تواجه مصانع الملابس الجاهزة نقصاً فى المواد الخام؛ بسبب تفشى فيروس كورونا فى الهند، ما عطَّل الحياة هناك، وتسبب فى عدم قدرتها على إنتاج معدلاتها الطبيعية من الغزول، وهو ما أظهر بوادر أزمة عالمية فى خامات الملابس الجاهزة.
على الصعيد المحلى، ألغى موردو الخامات، التعامل بنظام الآجل، ما أجبر مصنعى الملابس على شراء كميات قليلة، بالتوازى مع ضعف المبيعات؛ بسبب تراجع القوى الشرائية للمستهلكين، وإصدار قرار غلق المحال التجارية فى الساعة التاسعة مساء.
قال محمد الصياد، عضو المجلس التصديرى للملابس الجاهزة، إنَّ أسعار الخامات والغزول على وجه التحديد ارتفعت خلال العام الأخير بنسبة 50%، وهى تمثل زيادة 20% فى التكلفة، وتختلف هذه التكلفة وفقاً لنوع الملابس.
وتوقع زيادة جديدة فى أسعار الغزول ومختلف خامات الملابس خلال الفترة المقبلة، فضلاً عن توقعات بحدوث نقص فى المعروض تزامناً مع تفشى فيروس كورونا بالهند التى تعتبر من الموردين الرئيسيين للخامات.
أضاف “الصياد”، أن الشركة الوطنية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام أوقفت البيع بالآجل للخامات، ما تسبب فى ضعف السيولة النقدية لدى الشركات، فضلاً عن توفير كميات أقل فى الخامات، ما يزيد الأعباء على المصانع المنتجة.
وعلى مستوى حركة التصدير، أشار إلى أن المصانع المصدرة للملابس الجاهزة تشهد ارتفاعاً فى الطلب التصديرى، خلال العام الحالى، إذ ارتفع الطلب خلال الربع الأول بنسبة 15% فى حين قفزت بنسبة 35% فى أبريل، تزامناً مع تحسن الطلب.
وقال الدكتور صلاح الكمونى، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بالغربية، إنَّ مصانع الملابس بمدينة المحلة تعانى تراجع الطلب، وارتفاع التكلفة، كما واجهت مشكلات فى التصدير، خلال العام الماضى، مع الإغلاقات التى شهدتها بعض الدول.
ولفت إلى أن تأخر صرف المساندة التصديرية، خلال السنوات الماضية، كان له تأثير سلبى على عمل القطاع وتراجع السيولة النقدية لدى المصانع، فى حين ساعدت قرارات الحكومة بصرف المستحقات المتأخرة للشركات لدى صندوق دعم الصادرات، فى تخفيف الأعباء عن كاهل المصانع.
أكد “الكمونى”، أهمية أن يتلافى البرنامج الجديد للمساندة التصديرية المقرر تطبيقه فى يوليو المقبل، تأخر صرف الدعم التصديرى؛ لكى تتمكن الشركات من الاستفادة من قوة الطلب الخارجى خلال الفترة الأخيرة على الملابس الجاهزة، ورفع قدرتها التنافسية.
وقال محمد رزق، رئيس مجلس إدارة شركة ديابكو للملابس الجاهزة، إنَّ قطاع الملابس الجاهزة يعانى مشكلات متعددة منذ تفشى فيروس كورونا، وعلى رأسها ارتفاع تكلفة الإنتاج، خصوصاً بند العمالة؛ بسبب خفض عدد العمالة فى المصانع؛ لمنع تفشى الفيروس.
وأشار إلى أن الشركة تلجأ فى بعض الأحيان إلى التوقف عن العمل لعدة أشهر؛ خوفاً من تفشى الفيروس بين العمالة، وأحياناً بطاقة 25% فقط.
وارتفاع التكلفة جاء متزامناً مع تراجع شديد فى الطلب على المنتج؛ نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمستهلك، فضلاً عن قرارات غلق المحال مبكراً خلال موسم عيد الفطر، ما تسبب فى انخفاض شديد فى توريد المصانع منتجاتها إلى المحال التجارية.
