مشروع حياة كريمة يستهدف نصف سكان مصر ويتكلف 52 مليار دولار
قالت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن مشروع تنمية الأسرة الذى تتبناه الحكومة يستهدف ضبط النمو السكانى والارتقاء بالخصائص السكانية.
وأوضحت، فى كلمتها أمام فى كلمتها بالجلسة الافتتاحية لمنتدى البرلمانيين العرب للسكان والتنمية بمجلس النواب، إن مصر تتعامل مع القضية السكانية فى إطار جهود أعم وأشمل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة يتم من خلالها تنفيذ المبادرات والمشروعات التنموية لتوفير السكن اللائق والحياة الكريمة، وتكثيف الاستثمار فى البشر، لتحسين جودة الحياة للمواطن المصرى باعتباره الهدف الاستراتيجى للدولة.
وقالت إن مُبادرة “حياة كريمة” تعد أكبر المبادرات التنموية فى تاريخ مصر والعالم من حيث حجم التمويل وعدد المستفيدين، حيث يستهدف المشروع كل قرى الريف المصري، نحو 4500 قرية يعيش بها أكثر من نِصف سكان مصر البالغ 58 مليون مواطن، فتسعى الدولة لتحويلها إلى تجمّعات ريفية مُستدامة تتوافر بها جميع الاحتياجات التنموية خلال 3 أعوام وبتكلفة إجمالية تبلغ نحو 52 مليار دولار.
وقالت السعيد، إن الاقتصاد المصرى حقق معدلات نمو إيجابية رغم التداعيات غير المسبوقة لجائحة كوفيد 19، كذلك تحقيق تحسن ملحوظ فى العديد من مؤشرات التنمية البشرية منها خفض معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة، ورفع متوسط العمر عن الميلاد، وخفض نسبة التسرب من التعليم، وزيادة نسبة التغطية بمياه الشرب لتصل 99%، وكذلك زيادة التغطية بخدمات الصرف الصحى، من 50% عام 2014 الى 65% عام 2020.
وأكدت أن استدامة النتائج الإيجابية لمؤشرات التنمية لن تتحقق بدون وجود سياسات سكانية داعمة، لذا كان من الضرورى وضع مشروع قومى لإدارة القضية السكانية بشكل مستدام ومن منظور تنموى شامل، وقد تم إعداد المشروع من خلال تعاون بين كل الجهات المعنية وبالاستعانة بعدد من الخبراء فى مجالات الاقتصاد والسكان والعلوم الاكتوارية، وحرصت الدولة فى إعداده على الاطلاع على تجارب الدول الأخرى والاستفادة من النتائج التى حققتها تجارب مصر السابقة فى إدارة القضية السكانية.
تابعت السعيد، أن مشروع تنمية الأسرة المصرية راعى عدة اعتبارات ومبادئ رئيسية أهمها أن يكون الهدف الرئيسى هو إدارة القضية السكانية من منظور تنموى شامل يعتمد فى الأساس على الارتقاء بالخصائص السكانية كالتعليم، والصحة، وفرص العمل، والتمكين الاقتصادي، والثقافة إلى جانب ضبط النمو السكاني، بالإضافة إلى إدماج المكون السكانى فى خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والنظر الى السكان باعتبارهم أحد أهم عناصر القوة الشاملة للدولة، ومراعاة تحقيق التوازن بين الزيادة السكانية والموارد المتاحة، مع الحفاظ على حق الأسرة فى تحديد عدد أبنائها وتأمين حقها فى الحصول على المعلومات وعلى وسائل الصحة الإنجابية، والاهتمام الكبير بصحة المرأة والطفل، مؤكدة أن المشروع يمتاز بطابع الحوافز الإيجابية فى جميع محاوره.
وحول أبعاد المشروع؛ أوضحت السعيد أنه يرتكز على بُعدين رئيسيين هما ضبط النمو السكاني، والارتقاء بالخصائص السكانية، كما يتضمن المشروع عدداً من المحاور الرئيسية هى محور التمكين الاقتصادى للسيدات بغرض تحفيزهن على إقامة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، والاهتمام بتأهيلهن لسوق العمل من خلال تنظيم برامج تدريبية على عملية الإدارة وريادة الأعمال والتثقيف المالي، مشيرة إلى أن هذا المحور يعد أبرز ما يميز مشروع تنمية الأسرة، فلأول مرة تعتمد الدولة على أنشطة اقتصادية للتعامل مع القضية السكانية.
ويهدف محور التدخل الخدمى إلى الاهتمام بصحة المرأة والطفل من خلال توفير وسائل تنظيم الأسرة وإتاحتها بالمجان فى مراكز تنمية الأسرة المصرية التى تقدم خدمات الصحة الإنجابية بشكل متكامل، حيث تولى الدولة اهتماماً كبيراً بتأهيل الكوادر الطبية اللازمة فى المنشآت الصحية على مستوى الجمهورية وتعزيز التعاون مع المنظمات الأهلية فى هذا المجال.
كما أشارت السعيد إلى أن محور التدخل الثقافى والإعلامى والتعليمى يهدف إلى رفع وعى المواطن وتصحيح الثقافات المغلوطة المرتبطة بالقضية السكانية من خلال إطلاق حملات توعوية عن طريق عدة وسائل حديثة كمنصات التواصل الاجتماعى والاعتماد على الأنشطة الميدانية، مشيرة إلى الاهتمام بالشق التعليمى من خلال تنفيذ أنشطة متعددة بالتعاون مع المدارس والجامعات المصرية، موضحة أن محور التحول الرقمى يتم من خلاله بناء منظومة الكترونية متكاملة لرصد، ومتابعة وتقييم الخدمات المقدمة للأسرة المصرية لحوكمة المشروع بناء على النجاحات التى حققت من خلال كافة المبادرات الرئاسية، والتى أدت إلى جمع قواعد بيانات غير مسبوقة، مؤكدة أن هذا المحور يعمل على مواكبة التطور التكنولوجى من خلال الوصول الذكى للفئات التى تستهدفها الأنشطة، وكذلك الرصد المستمر للمؤشرات والخصائص السكانية على مستوى الجمهورية وتحليلها لوضع معالجات مبنية على الأدلة والبيانات للتعامل مع القضية السكانية.
أضافت أن التحدى السكانى هو العنصر المشترك فى العديد من التحديات التنموية التى تواجهها الدول العربية على المستوى المحلي، ودول العالم أجمع فى ضوء الزيادة التى يشهدها عدد سكان العالم، وما تفرضه من أعباء تنموية فى العديد من الدول. وقالت إن عدد سكان العالم تضاعف مرتين منذ عام 195 من 2.6 مليار نسمة ليصل إلى نحو 7.7 مليار نسمة حاليًا، ويُتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 8.5 مليار فى عام 2030، كما يتوقع أن يزيد عدد سكان العالم بمقدار مليارى فرد فى الـ30 عاماً المقبلة، بما يعنى الوصول إلى 9.7 مليار نسمة مع حلول عام 2050.
تابعت أن هذا التحدى ينطبق بدرجات متفاوتة على الدول العربية حيث بلغ عدد سكان الدول العربية فى عام 2020 نحو 431 مليون نسمة بمعدل نمو بلغ نحو 1.8% بين عامى 2010 و2020 وهو معدل مرتفع يتجاوز مثيله فى أقاليم العالم الرئيسية، ومن المؤشرات الديموجرافية المهمة التى تواجهها الدول العربية ارتفاع نسبة الفئة العمرية دون سن 15 عاماً إذ تبلغ نحو 32.7% أى ما يقارب ثلث السكان تقريباً، وهى أيضاً نسبة تتجاوز بكثير مثيلتها فى دول أمريكا اللاتينية ودول العالم.
أضافت الدكتورة هالة السعيد، أن تلك المؤشرات تفرض تحديًا يتمثل فى محدودية قدرة الدول العربية على الوفاء باحتياجات السكان المتزايدة من الرعاية الصحية الجيدة والسكن اللائق والتعليم الجيد وتوفير فرص العمل المناسبة، حيث ينعكس كل ذلك فى ارتفاع البطالة، موضحة أنه على الرغم من أن المنطقة العربية ليست أكبر مناطق العالم فيما يتعلق بالشريحة السكانية فى سن العمل، إلا أنها تعد أعلى أقاليم العالم فى معدلات البطالة بنسبة 12.7% نحو 17 مليون متعطل عن العمل فى 2020، وهو ما ينعكس سلبًا فى وضع الدول العربية فى مؤشر رأس المال البشرى الذى يرصد مدى التقدم فى التنمية البشرية، خاصة الصحة والتعليم حيث ينخفض هذا المؤشر فى 11 دولة عربية عن المتوسط العالمى المقدر 0.56 من إجمالى 18 دولة عربية.
