطلب على مصادر دخل موثوقة من خلال الأسعار الثابتة المدفوعة على السندات نصيب الأسد من تدفقات المستثمرين فى السنوات الماضية بقيادة المتقاعدين والعمال الأكبر سنا العازمين على الحفاظ على رأسمالهم.
وبعد الربع الأول من العوائد السلبية للسندات عالية الجودة كان هناك انتعاش الشهر الماضى، ولكن فى عالم من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية فى سوق السندات، فإن هناك مجالا محدودا لمزيد من الزيادة فى رأس المال.
أسعار السندات هى أيضا عرضة للنمو الاقتصادى الأسرع وضغط التضخم المتزايد، ويعد المستثمرون الذين يركبون قطار صناديق مؤشرات الأسهم واقعيين إلى حد ما إذ يحتاج المال للعثور على موطن جديد والعديد من مناطق الدخل الثابت تفتقر إلى الجاذبية.
لذا فهم يوزعون تعرضهم عبر أنماط الأسهم المختلفة ويبحثون عن تقييمات أرخص خارج أسواق الأسهم الأمريكية، لكن التحول الواضح فى التدفقات إلى الأسهم بمستويات عالية وبعيدا عن السندات يعتمد على تغيير عميق فى التوقعات الكليو أى أن وتيرة التوسع الاقتصادى حتى عام 2022 أثبتت أنها أكثر قوة واستمرارية من النمو المعتدل ورياح التضخم التى حددت العقد الذى تلا الأزمة المالية.
بقلم: مايكل ماكينزى، محرر الأسواق الرأسمالية لدى صحيفة «فايناشيال تايمز» البريطانية.
المصدر: صحيفة «فاينانشيال تايمز»