أضاف «رزق»، أنَّ المصانع تستعد لبدء تصنيع الملابس الشتوية، بعد شهر من الآن.. لكنها تعانى تراجعاً شديداً فى السيولة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الخامات، والتى شهدت ارتفاعات مستمرة على مدار الأشهر الماضية؛ نتيجة ارتفاع أسعارها عالمياً، وزيادة تكلفة الشحن الدولى.
وقال المهندس محمد المرشدى، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، إنَّ المصانع العاملة فى القطاع بدأت تتعافى من التأثيرات السلبية التى تسببت فيها جائحة كورونا، خلال الفترة الماضية، ومن المتوقع أن تشهد الصناعة انتعاشة كبيرة العام الحالى.
وذكر أن توجه أغلب الدول لتطعيم مواطنيها بلقاحات كورونا وانحسار الوباء بشكل كامل فى السوقين المحلى والتصديرى، سيكون لهما مرود إيجابى على حركة مبيعات أغلب الشركات العاملة فى قطاع المنسوجات.
أضاف «المرشدى»، أن قطاع الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة يعتمد على القوة الشرائية للمستهلكين فى موسمى الصيف والشتاء، لافتاً إلى أن الصناعة شهدت تراجعاً كبيراً خلال الموسمين الماضيين؛ بسبب التفشى الكبير فى أعداد كورونا، فضلاً عن الإجراءات الاحترازية التى فرضتها الدولة على حركة المواطنين، وفرض حظر تجوال، وإغلاق المتاجر مبكراً.
وتوقع رواجاً فى المبيعات فى قطاعى المنسوجات والملابس الجاهزة، خلال الموسم الصيفى، حالياً؛ بسبب طمأنة المستهلكين بعد اكتشاف لقاحات كورونا، وكيفية التعامل مع الأزمة من حيث تطبيق مبدأ التباعد الاجتماعى وأخذ الحذر.
وعن وفرة المواد الخام اللازمة للتصنيع، أوضح «المرشدى»، أنًّ الدولة ركزت خلال السنوات الماضية على تعميق الصناعة المحلية، عن طريق تشجيع المصانع على تلبية احتياجات السوق من المواد الخام ونهائية الصنع.
وقالت شركة الأبحاث الدولية (فيتش سوليوشنز)، إنَّ مصر تمتلك فرصاً أكبر فى النمو بصناعة الملابس الجاهزة، إذ تمتلك أكبر قوة عمل فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بجانب انخفاض تكلفة العمالة مقارنة بمنافسيها فى آسيا.
وذكرت فى تقرير لها قبل فترة، أنَّ القرب المكانى بين مصر وأوروبا يمنح أفضلية الوصول للسوقين الأمريكى والأوروبى، بما يرجح كفة مصر، ويقلل من أهمية ارتفاع ضرائب العمالة وتكلفة التأمين. أضافت أن استثمارات البنية التحتية والإصلاحات الهيكلية تحسن بيئة العمل فى مصر وترفع تنافسيتها؛ فمصر يمكن أن تحرز مكاسب فى مجال الصناعات الوسيطة فى ظل خصائصها الديموجرافية المواتية، وتكلفة العمالة المنخفضة، كما أنها تبنت تشريعات جديدة للاستثمار وقانون الإعسار وحررت عملتها بما يعزز آفاق النمو لديها.
قال حسام الدين محمد، المدير العام لشركة بى جى للملابس الجاهزة (هارتس)، إنَّ مستجدات أزمة كورونا فى الهند، تسببت فى نقص بعض أنواع الغزول الطبيعية على المستويين العالمى والمحلى. وأوضح “محمد”، أن الهند هى أكبر مُصدر للغزول فى العالم كله، ورغم وجود مصادر أخرى للغزول، فإنَّ أزمة الهند ستجعل هناك ضغطاً على بقية الموردين، ما سيخلق أزمة كبيرة فى المستقبل بالنسبة للمواد الخام الخاصة بالملابس الجاهزة.
