هل يمكن لتفشي معتدل من “أوميكرون” بالإضافة إلى التحرك المتشدد بقوة من قبل “الاحتياطي الفيدرالي” أن يضعف قيمة الذهب؟
قد تكون عمليات البيع المكثفة في سندات الخزانة الأسبوع الماضي نوبة فزع صغيرة أكثر من كونها نوبة غضب، لكن الارتفاع الأخير في مؤشرات أسعار الفائدة الحقيقية، حتى لو كان من مستويات دون الصفر، يسبب مشاكل للمضاربين على ارتفاع الذهب، وبعد كل شيء، لقد مررنا بنفس الموقف من قبل.
يحب الذهب الأوضاع غير المعتادة – مثل السياسة النقدية المتساهلة بشكل غير طبيعي وما يرتبط بها من تضخم مفرط، والفوضى الاقتصادية وكل شخص يأكل الفاصوليا الباردة من العلبة، كما أنه في الوضع المعاكس، لا تشير علامات التطبيع أيضا إلى أن الأمور ستسير بشكل جيد، ومن ثم، نتجت موجة بيع عن نوبة الغضب الأولية في عام 2013، ثم الأخرى في نهاية عام 2016، نتيجة ارتفاع المستوى المستهدف للفائدة الرسمية من قبل الفيدرالي فوق 0.5%.
ومع ذلك، فإن ظهور كوفيد 19 المفاجئ في نهاية عقد من السياسة النقدية فائقة التيسير قلب الأمور رأساً على عقب، وفي الصيف الماضي، ارتفع الذهب لفترة وجيزة فوق 2000 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
ونظريا، يمكن أن تعزز عودة التضخم سعر الذهب، لكن هناك تعقيدات.
كما كتب زميلي بريان تشاباتا في مقال لوكالة أنباء “بلومبرج” يمكن قراءة عمليات بيع سندات الخزانة الأسبوع الماضي على أنها “رسالة تبعث على الأمل” حول الموجة الأخيرة من فيروس كوفيد 19، وقال: “بينما تنذر الزيادة في حالة الأرقام باضطراب، يبدو أن متحور أوميكرون يتسبب في عدد أقل من حالات دخول المستشفى والوفيات، وتضيف نتائج دراسة نشرت يوم الجمعة من قبل مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها المزيد من الأدلة على أن التطعيم يقلل بشكل كبير من مخاطر النتائج الوخيمة من العدوى”.
لذا، في حين أن الاضطراب الناجم عن بقاء العمال في المنزل بعد الاختبار الإيجابي يجب أن يبقي الضغوط التضخمية على المدى القريب مرتفعة، فلن يتحول عام 2022 بالضرورة إلى عام 2020 مع كل الفوضى الاقتصادية التي قد تترتب على ذلك، بعبارة أخرى، هذه بيئة يمكن فيها للاحتياطي الفيدرالي أن ينجح في حديثه المتشدد فجأة عن التضخم دون تعريض الانتعاش للخطر.
حتى أرقام الوظائف السيئة اسميا يوم الجمعة يجب أن يُنظر إليها في سياق مدى غرابة الظروف في الوقت الحالي. زانخفض معدل البطالة إلى أقل من 4% حتى مع تراجع التوظيف، والأهم من ذلك، أن تضخم الأجور بنسبة 4.7% تجاوز بنصف نقطة مئوية التوقعات المرتفعة بالفعل، وارتفعت عوائد سندات الخزانة، مدفوعة بتلك الأخبار بدلا من أرقام كشوف الرواتب الرئيسية.
بالنسبة للذهب – ودعونا نواجه الأمر، وكل فئة من فئات الأصول الأخرى إلى حد كبير – يتعلق السؤال الكبير بسرعة تطبيع السياسة النقدية وما إذا كان هناك متحور آخر أكثر سوءًا (أو كارثة أخرى)، ويعد الارتفاع الأحدث في معدلات الفائدة الحقيقية، كما يتضح من العائد على سندات الخزانة المحمية من التضخم، صغير بما يكفي بحيث يمكن اعتباره مجرد تقلب آخر تحت الصفر، ما يترك الذهب غير مضطرب نسبيا، ومن ناحية أخرى، تشير العقود الآجلة للفائدة الفيدرالية إلى احتمال نسبته 80% تقريبا لزيادة سعر الفائدة في أقرب وقت في مارس، ومن المفترض أن توفر بيانات التضخم الأسبوع الجاري وظهور رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول لأول مرة في مجلس الشيوخ أدلة إضافية على ذلك.
وفي الوقت نفسه، يشير كريس واتلينج، الذي يدير شركة “لونجفيو إيكونوميكس”، وهي شركة أبحاث مقرها لندن، إلى انهيار العلاقة بين عائد سندات الخزانة المحمية من التضخم وأسعار الفائدة الآجلة التي تنطوي عليها عقود اليورو الآجلة، وعادةً ما يتتبع كل منهما الآخر عن كثب، ولكن معدل اليورو دولار الضمني الآن في المنطقة الإيجابية وأعلى بأكثر من نقطة مئوية واحدة، ويتوقع أن “يلحق” به عائد السندات المحمية من التضخم كدليل على تصاعد الانتعاش الاقتصادي، وعندما يحدث ذلك، فإن سعر الذهب، الذي يقاوم حتى الآن التقلبات في سوق الخزانة، قد يلحق بالتحركات أيضا – عن طريق التحرك لأسفل.
بقلم: ليام دينينج، كاتب مقالات رأي لدى “بلومبرج” يغطي الطاقة والتعدين والسلع.
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”.
