مع اقتراب عام 2021 من نهايته، ليس ثمة شك في أن سياسات الولايات المتحدة في عهد الرئيس الحالي جو بايدن لن تصل إلى مستوى ترامب.
وهذا كان متوقعاً على نطاق واسع.. لكن لا تزال هناك فرصة ضائعة للتغيير الإيجابي من جانب إدارة بايدن، بينما كانت قوة المنظمين الصينيين في ترويض عمالقة التكنولوجيا أمراً غير متوقعاً خلال العام الماضي في مجال التكنولوجيا الصينية.
وإذا كان عام 2021 هو العام الذي هدأت فيه الأوضاع لصالح التكنولوجيا الصينية في كل من بيئتها الخارجية والداخلية، فسيكون عام 2022 أكثر هدوءاً بشأن كيفية تنفيذ سياسات محددة.
ومع ضبط اللهجة الأساسية بحزم، نأمل ألا تكون هناك أي مفاجآت كبيرة ولا أي تحولات رئيسية في السياسة رغم أن ذلك لا يزال ممكناً.
سيدخل قطاع التكنولوجيا الصيني المصاب بكدمات في مرحلة لعق الجرح عندما تجري الصناعة وشركاتها الفردية تعديلات صغيرة وتحسينات تدريجية على أمل أن تتحسن الأوضاع مرة أخرى وصولاً إلى المستقبل البعيد.
ومع أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار، سلطت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية، الضوء على 5 توقعات بشأن التكنولوجيا الصينية في عام 2022، وهي:
الصراع بين الولايات المتحدة والصين سيستمر بشأن التكنولوجيا.. لكنه لن يخرج عن السيطرة
من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة والصين صراعهما بشأن قضايا مألوفة بطريقة مماثلة لما كان عليه الوضع في الماضي، وستضيف الولايات المتحدة مزيدا من الشركات الصينية على الأرجح إلى قائمة الكيانات، وهي قائمة بالشركات التي يتعين عليها التقدم للحصول على تراخيص خاصة لشراء التقنيات والمنتجات الأمريكية، وربما قطع مزيد من العلاقات المالية المتعلقة بمخاوف القدرة العسكرية الصينية المزعومة.
ويمكن أن تحاول الصين كسب مزيد من النفوذ من خلال تشديد قبضتها على شركات التكنولوجيا الخاصة بها ومخازن البيانات الضخمة.
لكن مثل الزوجين اللذين يتجادلان طوال الوقت لكنهما قادران على الحفاظ على اتحادهما كما هو، فإن القوتين التكنولوجيتين العظمتين تتفهمان الترابط العميق بينهما، إذ تعد الآلة العملاقة التي تمثل قطاع التكنولوجيا في الصين جزءاً من سلسلة الإمداد العالمية لأشباه الموصلات التي تهيمن عليها الولايات المتحدة، والتي تعتمد بدورها بشكل كبير على السوق الصينية لتمويل عمليات البحث والتطوير الضخمة، وبالتالي فإن الانفصال غير وارد.
الصين لن تحرز سوى تقدم ضئيل في جهود الاعتماد على الذات
رغم أهداف بكين الطموحة المتمثلة في تحقيق درجات متفاوتة من الاعتماد على الذات بحلول عام 2025 أو 2030، فإن التقدم في هذا الشأن سيستغرق عقوداً زمنية بدلاً من ذلك، ولا يحتمل أن تكون ثمة اختراقات كبيرة خلال العام المقبل لتغيير اعتماد الصين الكبير على التكنولوجيا الأجنبية.
يعد الإجراء الأخير الذي اتخذته شركة “هواوي تكنولوجيز” لترخيص تصميمات الرقائق الخاصة بالهواتف الذكية لأطراف ثالثة مؤشراً آخر على أن الشركة نفسها تدرك أن هذا الأمر سيستغرق أعواما.
ويُقال إن مصنع “هواوي” الذي يعتمد على نفسه في تصنيع أشباه الموصلات والقادر على تصنيع رقائق بقطر 28 نانومتر في شنغهاي بحلول نهاية العام المقبل يواجه تأخيرات، لذلك دعونا نرى ما إذا كانت شركة “شنغهاي مايكرو إلكترونكس إكويبمنت” الصينية يمكن أن تنتج شيئاً قادراً على صنع رقائق بقطر 28 نانومتر في العام المقبل، بعد أن قيل إنها قادرة على الوصول إلى هذا الإنجاز من قبل خلال عامي 2020 و 2021.
بكين بإمكانها زيادة تشديد اللوائح التكنولوجية
في ظل تنفيذ قانونين رئيسيين جديدين في عام 2021- وهما قانون أمن البيانات الصيني وقانون حماية المعلومات الشخصية- من المحتمل أن تكون هناك إجراءات إنفاذ قوية العام المقبل، وستستمر الجهات التنظيمية الصينية أيضاً في مقاضاة شركات التكنولوجيا التي تنتهك قواعد مكافحة الاحتكار والمنافسة.
كذلك، تعتزم بكين إضافة مزيد من الأجهزة إلى صندوق أدواتها، مع وجود لوائح جديدة بشأن الإعلان عبر الإنترنت وأنظمة توصية الخوارزميات المحتمل أن تصل العام المقبل.
ومن المتوقع أن يتعرض قطاع التكنولوجيا في الصين لمزيد من الضرر في عام 2022 على صعيد التنظيم، لكنه سيواجه لحظة يمكن أن تحقق فيها الصناعة أهدافاً للامتثال، وبالتالي تبدأ التعافي من الضربات التنظيمية لبكين.
فصل التكنولوجيا بين الولايات المتحدة والصين
رغم حقيقة أن الاعتماد المتبادل بين الولايات المتحدة والصين عميق جداً، فقد زادت التجارة الثنائية بين البلدين بشكل جيد خلال العام الحالي، ولا تزال الحيازات المتقاطعة للأصول المالية تصل إلى تريليونات الدولارات، وهناك أيضاً تصدعات في مجالات محددة يمكن أن تسرع الفصل.
من المرجح أن تشتري الحكومة الصينية والشركات المملوكة للدولة مزيدا من أجهزة الكمبيوتر والبرمجيات محلية الصنع، وهذا التفضيل للمنتجات المحلية سيمتد إلى قطاعات أخرى، مثل المعدات الطبية.
ويمكن أن تصبح شركات التكنولوجيا الصينية أكثر انفصالاً عن السوق المالية الأمريكية، إذ سيصبح استثمار رأس المال الاستثماري والاكتتابات العامة على الأرجح محلياً بشكل أكثر.
ظهور أضرار آلة الابتكار التكنولوجية الصينية
تطلب سياسات بكين المعلنة مثل “الرخاء المشترك”، من رواد الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية وملاك الشركات أن يصبحوا ساسة، وهذا الأمر لم تتم تجربته من قبل وفرصة نجاحه مشكوك فيها، كما أنه يفتح مجالات للفساد المحتمل وتضارب المصالح.
وإذا ركز رواد الأعمال والمستثمرون فقط على القطاعات التي تشجعها الحكومة، فإنهم سيبدأون في استنزاف النشاط الكلي لآلة الابتكار التكنولوجية بالصين، مع العلم أن الابتكار لا يجدي نفعاً عند تقييده داخل قفص.
باختصار، سيشهد العام المقبل بداية حقبة جديدة من التكنولوجيا الصينية، مثله مثل ازدهار الإنترنت في عقدي 1990 و 2000 وما تلاه من طفرة الإنترنت عبر الهاتف المحمول والذكاء الاصطناعي.








