عادةً ما يكون الشيء العظيم الذى يميز اقتصادات الأسواق الناشئة عن غيرها، هو إمكانية تسجيلها نمواً اقتصادياً.
وحتى نكون أكثر تحديداً فهى تنمو بسرعة أكبر من الأسواق المتقدمة مثل الولايات المتحدة، مما يوفر عوائد أعلى للمستثمرين الذين يعربون عن استعدادهم لتحمل مخاطر الاضطرابات والنكسات المتكررة التى تعانى منها الأسواق الناشئة النموذجية.
فى الواقع، ربما يكون المؤشر الوحيد الأكثر مراقبة للعوائد المتوقعة على أصول الأسواق الناشئة هو فارق نمو الناتج المحلى الإجمالى بين الأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة.
لكن الأسواق الناشئة تسجل الآن وتيرة نمو أبطأ من الولايات المتحدة وهو ما لا يشكل خبراً جيداً على الإطلاق بالنسبة لمستثمرى الأسواق الناشئة، وذلك وفقاً لما أوضحته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
تعليقاً على الأمر، يقول ديفيد هونر، الخبير الاستراتيجى المتخصص فى الأسواق الناشئة والاقتصادى لدى بنك أوف أمريكا، إن الأسواق الناشئة باستثناء الصين ستنمو بشكل أبطأ من الولايات المتحدة خلال العام المقبل، ليأتى هذا التباطؤ للعام الثالث على التوالى.
جدير بالذكر أيضاً أن أداء الصين نفسها ليس أفضل بكثير، ومن هذا المنطلق، يتوقع بنك أوف أمريكا إمكانية نمو أكبر اقتصادين فى العالم إلى حد كبير فى عام 2022، فمن المتوقع أن يسجل كلا البلدين نمواً بمعدل يزيد قليلاً عن %5 سنوياً.
قال هونر: «هذا هو أدنى تباين نسبى للتوقعات حرفياً فى تاريخ البيانات منذ ثمانينيات القرن الماضى».
وأوضحت «فاينانشيال تايمز»، أن النمو الأسرع فى الولايات المتحدة يعنى زيادة قوة الدولار وارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، وكلاهما يمثل تحدياً بالنسبة لأصول الأسواق الناشئة، فى حين أن تباطؤ النمو الاقتصادى فى الصين يعتبر أمراً سيئاً أيضاً، وبالتالى فإن ما سيحدث بعد ذلك سيكون حاسماً.
وأوضح هونر: «نحن نقترب من مفترض طرق مثير للغاية، فمن المقرر أن ينطوى الشهرين المقبلين على يوم الحساب بالنسبة للاقتصاد العالمى وخاصة بالنسبة للأسواق الناشئة».
ويفترض هونر، سيناريوهين مختلفين، أولهما عودة أسعار الطاقة، التى ارتفعت بشكل جنونى فى الأشهر الأخيرة بسبب مخاوف سلاسل الإمداد، من ذروتها المرتفعة وتخفيف مستوى الضغط المفروض على التضخم العالمى، فى الوقت الذى يخطط فيه صناع السياسة فى بكين إلى إيجاد حلولاً لأزمة قطاع العقارات فى الصين.
أما السيناريو الثانى فينطوى على استمرار أسعار الطاقة فى الارتفاع وتحول تباطؤ الاقتصاد الصينى ليصبح سيئاً.
توضح فكرة السيناريو الأول إمكانية العودة إلى قصة التعافى العالمى التى قادت المستثمرين إلى الاهتمام بالأسواق الناشئة فى بداية هذا العام، فى حين أن السيناريو الثانى ينطوى على تفكك كبير للأصول الخطرة، خاصة الأسهم والسندات فى الأسواق الناشئة.
قال هونر: «نحن نتبنى وجهة النظر الأكثر إيجابية».. لكنه حذر، فى الوقت نفسه، من أن هذا السيناريو يمكن أن يصحبه بعض التحفظات، فإذا كان هذا صحيحاً فإنه يمكن للمستثمرين الحصول على بضع نقاط مئوية، أما إذا كان خاطئاً فإن الخسائر ستكون ثنائية الأرقام.