سياسات الحكومة تعيق الاستجابة.. وإغلاق البلاد كان سيصبح مدمراً
تضرر اقتصاد إندونيسيا، وهو أكبر اقتصاد فى جنوب شرق آسيا؛ بسبب تفشى فيروس كورونا الأكثر خطورة فى المنطقة، إذ تجاوز عدد الوفيات حاجز الـ100 ألف وفاة الأسبوع الماضى.
وتعرضت حكومة الرئيس الإندونيسى جوكو ويدودو لانتقادات حادة لتطبيقها قيوداً غير متسقة واختيارها عدم فرض إغلاق على مستوى البلاد، حسبما نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
ومع ذلك، كشفت أزمة إندونيسيا أيضاً عن تحدٍ شديد الحدة يواجه الدول التى يعمل فيها الكثيرون فى الاقتصاد غير الرسمى، وهذا التحدى هو ما إذا كان يجب إغلاق بلد ما إذا كان يعرض سبل عيش قطاعات كبيرة من السكان للخطر.
حيرة صانعى السياسات تعيق الاستجابة
قال ديكى بوديمان، عالم الأوبئة فى جامعة جريفيث فى أستراليا، إن «هذا هو التحدى الأكبر لنظام الرعاية الصحية والقطاعات الأخرى، إنها مشكلة متعددة الأبعاد».
وكانت إندونيسيا قد قامت بتوسيع قيود كوفيد التى تم تنفيذها الشهر الماضى حتى 9 أغسطس، وهذه القيود تشمل العمل من المنزل للقطاعات غير الأساسية، والتعلم عبر الإنترنت، وحظر تناول الطعام فى المطاعم فى بعض المناطق مثل جافا وبالى وسومطرة وبابوا.
وكذلك، تعهدت الحكومة بتكثيف الاختبارات الخاصة بكوفيد وتعقب المخالطين للمصابين.
وتعليقاً على هذا الأمر، قال الرئيس ويدودو، إن الإجراءات ستقلل من انتقال وباء كوفيد- 19 وتجنب تعرض المستشفيات للشلل؛ بسبب ارتفاع حالات الإصابات بشكل هائل.
ويعتقد بوديمان أن القيود يجب أن تستمر لمدة أربعة إلى ستة أسابيع على الأقل حتى تصبح فعالة فى السيطرة على تفشى الوباء.
قالت إيرما هيدايانا، الشريك المؤسس لـ«لابور كوفيد-19» (LaporCovid-19)، وهى مبادرة لبيانات المواطنين، إن السلطات «تنكر» المدة التى يجب أن تظل القيود سارية خلالها.
وأشارت هيدايانا إلى أن الحكومة كانت «سريعة للغاية» فى تخفيف بعض القواعد فى أواخر الشهر الماضي، بما فى ذلك السماح للأسواق التقليدية وبعض الشركات الصغيرة بالعمل فى المناطق المتضررة بشدة.
وكذلك، اعترف ماركوس ميتزنر، الأستاذ المساعد فى العلوم السياسية بالجامعة الوطنية الأسترالية، بالتحديات التى تواجه بلداً كبيراً وفقيراً نسبياً، لكنه قال إن العثرات الحكومية أدت إلى تفاقم الأزمة.
وأوضح أن «الوضع الحالى هو نتيجة منطقية للتفاعل بين الطبيعة الوبائية للفيروس والدفاع العنيد عن السياسات غير المدروسة جيداً من قبل الحكومة الإندونيسية».
كافحت إندونيسيا لتطعيم سكانها البالغ عددهم 270 مليون نسمة، واعتمدت حملة التلقيح بشكل كبير على لقاح سينوفاك الصيني، لكن حوالى 8% فقط من السكان تلقوا جرعتين؛ بسبب محدودية الإمدادات وتحديات التوزيع والتشكيك فى اللقاح.
بالإضافة إلى ذلك، تعرض مئات الأطباء الذين تم تطعيمهم إلى الإصابة بالعدوى فى وقت لاحق، وهو الأمر الذى أثار مزيداً من المخاوف والشكوك بشأن فعالية لقاح سينوفاك، وبالتالى بدأت السلطات المحلية فى إعطاء العاملين فى مجال الصحة جرعات لقاح موديرنا المعززة.
فى الوقت نفسه، يحذر بعض المراقبين من أن الخيارات التى تواجه الحكومات فى الدول الفقيرة ليست واضحة المعالم. ومن هذا المنطلق، يقول وينفريد ويكلن، نائب المدير العام لجنوب شرق آسيا فى بنك التنمية الآسيوى، إن الوضع الاقتصادى يجعل قرار الإغلاق أكثر تعقيداً منه فى الاقتصادات المتقدمة.
وأشار إلى أن دولاً مثل إندونيسيا، ذات القطاعات غير الرسمية الكبيرة، أقل قدرة على التعامل مع إغلاق كبير أو كامل، حيث يضطر كثير من الناس إلى إعالة أنفسهم بأجور يومية، فهى معضلة كبيرة بالنسبة لأى بلد ومن الصعب الاختيار بين الحياة وسبل العيش.
يذكر أن بالى بها بعض من أعلى معدلات التطعيم فى البلاد، إذ تلقى حوالى 70% من الأفراد جرعة أولى وحوالى ربعهم تم تطعيمهم بالكامل، لكن اقتصادها- الذى يعتمد نصفه تقريباً على السياحة- عانى انكماشاً بنسبة 12.3% فى عام 2020، وانخفض عدد السائحين الوافدين يومياً من 10 آلاف سائح فى يناير إلى ما بين 300 و400 سائح حالياً.








