يعد التحول الرقمي والاعتماد على الثورة الصناعية الرابعة، فرصة هامة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بمختلف قطاعاتها، لتطوير منتجاتها أو الخدمات التي تقدمها، وهو ما سيساعدها على النمو بشكل أسرع.
ولكن يتطلب ذلك، بعض التعديلات التشريعية التي تناسب التحول الرقمي، وإتاحة التمويلات بأسعار مميزة والبرامج التدريبية لتأهيل أصحاب الأعمال والعمالة للمرحلة المقبلة.
قال أحمد عثمان، رئيس المجلس الدولي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن القطاع سيستفيد من التحول الرقمي، إذ سيقلص الأعباء المادية التي تتحملها الشركات، نتيجة رقمنة العديد من الخدمات، وتوفير العمالة.
وأضاف أن جميع القطاعات ستشهد تغيرات كبيرة خلال المرحلة المقبلة، بسبب الرقمنة والاعتماد على المصانع الذكية، وسيكون قطاع التشييد والبناء أقل اعتمادًا على التكنولوجيا الحديثة، لاحتياجه للعامل البشري بشكل أساسا في عمليات البناء.
وأشار عثمان، إلى أن دور الدولة في الثورة الصناعية الرابعة سيتمثل في توفير برامج التدريب والتأهيل سواء للعمالة أو للشركات لمواكبة التطورات الجديدة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وكذلك في طرح تمويلات مخصصة لهذا الشأن بفوائد مميزة لتحفيز الشركات والمصانع الصغيرة والمتوسطة على التحول.
وأكد أن التحولات الرقمية ستساعد الصناعات الصغيرة والمتوسطة على تسويق منتجاتها عالميًا بطريقة أسهل وأسرع، وهي فرصة لم تكن متاحة سابقة بنفس السهولة.
وتطرق إلى إمكانية الاستعانة بالخبرات الأجنبية فيما يخص الثورة الصناعية الرابعة ، والاستفادة من خطوات التحول التي نفذتها دول منها كوريا الجنوبية وماليزيا بالإضافة إلى أوروبا.
وذكر أن الأكثر القطاعات التي ستستفيد من التحول الرقمي، هي شركات الاتصالات، سواء الكبيرة أو الصغيرة والمتوسطة، لأنها ستقود التحول لبقية القطاعات الاقتصادية، وهو ما ظهر بوضوح خلال جائحة كورونا.
قال عثمان، إن المجلس يُقدم خدمات وبرامج تدريبية فيما يخص التحول الرقمي للشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى أنه يجري حاليًا إنشاء موقع الكتروني لربط المشروعات الصغيرة والمتوسطة ببعضها، لتسهيل عملية التسويق بينهم.
وأكد بسام الشنواني، الأمين العام لجمعية شباب الأعمال، أن جائحة كورونا سرعت من خطوات التحول الرقمي في مصر، خصوصا بالنسبة للقطاعات الخدمية، وهي توجه عالمي في الوقت الحالي، يشمل القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وبالنسبة للقطاعات التجارية فإن البيع على الإنترنت سيساعد في خفض التكاليف التي يتحملها صاحب المشروع وسيساهم في انتشار أوسع وأفضل على شبكة الإنترنت ، وهو ما ينعكس إيجابا على المبيعات ، الأمر الذي فتح الباب لمجالات اقتصادية أخرى، مثل خدمات الشحن والتي تحولت للرقمنة بالتبعية، ويظهر ذلك في انتشار التطبيقات الخاصة بذلك.
وأشار إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ستستفيد بشكل كبير من الرقمنة، إذ أن أمامها فرصة كبيرة لتسويق منتجاتها من خلال الإنترنت والوصول المباشر لعملائها عن طريق التسويق الالكتروني، ولكن يتطلب ذلك تدريب وتأهيل أصحاب تلك المشروعات لكيفية وسبل تحقيق الاستفادة القصوى من استغلال الإنترنت بالشكل الامثل ونوعية الخدمات التي يمكنهم الحصول عليها من خلاله لتعظيم أعمالهم وعدم تحميلهم أعباء مادية تفوق إمكانياتهم.
وتابع الشنواني، أن الاعتماد على الإنترنت لتسويق المنتجات، سيساهم في وصولها إلى العملاء الأجانب بشكل أسرع ولا يحتاج الأمر سوى منصة الكترونية تدار باحترافية ولغة أجنبية، وهو ما سيساهم في زيادة صادرات المشروعات الصغيرة والمتوسطة تدريجيا.
وذكر أن المرحلة المقبلة تتطلب صياغة تشريعات جديدة تتناسب مع التطورات التي يشهدها الاقتصاد، والاتجاه نحو إنترنتت الأشياء سواء لخدمة القطاعات الخدمية أو الصناعية، فالعالم في الوقت الحالي يعيش مرحلة انتقالية لعصر جديد سيعتمد على الإنترنت بصورة أعمق حتى أنها ستشمل القطاع الصناعي.
وتطرق إلى صياغة قوانين جديدة تتماشى مع العصر الحالي وتغيراته للحفاظ على حقوق الأطراف المتعاملة من خلال الإنترنت، سواء التجارة أو تحويل الأموال، أو حقوق العاملين من خلال الإنترنت من تأمينات اجتماعية وصحية، وحقوق الدولة من الضرائب.
وأوضح أن انتشار الوظائف الالكترونية يحتاج قوانين تستهدف الوصول لطرق لحماية حقوق كل من العامل وصاحب العمل، لأن تلك الوظائف تنمو ويتوسع انتشارها بشكل أكبر، وهو ما تسارع خلال جائحة كورونا.
أشار الشنواني، إلى أن الرقمنة خلقت فرص عمل لم تكن موجودة من قبل، وهي قادرة على استيعاب عمالة كبيرة، بشرط أن تكون مواكبه للعصر والتطورات التي يتطلبها، نظرا لظهور وظائف جديدة مرتبطة بالتحولات الرقمية، مثل التسويق الالكتروني والتطبيقات المختلفة المرتبطة بخدمات التوصيل أو النقل.
وقال نادر عبد الهادي، رئيس جمعية تحديث الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إنه حال توافر سوق يستوعب تكلفة تحويل المصانع للعمل بتكنولوجيا الجيل الرابع، ستتسابق المشروعات الصغيرة والمتوسطة للتحول، للاستفادة من فوائدها، بما يحسن جودة منتجاتها وتقليل الوقت الزمني للإنتاج، ويساهم في زيادة المبيعات المحلية وكذلك التصدير.
أضاف عبد الهادي، أن تمويل تحول المصانع الصغيرة والمتوسطة ليست المعضلة الكبرى التي تحول دون مواكبة الثورة الصناعية الرابعة، إذ تتيح الدولة صور تمويلية متعددة تتناسب مع إمكانيات ذلك القطاع، ولكن يبقى السوق واستيعابه لتكلفة التحول هو العامل الرئيسي لذلك، إذ إن الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة الخاصة داخل المصانع سيكون مُكلفا، وشراء أحدث موديلات الماكينات الصناعية أغلى كثيرة من الماكينات التقليدية المتوفرة بالسوق.