تضرب موجة جديدة من «كورونا» مناطق عدة فى العالم، بالتزامن مع وقوع كوارث طبيعية فى الصين وألمانيا، والهجوم الإلكترونى الذى استهدف موانئ رئيسية فى جنوب إفريقيا.
وضغطت هذة الكوارث والأحداث المتلاحقة، نحو دفع سلاسل التوريد العالمية لنقطة الانهيار، مما يهدد ـ التدفق الهش- للمواد الخام وقطع الغيار والسلع الاستهلاكية، وفقًا للشركات والاقتصاديين والمتخصصين فى الشحن.
قال جاى بلاتن الأمين العام للغرفة الدولية للملاحة، إن «متغير دلتا» من فيروس كورونا، دمر أجزاء من آسيا ودفع العديد من الدول إلى قطع وصول البحارة إلى البر، وترك ذلك القباطنة غير قادرين على تدوير الأطقم المنهكة وحوالى 100 ألف بحار تقطعت بهم السبل فى البحر.
وأضاف : «لم نعد على أعتاب أزمة ثانية لتغيير الطاقم، نحن فى أزمة، وهذه لحظة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لسلاسل التوريد العالمية»
وأوضح أنه نظرًا لأن السفن تنقل حوالى %90 من التجارة العالمية، فإن أزمة الطاقم تعطل إمدادات كل شيء من النفط وخام الحديد إلى الأغذية والإلكترونيات، ووصف وضع خط الحاويات الألمانى هابج للويد بأنه صعب للغاية.
وأشار إلى أن سعة السفن ضيقة للغاية والحاويات الفارغة نادرة والوضع التشغيلى فى موانئ ومحطات معينة لا يتحسن بالفعل». وأنه من المتوقع أن يستمر هذا على الأرجح فى الربع الرابع من العام الحالى.
الفيضانات المدمرة فى الصين وألمانيا
فى الوقت نفسه، أدت الفيضانات القاتلة فى العملاقين الاقتصاديين الصين وألمانيا إلى مزيد من تمزيق خطوط الإمداد العالمية التى لم تتعاف بعد من الموجة الأولى للوباء، مما يعرض تريليونات الدولارات من النشاط الاقتصادى الذى يعتمد عليها للخطر.
وتحد الفيضانات الصينية من نقل الفحم من مناطق التعدين مثل منغوليا الداخلية وشانشى تمامًا، كما تحتاج محطات الطاقة إلى الوقود لتلبية ذروة الطلب فى الصيف.
فى ألمانيا، تباطأ النقل البرى للبضائع بشكل ملحوظ. ففى أسبوع كارثة الفيضانات، ارتفع حجم الشحنات المتأخرة بنسبة %15 عن الأسبوع السابق له، وفقًا لبيانات من منصة تتبع سلسلة التوريد فوركيتس.
قال نيك كلاين، نائب الرئيس للمبيعات والتسويق فى الغرب الأوسط فى شركة الشحن والخدمات اللوجستية التايوانية أو إى سى جروب، إن الشركات تتدافع لتحرير البضائع المكدسة فى آسيا وفى الموانئ الأمريكية بسبب التقاء الأزمات.
وأضاف أنه لن تتضح الأمور حتى مارس من العام المُقبل.
مزيد من الألم لصانعى السيارات
يُجبر صانعو السيارات مرة أخرى على إيقاف الإنتاج بسبب الاضطرابات الناجمة عن تفشى كورونا، إذ قالت شركة تويوتا موتور هذا الأسبوع إنها اضطرت إلى وقف العمليات فى المصانع فى تايلاند واليابان لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على قطع الغيار. فى حين أوقفت ستيلانتس الإنتاج مؤقتًا فى مصنع فى المملكة المتحدة لأن عددًا كبيرًا من العمال اضطروا إلى عزله لوقف انتشار الفيروس.
لقد تضررت الصناعة بالفعل بشدة من النقص العالمى فى رقائق أشباه الموصلات هذا العام، وخاصة من الموردين الآسيويين.
فى وقت سابق من هذا العام، كان إجماع صناعة السيارات على أن أزمة إمداد الرقائق ستخفف فى النصف الثانى من عام 2021 – لكن الآن يقول بعض كبار المسؤولين التنفيذيين إنها ستستمر حتى عام 2022.
قال مسؤول تنفيذى فى شركة لتصنيع قطع غيار السيارات فى كوريا الجنوبية، والتى تزود شركات فورد وكرايسلر وريفيان، إن تكاليف المواد الخام للصلب التى تم استخدامها فى جميع منتجاتها ارتفعت جزئيًا بسبب ارتفاع تكاليف الشحن.
وأضاف أنه عند أخذ ارتفاع أسعار الصلب والشحن فى الحسبان، فإننا نتكلف نحو %10 أكثر لتصنيع منتجاتنا.
وأوضح قائًلا «رغم أننا نحاول الحفاظ على انخفاض تكاليفنا، إلا أنه كان يمثل تحديًا كبيرًا. إنه ليس مجرد ارتفاع فى تكاليف المواد الخام، ولكن أيضًا أسعار شحن الحاويات قد ارتفعت بشكل كبير.»