وأشار إلى أن ضعف المبيعات منذ بدء جائحة كورونا العالمية، ونقص السيولة، دفعا كبار موردى الخامات المحليين لإلغاء التعامل بنظام الدفع بالآجل، وهو ما يضع المصانع فى أزمة؛ بسبب ضعف مبيعاتها وتعدد التزاماتها المالية.
وأوضح أنه اضطر، خلال الفترة الماضية، لتخفيض الطاقة الإنتاجية لمصنعه، لمواكبة ضعف الطلب ونقص السيولة، لافتاً إلى أن قرار غلق المحال فى الساعة التاسعة مساء، عمق ضعف الطلب، وأضر بموسمى عيد الفطر والصيف.
وذكر أن الاستعداد للموسم الشتوى المقبل، يتم بأقل كمية منتجات جديدة، مقارنة بالمواسم السابقة؛ نظراً إلى تراكم المخزون الكبير الذى لم يتم بيعه خلال العام الماضى.
وقال خالد الروينى، أحد المستثمرين فى صناعة الملابس الجاهزة بمدينة السادات الصناعية، إن السوقين المحلى والتصديرى يعانيان حالة ركود كبيرة فى جميع القطاعات منذ اندلاع جائحة كورونا مطلع 2020.
أضاف أن شركات الملابس الجاهزة فى المنطقة تبحث خلال الفترة الحالية عن فرص تصديرية جديدة بالدول الأفريقية، على اعتبار عدم تضررها من أزمة كورونا مقارنة بالدول الأوروبية التى يتراجع فيها الطلب بشكل كبير خلال الفترة الحالية.
وذكر أن شركة الروينى المتخصصة فى الملابس الجاهزة كانت تسوق 90% من منتجاتها فى السوق المحلى قبل الجائحة، والباقى لصالح أسواق تصديرية عربية، لكن تراجع الطلب محلياً؛ بسبب ضعف القوى الشرائية سيدفع الشركة إلى البحث عن منافذ جديدة فى الأسواق الأفريقية.
وعن توقعاته للموسم الصيفى، أشار «الروينى» إلى أن أغلب الشركات لديها مخزون من العام الماضى، وتسعى لتصريفه حالياً عن طريق بيعه بالآجل للمحلات، فضلاً عن التخلى عن جميع هامش الربح مقابل التخلص منه للبدء فى تصنيع منتجات جديدة تناسب أذواق المستهلكين خلال المواسم المقبلة.
وقال هشام كمال، رئيس جمعية تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إنَّ الورش العاملة فى تصنيع الملابس الجاهزة تستعد لتعويض الخسائر التى تكبدتها، خلال الفترة الماضية، من خلال زيادة المبيعات فى موسم الصيف.
وأوضح أن أغلب الورش قبل الأزمة كانت تصنع للغير بجانب تصنيع منتجاتها، وتحديداً المصانع الكبيرة. لكن التغيرات التى طرأت على السوق أدت إلى وقف التصنيع للغير.
وذكر أن توجه عدد كبير من الورش فى ظل الأزمة إلى تصنيع الكمامات، أسهم فى تخفيف جزء كبير من الأعباء عليها.. لذلك فإنَّ تحسن صناعة الملابس الجاهزة مرتبط بتحسن حالة السوق خلال الفترة المقبلة وعودة القوى الشرائية لما كانت عليه.
وقال حمدى أبوالعينين، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات النسيجية، إنه يجب تعديل موعد غلق المحال فى الصيف، إذ إنَّ الساعة التاسعة هى توقيت مبكر جداً، يضر بالمحلات.
وشدد على ضرورة مراعاة التزامات المحلات التجارية والمصانع، بالذات مع طول مدة الأزمة، وعدم قدرتها على تحمل الآثار السلبية للجائحة لفترات طويلة.
وتطرق إلى أن العديد من المصانع ستستقبل الموسم الشتوى المقبل بينما المخزون متراكم لديها من السنة الماضية، وستقدم أقل كمية من المنتجات الجديدة؛ نظراً إلى ضعف الإقبال عموماً، وعدم ظهور بوادر لانتهاء أزمة كورونا فى القريب العاجل.