تشير البيانات الاقتصادية، خلال الشهرين الماضيين، إلى ارتفاع التضخم ونمو اقتصادى أقل على المدى القصير؛ بسبب اختناقات سلسلة التوريد، وعدم توافر المنتجات، وهى مشكلات تسعى الشركات جاهدة لإصلاحها، ورغم أن هذا أمر محبط للمستهلكين والشركات، فإنَّ هناك بصيصاً من الأمل يضىء آفاق النمو الاقتصادى فى عام 2022 عندما ستكون الشركات قد حظيت بوقت للحاق بالركب.
وأخمن أن توقعات النمو الاقتصادى الحقيقى الصادرة عن الاحتياطى الفيدرالى والتى تبلغ 3.3% للعام المقبل ربما تكون منخفضة للغاية، وأتصور أن عام 2022 قد يبدو وكأنه طفرة نمو مستدامة مقارنة بانطلاق وتوقف النمو الذى يبدو أننا نشهده فى عام 2021.
لا يوجد مكان يتجلى فيه هذا الأمر أكثر من سوق الإسكان، جاء تشييد المساكن ومبيعات المنازل الجديدة أقل من التوقعات فى أبريل؛ بسبب نقص المواد ونقص المخزون لتلبية الطلب.
وقالت شركة «تول براذرز» لبناء المنازل الفاخرة، فى مكالمة أرباح يوم الأربعاء، إنها تؤخر عرض المنازل الجديدة للبيع حتى يتم بناؤها بنسبة 50% وذلك جزئياً حتى لا يلتزموا بسعر ثم تنفجر تكاليفهم أثناء عملية بناء المنزل.
وأشار كبير الاقتصاديين فى شركة «زوندا»، على وولف، إلى أن شركات بناء المنازل يقولون إنَّ المنازل قيد التطوير الخاصة بهم ستكون محدودة للغاية فى النصف الثانى من عام 2021 قبل التوسع فى عام 2022، وهذا يشير إلى أن تقديرات نشاط الإسكان قد تكون مرتفعة للغاية لبقية عام 2021، ولكن المبيعات ستنطلق العام المقبل، ولأول مرة الشهر الجارى، نرى أيضاً إشارات على أن المشترين راضون عن الانتظار قليلاً بدلاً من الاستمرار فى دفع أسعار مرتفعة فى سوق ساخنة.
تحدث نفس الآلية فى قطاع السيارات الذى لا يزال مقيداً بنقص أشباه الموصلات، وسجلت نسبة المخزونات إلى مبيعات السيارات مستوى منخفضاً قياسياً فى مارس عندما اقتنص المشترون جميع السيارات الجديدة التى يمكنهم الحصول عليها، بينما يحاول المصنعون الحصول على أشباه الموصلات التى يحتاجون إليها لإنتاج المزيد.
واستمرت أسعار السيارات المستعملة فى الارتفاع حتى منتصف شهر مايو، ما يشير إلى أن أحوال السوق لم تهدأ بعد، وستبيع شركات صناعة السيارات عدداً أقل من السيارات فى الربع الثانى مما لو كان لديهم المزيد من السيارات للبيع، ولكن تماماً مثل سوق الإسكان يعنى كل ذلك أن هذه المركبات ستباع لاحقاً سواء كان ذلك فى النصف الثانى من عام 2021 أو فى وقت ما فى عام 2022.
ورغم أن بيانات سوق الإسكان والسيارات تكون هى الأكثر دقة، فإنَّ هناك سبباً وجيهاً للاعتقاد بأن هذه ديناميكية على مستوى الاقتصاد، وفى الربع الأول من عام 2021، شطب انخفاض المخزونات 2.6% من النمو الاقتصادى الحقيقي، واستنادا على المدة التى تستغرقها سلاسل التوريد لتتخلص من الاضطرابات ومدة بقاء الطلب قوياً، قد يستغرق الأمر حتى عام 2022 حتى يتوفر للصناعات الوقت لإعادة ملء مخزوناتها، وقد يكون هناك بعض التصحيح المفرط من قبل الشركات التى عانت مشكلات فى سلاسل التوريد لأرباع عديدة، وهو ما يدفعها للاحتفاظ بمخزون أكبر مما كان قبل الوباء – على الأقل المكونات الرئيسية التى قد يكون تأمينها أصعب من غيرها.
يجب أن يغير هذا تفكيرنا بشأن الازدهار الاقتصادى الذى اعتقدنا أنه سيكون قصة عام 2021، وبلغ النمو الاقتصادى الحقيقى 6.4% على أساس سنوى فى الربع الأول، وتشير البيانات التى تلقيناها حتى الآن إلى أن الربع الثانى يسير على مسار أفضل قليلاً من ذلك.
من المحتمل أن يكون النمو فى النصف الثانى من العام الحالى أقل بكثير مع تلاشى آثار شيكات التحفيز وإعادة الفتح، ومع نفاد المنتجات المتوافرة للبيع فى بعض الصناعات مثل الإسكان والسيارات، وقد لا يظل العام الجارى يشهد نمواً اقتصادياً قوياً، ولكنه أكثر تناقضاً مع التضخم العابر الذى نشهده الآن، وكل ذلك يقود إلى نمو أقوى فى 2022 مما تشير إليه التوقعات المجمع عليها.
وسيتم حل مشكلات سلسلة التوريد، وستعيد الشركات بناء المخزونات وربما تعود إلى الاستثمار فى المستقبل مع تلاشى الوباء، وقد يؤدى الحفاظ على مستوى النمو فوق الاتجاه طويل الأجل وبدون أنواع المشكلات التى نتعامل معها الآن إلى جعل 2022 أفضل من عام 2021 على الأقل على المستوى النفسى.
بالنسبة لشخص يحاول شراء منزل أو سيارة اليوم، قد يكون هذا قراراً صعباً، ولكن بالنسبة للمستثمرين والاقتصاديين وصانعى السياسات، فإنَّ دفع الازدهار إلى عام 2022 يعنى أن الظروف الاقتصادية القوية الحالية يجب أن تستمر لفترة أطول مما يعتقده الناس.
بقلم: كونور سين، كاتب مقالات رأى لدى «بلومبرج»، ومؤسس شركة «بيتش ترى كريك» للاستثمار.
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج».