تراهن الحكومة الإسبانية بشكل كبير على تحديث المبانى الحالية لجعلها أكثر كفاءة فى استخدام الطاقة، والابتعاد عن تقاليد البلد فى المبانى الجديدة.
وتعتبر هذه الخطط طموحاً تخصص له الحكومة اليسارية الإسبانية نحو عُشر المنح البالغة 70 مليار يورو التى تتوقع الحصول عليها من صندوق التعافى الأوروبى من تداعيات فيروس «كورونا»، رغم الانتقادات المتعلقة بضخ الأموال فى قطاع البناء.
ويقول رودريجو موريل، الشريك فى «كريرا»، وهى الشركة التى تنفذ أعمال التحديث فى شمال مدريد: «المساعدات الحكومية تنطوى دائماً على مخاطر، إنها مثل المنشطات للاقتصاد، لكن لن يكون أمامك الكثير من الخيارات إذا كنت ترغب فى إحداث تغيير بسرعة كبيرة».
وباعتبارها أكبر عنصر فى خطة التعافى فى إسبانيا، ستشكل برامج كفاءة الطاقة اختباراً حاسماً لما إذا كانت البلاد ستستفيد من أموال غير الاتحاد الأوروبى لتحويل اقتصادها أو بدلاً من ذلك ستكرر أخطاء الماضى، وفقاً لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وتوضح الصحيفة أن البرنامج – الذى تبلغ ميزانيته 6.8 مليار يورو خلال الثلاثة أعوام المقبلة – سيدعم أعمالاً مثل توفير عزل أفضل وألواح كهروضوئية ومضخات حرارية فى المساكن الخاصة مع تجديد المبانى الحكومية وبناء مساكن اجتماعية جديدة.
وتعتقد الحكومة الإسبانية أن هذه الخطوة مهمة لتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبى لعام 2030 المتمثلة فى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الانبعاثات الكربونية، التى يأتى أكثر من خمسها فى إسبانيا من المنازل السكنية، وستوفر أيضاً وظائف ومهارات فى اقتصاد البلاد المتضرر بفعل «كورونا».
وقالت تيريزا ريبيرا، نائبة رئيس الوزراء الإسبانى لشئون البيئة، فى مقابلة: «هذا الأمر سيصبح أحد العوامل الرئيسية لإعادة تنشيط الاقتصاد».
وأضافت ريبيرا: «إنها مهمة ليس فقط لتأثيرها البيئى ولكن الاجتماعى والاقتصادى أيضاً، فالتطورات السكنية الكبيرة فى فترتى الستينيات والسبعينيات لا ترقى إلى المستوى القياسى من حيث الكفاءة والمواد المستخدمة»، مشيرة إلى أن البرنامج سيساعد فى تقليل فواتير الطاقة الخاصة بالأسر.
ومع ذلك، يقول النقاد إن هذه الخطة ما هى إلا أحد أعراض عادة قديمة سيئة، وهى اعتماد الاقتصاد الإسبانى على البناء كمحرك للنمو الاقتصادى، وليس على استثمارات أكثر إنتاجية.
وقبل الأزمة المالية العالمية، كان قطاع البناء هو الخليط غير السرى للاقتصاد، حيث ساهم بشكل كبير فى أرباح البنوك والشركات وعائدات الضرائب.
وفى عام 2004، قامت الدولة ببناء منازل أكثر من فرنسا وألمانيا وإيطاليا مجتمعة، لكن بعد الانهيار، تُركت إسبانيا بمليارات اليورو فى شكل قروض متعثرة ونصف مجمعات مبنية وعشرات الآلاف من العمال الذين يتمتعون بمهارات تشييد غير قابلة للاستخدام.
ويخشى عضو البرلمان الأوروبى لويس جاريكانو من أن الخطة كبيرة جداً، ويخشى أيضاً أن يتسبب التركيز على قطاع البناء فى المخاطرة بخلق فرص عمل ومهارات وفقاعة اقتصادية.
وفى الوقت نفسه، تعتبر احتياجات الاستثمار هائلة، حيث تقدر الحكومة وجود حاجة إلى ما مجموعه 40 مليار يورو لتحديث المبانى الإسبانية فى الفترة السابقة لعام 2030.
ويجادل جوان جروزارد، رئيس معهد تنويع الطاقة الحكومى فى إسبانيا، بأن الإعانات الجديدة ستوفر للناس حوافز للقيام بأعمال العزل وغيرها من الأعمال، مع العلم أن مثل هذه التحسينات قد تصبح فيما بعد التزام ضرورى.
ويأمل كل من جروزارد وريبيرا فى أن تتقدم البنوك وشركات الطاقة أيضاً للمساعدة فى تمويل تحديث المبانى، وأن تساعد المراكز الاستشارية الشاملة الأشخاص على تنفيذ التحسينات.
وتقول ريبيرا: «يجب أن تكون الأمور سهلة ويجب أن يكون هناك دافع اقتصادى لتفعيل التغيير فى عقلية ملايين من مالكى العقارات، لكن الدولة التى ابتكرت نظاماً للرهون العقارية سهلت طفرة البناء يجب أن تكون قادرة على القيام بشىء مماثل لتسهيل عملية الإصلاح بأكملها».








