بعد الحرب الأهلية التي استمرت حتى عام 2002، أشرفت الحركة الشعبية لتحرير أنجولا على طفرة مذهلة في البترول والبناء، والتي أمنت القروض الصينية جزءا كبيرا منها، وأصبحت أنجولا واحدة من أكبر الاقتصادات وأسرعها نمواً في أفريقيا في عهد الرئيس السابق خوسيه إدواردو دوس سانتوس.
مع ذلك، أصبح ثاني أكبر منتج للبترول في أفريقيا مرادفاً للفساد والإفراط، لحين تنحي دوس سانتوس عن منصبه في عام 2017، وتولي جواو لورنسو مقاليد الحكم ووعده بمحاربة الفساد واستعادة العدالة الاجتماعية.
لم يكن التغيير الاقتصادي أقل دراماتيكية، فقد استلزمه انخفاض الإنتاج في آبارها القديمة من حوالي 1.9 مليون برميل يومياً في عام 2008 إلى نحو 1.3 مليون برميل يومياً العام الماضي، كما أنه أشرف على خفض الكوانزا الأنجولي بنسبة 75%، تلك العملة المبالغ في قيمتها والتي جعلت من لواندا ذات يوم أغلى مدينة في العالم.
وقع لورنسو على قرض بقيمة 3.9 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي، وهو أكبر قرض يقدمه الصندوق على الإطلاق في أفريقيا، وألزمت بنود هذا القرض أنجولا بالانضباط المالي والمحاسبة الشفافة وإصلاحات السوق.
عن ذلك، يقول كلاوديو باولينو دوس سانتوس، وهو شاب يرأس وكالة الضرائب الأنغولية: “إنها نقلة نوعية تقلل من دور الدولة في الاقتصاد”.
وفي الخارج، حاول لورنسو إقناع أوروبا والولايات المتحدة بأن أنجولا لم تعد دولة منبوذة ولم تعد متحالفة بشكل وثيق مع الصين كما كانت في عهد دوس سانتوس، وذلك سعياً لحشد الاستثمار الأجنبي.
لكن في الداخل، لا يزال الاقتصاد عالقاً في حالة ركود منذ أعوام وتبدو الحركة الشعبية لتحرير أنجولا أكثر ضعفاً من أي وقت مضى في حكمها الذي دام 46 عاماً.
في الوقت نفسه، تعد أنجولا واحدة من أكثر الاقتصادات اعتماداً على البترول في العالم، فهو يشكل أكثر من 90% من صادراتها.
ويقول لورينسو إن استراتيجيته تتمثل في السعي وراء المزيد من الاستثمارات في الوقود الأحفوري لحين بناء اقتصاد أكثر اخضراراً وتنوعاً.
وفيما يتعلق بمشروع يضم شركة “إيني” الإيطالية، قال “إننا نعمل على جذب استثمارات أكبر في إنتاج البترول، لكن بشكل خاص في إنتاج الغاز الطبيعي”.
كما تعتبر الحاجة واضحة، إذ تقلص الاقتصاد بنسبة 10% تقريباً منذ عام 2016، بحسب البنك الدولي، وهو وضع تفاقم بسبب الوباء، كما بلغ معدل التضخم 26.5%، ويُحرم موظفو الدولة السابقون من امتيازاتهم، كما يواجه الأنجوليون الفقراء الذين يعيشون على أقل من دولارين يومياً- حوالي 54% من 37 مليون نسمة- معاناة أكبر بكثير.
يعترف لورينسو بشراسة ما يسميه “العاصفة”، لكنه يقول إنها ستمر مع بدء جهود الإصلاح، وسيأتي الانتعاش الاقتصادي، مشيراً إلى توقعات وزارة المالية بأن النمو سيكون ثابتاً هذا العام، وسينمو الاقتصاد بنسبة 2.4% في عام 2022.
ويضيف أن حكومته “كبحت المالية العامة” ووضعت الدين الخارجي للبلاد، الذي يمثل حوالي 120% من الناتج المحلي الإجمالي، على ما يسميه قاعدة “مستدامة”.
يقول ريكاردو سواريس دي أوليفيرا، خبير أنجولي بجامعة أكسفورد، إن سياسات الرئيس حظيت بالثناء خارج البلاد أكثر منها في الداخل، موضحاً أن لورينسو يدير التوقعات بعناية عبر تسليط الضوء على عمق أزمتي البترول والوباء، لكن النتيجة هي أن فترة رئاسته لم ترق إلى مستوى توقعات الأنجوليين بتحسين الاقتصاد.
وربما يكون الفشل في تغيير الأمور الاقتصادية ساهم بالفعل في إعادة الاصطفاف السياسي، حيث تستنشق أحزاب المعارضة فرصة، في حين أن لورينسو يقول إنه يتفهم السخط الشعبي لكنه يصر على أن إصلاحاته تحرز تقدماً.
وسلط لورينسو الضوء على الخصخصة باعتبارها بنداً مركزياً من بنود السياسة، قائلاً: “نريد جعل كل تلك الأصول التي كانت تحتفظ بها الدولة سابقاً أكثر كفاءة ونقلها إلى القطاع الخاص حتى ينتج مزيدا من السلع والخدمات الأفضل”.
كما وصف التنويع بأنه مسألة “حياة أو موت” وسط تضاؤل احتياطيات البترول، لكن التقدم في المجالات المختلفة، حتى الزراعة والسياحة، كان بطيئاً بشكل مؤلم.








