كيف يمكن للأفراد التعامل مع تأثير التضخم على مدخراتهم؟

إذا لاحظت أن فاتورة البقالة قد ارتفعت رغم أنك تشترى نفس الكمية من الطعام، وأن سعر قطع ملابسك ارتفعت عن السابق وتكلفة وصولك لنفس المكان الذى اعتدت الذهاب له كل يوم قد زادت، فهذا يعنى أنك تعانى من التضخم.

على المستوى العالمى تقول قناة سى إن بى سى الأمريكية، على موقعها الإلكترونى، إن الارتفاع فى أسعار السلع والخدمات خلال الأشهر القليلة الماضية يرجع فى الغالب إلى إعادة الفتح بعد فترات الإغلاق بسبب تداعيات كورونا ولا نعرف بشكل دقيق مدة استمرار هذا الارتفاع وكيفية التصرف على المستوى المالى.

أضافت: قد تعنى الأسعار المرتفعة بالنسبة للمستهلك اليومى، الحد من أى إنفاق مبالغ فيه لتجنب حدوث ضرر كبير لمحفظته المالية، ولكن يختلف الأمر بالنسبة للمستثمرين، فقد يكونون أكثر قلقًا بشأن خسارة أموالهم لقيمتها فى السوق.

وتحدثت إلى مجموعة من الخبراء للحصول على أفضل نصائحهم حول الطرق التى يمكن من خلالها ادخار أموالهم مع ارتفاع معدلات التضخم.
ووفقأ للخبراء الذين تحدثت إليهم القناة هناك خيارات أمام الأشخاص للحفاظ على أموالهم فى أوقات التضخم، هذه أبرزها:

1 – سندات الخزانة المحمية من التضخم

قد يبدو المصطلح فضفاض وغير واضح ولكنه فى الواقع يشير بكل بساطة إلى السندات الحكومية التى تعكس الزيادة والانخفاض فى معدلات التضخم. لذلك عندما يرتفع معدل التضخم، ترتفع أسعار الفائدة المدفوعة. وفى حالة انخفاض الأسعار، تتراجع أسعار الفائدة.

ويقول دياهان لاسوس، مسئول التخطيط المالى ومدير إدارة الثروة الخاصة فى شركة بى باك «يمكن لسندات الخزانة المحمية من التضخم أن تساعدك فى موازنة دخلك الثابت أو محفظة السندات الخاصة بك وذلك لأنها مرتبطة بالتضخم».

وتعتبر سندات الخزانة المحمية من التضخم واحدة من أكثر الاستثمارات أمانًا لأموال الأشخاص فى الولايات المتحدة الأمريكية وطريقة فعالة لتنويع استثماراتهم، لأنها مدعومة من قبل الحكومة الفيدرالية الأمريكية.

ونقلت القناة عن إيمى أرنوت، الخبيرة الاستراتيجية فى مجال المحافظ الاستثمارية فى مورنينجستا، أن سعر سندات الخزانة يرتفع بما يتماشى مع مؤشر أسعار المستهلك، وهو مقياس لأسعار المستهلك المدفوعة بمرور الوقت، وهو يساعد فى الحماية من هذه الزيادة غير المتوقعة فى معدلات التضخم.

وأضافت أرنوت: «تشكل سندات الخزانة المحمية من التضخم الوسيلة الأفضل للتحوط ضد التضخم بالنسبة للمستثمر العادى».

وتدفع سندات الخزانة المحمية من التضخم فائدة مرتين فى السنة بسعر ثابت، ويتم إصدارها فى مواعيد استحقاق تصل مدتها من 5 و10 و30 سنة.

وفور قدوم موعد الاستحقاق، يسترد المستثمرون رأس المال المعدل أو الأصلى، أيهما كان أكبر.

2 – الأموال السائلة

قد يبدو هذا مفاجئًا، فالنقود السائلة ينظر إليها على أنها ضحية طبيعية للتضخم لأنها لا تزيد مع زيادة الأسعار، وتقول أرنوت إنه غالباً ما يتم تجاهل النقود باعتبارها وسيلة للتحوط من معدلات التضخم المرتفعة.

وأضافت: «رغم أن الكاش لا يعتبر أصلًا قابلًا للزيادة، فإنه عادة ما يتبع التضخم بالقيمة الاسمية وذلك حال كان ارتفاع معدلات التضخم مصحوبة بارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجل».

وتؤيد آنا نجى كونتى، مسئولة التخطيط المالى ومؤسسة دير تو دريم للتخطيط المالى، هذا الرأى بعد أن أثبتت فترة الوباء كيف يصعب وضع توقعات عن الوضع الاقتصادى، كما تقترح «كونتي» الاحتفاظ بشكل دائم ببعض الأموال فى حساب توفير ذو عائد مرتفع أو حساب سوق المال أو عبر الأقراص المدمجة.