من جهتها حذرت شركة إلكتروليكس، أكبر شركة لتصنيع الأجهزة المنزلية فى أوروبا، هذا الأسبوع من تفاقم مشاكل توريد المكونات، والتى أعاقت الإنتاج.
قالت دومينوز بيتزا -أكبر ثانى سلسلة للبيتزا فى الولايات المتحدة- إن اضطرابات سلسلة التوريد تؤثر على تسليم المعدات اللازمة لبناء المتاجر.
الصراع بين الولايات المتحدة والصين
تضرب سلاسل التوريد المتشابكة الولايات المتحدة والصين، وهما المحركان الاقتصاديان العالميان اللذان يمثلان معًا أكثر من %40 من الناتج الاقتصادى العالمى. قد يؤدى هذا إلى تباطؤ الاقتصاد العالمى، إلى جانب ارتفاع أسعار جميع أنواع السلع والمواد الخام.
البيانات الأمريكية الصادرة تتوافق مع وجهة النظر المتزايدة بأن النمو سيتباطأ فى النصف الأخير من العام بعد الربع الثانى المزدهر الذى يغذيه النجاح المبكر فى جهود التطعيم.
قال كريس ويليامسون، كبير اقتصاديى الأعمال فى أى أتش إس ماركت، تظل مشكلات السعة قصيرة الأجل مصدر قلق، حيث تقيد الإنتاج فى العديد من شركات قطاع التصنيع والخدمات بينما تدفع الأسعار فى نفس الوقت إلى أعلى مع تجاوز الطلب للعرض.
وأضاف أنه تراجع نشاط الشركات الأمريكى إلى أدنى مستوى له فى أربعة أشهر هذا الشهر حيث تكافح الشركات النقص فى المواد الخام والعمالة، مما يؤدى إلى زيادة التضخم.
أوضح أنها معضلة غير مرحب بها بالنسبة لمجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، الذى يجتمع الأسبوع المقبل بعد ستة أسابيع فقط من إسقاط تحذيره من فيروس كورونا باعتباره عبئًا على الاقتصاد.
وأشار إلى أن متغير دلتا، الذى يجبر بالفعل البنوك المركزية الأخرى على التفكير فى إعادة تجهيز سياساتها، يؤدى إلى زيادة جديدة فى حالات الولايات المتحدة، والتضخم يتجاوز التوقعات بكثير.
طاقة الشحن لا تزال ضعيفة.. وكورونا ينتعش على حساب الموانئ
قالت جمعية الموانئ والمرافئ الصينية إن طاقة الشحن لا تزال ضيقة، حيث تعانى الموانئ فى جميع أنحاء العالم من أنواع الاختناقات التى لم نشهدها منذ عقود.
وأضافت أن الصناعة التحويلية فى جنوب شرق آسيا والهند ومناطق أخرى تأثرت بانتعاش الوباء، مما دفع بعض الطلبات إلى التدفق إلى الصين.
فرضت شركة يونيون باسيفيك، إحدى مشغلى السكك الحديدية الرئيسيين اللذين ينقلان الشحن من موانئ الساحل الغربى للولايات المتحدة الداخلية، تعليقًا لمدة سبعة أيام لشحنات البضائع فى نهاية الأسبوع الماضى، بما فى ذلك السلع الاستهلاكية، إلى مركز فى شيكاغو حيث تلتقط الشاحنات البضائع.
وقال المختصون إن الجهود التى تهدف إلى تخفيف «الازدحام الكبير» فى شيكاغو ستضغط على الموانئ فى لوس أنجلوس ولونج بيتش وأوكلاند وتاكوما.
«الهاكرز» يمنحون القارة السمراء نصيبها من الكوارث!
لم تكن الأحوال فى القارة السمراء على ما يرام، رغم ابتعاد القارة لحد كبير عن الكوارث الطبيعية الأخيرة إلا أنها لم تنجو من الكوارث البشرية، فقد تعرضت موانئ الحاويات فى جنوب إفريقيا فى كيب تاون وديربان هذا الأسبوع إلى هجوم إلكترونى، مما أدى إلى مزيد من الاضطرابات فى المحطات.
بريطانيا تطالب بالعزل
إذا لم يكن كل ذلك كافيًا، فقد طلب التطبيق الصحى الرسمى فى بريطانيا من مئات الآلاف من العمال العزل بعد تواصلهم بشخص مصاب بـ كورونا، مما أدى إلى تحذير المتاجر من نقص فى الإمدادات وإلى إغلاق بعض محطات الوقود. وتحول ريتشارد ووكر، العضو المنتدب لمجموعة سوبر ماركت أيسلندا فودز، إلى تويتر لحث الناس على عدم الذعر من الشراء، وغرد قائًلا «نحتاج إلى أن نكون قادرين على إمداد المتاجر، ورفوف التخزين، وتوصيل الطعام».
كتب- أحمد حسن عبد الكريم