كما أضافت كونتى: »مخاطر وجود الكثير من السيولة النقدية محدودة على الوضع المالى للأفراد».

وتوصى كونتى بتخصيص فترة تتراوح من ستة إلى تسعة أشهر للأسر ذات الدخل الواحد وستة أشهر من النقود للأسر ذات الدخل المزدوج.

وتنصح «لاسوس» الأفراد بالحفاظ على ودائعهم فى آجال قصيرة لحين اتضاح الشكل الذى قد يبدو عليه التضخم على المدى الطويل بشكل أفضل.

3 – السندات قصيرة الأجل

قالت «سى إن بى سى» إن الاحتفاظ بالأموال فى سندات قصيرة الأجل يعد استراتيجية مماثلة للاحتفاظ بالنقود على شهادات إيداع أو حساب توفير، حيث تحتفظ بأموالك آمنة كما يمكن الوصول إليها بسهولة.

وإذا أدى ارتفاع معدلات التضخم إلى ارتفاع أسعار الفائدة، فى هذه الحالة تكون السندات قصيرة الأجل أكثر مرونة فى حين ستعانى السندات طويلة الأجل من الخسائر.

ووفقا لمقترحات لاسوس من الأفضل الاحتفاظ بالسندات قصيرة إلى متوسطة الأجل وتجنب السندات طويلة الأجل.

وتنصح أرنوت:» تأكد من أن سنداتك أو صناديق السندات الخاصة بك قصيرة الأجل لأنها ستتأثر بشكل أقل إذا ارتفعت أسعار الفائدة بوتيرة أسرع، كما يمكن للمستثمرين إعادة استثمار السندات قصيرة الأجل بأسعار فائدة أعلى إلى أن يحين موعد استحقاقها».

4 – الأسهم

تقول أرنوت: «يمكن أن تكون الأسهم وسيلة جيدة للتحوط من التضخم على المدى الطويل، لكنها يمكن أن تعانى على المدى القصير فى حالة ارتفاع معدلات التضخم».

وتحذر لاسوس من أن التضخم الحالى قد يكون مؤقتًا، لهذا لابد من الحذر وعدم إدخال تغييرات جذرية على محفظتك الاستثمارية على النحو الذى قد يضر بالأداء إذا انخفضت معدلات التضخم.

وقالت لاسوس: «يعد التنويع الاستثمارى أمرا جيدا سواء كان هناك معدلات تضخم مرتفع أو مستقر».

5 – العقارات

تعمل سوق العقارات بشكل جيد خلال الفترات التى ترتفع فيها معدلات التضخم، حيث يمكن أن تزيد قيمة العقارات فى مثل هذه الفترات. هذا يعنى أنه يمكن لمالك العقار أن يفرض عليك رسومًا إضافية مقابل الإيجار، مما يؤدى بدوره إلى زيادة دخله بما يتماشى مع معدلات التضخم المتزايدة.

كما يمكن إجراء الاستثمارات العقارية من خلال صناديق الاستثمار العقارى أو من خلال الصناديق المشتركة التى تستثمر فى صناديق الاستثمار العقارى.

وتقول أرنوت: «الأساسيات موضع تساؤل إلى حد ما بسبب التأثيرات طويلة المدى لفيروس كورونا».

ولا يزال الطلب على العقارات التجارية، مثل المكاتب ومساحات البيع بالتجزئة، يشهد حالة من التجاهل فى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تعتمد المزيد من الشركات العمل عن بعد أو النماذج الهجينة.

6 – الذهب

ورغم أن الذهب لا يعتبر وسيلة دائمة للتحوط من ارتفاع معدلات التضخم على المدى القصير، لكنه يتجه إلى مواكبة معدلات التضخم على المدى الطويل.

7 – السلع

عادة ما ترتفع أسعار المواد الخام مثل النفط والمعادن والمنتجات الزراعية جنبًا إلى جنب مع ارتفاع معدلات التضخم، لذلك يمكن أن تكون وسيلة جيدة للتحوط ضد التضخم.

وترى أرنوت أنه يجب على المستثمرين إدراك أن السلع يمكن أن تكون من الاستثمارات المحفوفة بالمخاطر، حيث تعتمد أسعار السلع إلى حد كبير على العرض والطلب، بالتالى قد تكون غير متوقعة إلى حد كبير وهذا ما يجعلها استثمارًا محفوفًا بالمخاطر، بالإضافة إلى اعتماد المستثمرين على الرافعة المالية: ما يعنى تضخيم الربح المحتمل، وكذلك الخسائر المحتملة.