مدبولى: إتاحة احتياطى كبير فى الموازنة القادمة وصل إلى 130 مليار جنيه لاستيعاب الجزء الأكبر من الصدمات
قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إن البرنامج الجديد الذى يجرى التشاور بشأنه مع صندوق النقد الدولى يهدف إلى الحفاظ على مكاسبنا واستمرار نجاح الاقتصاد المصرى وقدرته على الصمود والاستمرار فى النمو.
وأضاف أن العلاقة مع الصندوق بدأت فى عام 2016، وصولاً إلى يونيو الماضى، من خلال برنامجين، الأول هو البرنامج الأساسى الذى استهدف الإصلاح الاقتصادى، وانتهى فى عام 2019، ثم قمنا فى ظل جائحة كورونا ببدء برنامج آخر من يونيو 2020 حتى يونيو 2021، وذلك من أجل الحفاظ دوماً على استقرار النمو الاقتصادى لدينا، لأن ميزة التعاون مع صندوق النقد الدولى تتمثل فى كونه مؤسسة عالمية تحظى بثقة العالم كله، فالتعاون من خلال برامج مع الصندوق يكون بمثابة شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى.
وقال رئيس الوزراء: “مصر اليوم لا تعيش فى معزل عن العالم، بل هى جزء لا يتجزأ منه، وعندما تُشيد جميع المؤسسات الدولية بالاقتصاد المصرى، فإن هذه رسالة ثقة بأن مصر صامدة وناجحة وتمضى فى المسار الصحيح”.
وأوضح أنه بعد انتهاء برنامج التعاون مع الصندوق فى يونيو الماضى، بدأنا بالفعل مشاورات معه من أجل التوافق على برنامج جديد، لأنه فى ظل الظروف العالمية السائدة، من المفيد أن يكون لنا تعاون مع الصندوق، مضيفا: “حتى وقت ما قبل الأزمة الروسية الأوكرانية، كان التوافق مع الصندوق أن يكون التعاون من خلال برنامج دعم فنى فقط، ولم يكن هناك احتياج لأى موارد تمويلية، وبالفعل طلبنا من الصندوق أن يكون التعاون فى إطار الدعم الفنى فقط، وكان الهدف من ذلك هو ضمان الاستمرار فى تحقيق مستهدفاتنا فيما يخص خفض عجز الموازنة وزيادة معدل نمو الاقتصاد وخلق مزيد من فرص عمل، وتشجيع القطاع الخاص على الحصول على فرص أكبر فى عملية التنمية”.
وتابع: “تحدثنا مع الصندوق فى أنه إلى جانب الدعم الفنى المُتفق عليه، من الممكن أن يكون هناك احتياج محتمل لمكون تمويلى، نطلبه فى حالة الاحتياج لتمويل إضافى فى المستقبل، وبالتالى يكون فى استطاعتنا الحصول على هذا المكون، وذلك فى إطار تخطيطنا وتحسبنا لطول أمد الأزمة الروسية الأوكرانية”.
وأشار رئيس الوزراء إلى ما يتردد بين المواطنين بشأن أن أى برنامج تعاون مع الصندوق سيحملهم أعباء إضافية، لكن بالعكس “البرنامج الأول شهد اتخاذ جميع الإجراءات الخاصة بالإصلاحات الكبيرة، وبالنسبة للبرنامج الذى انتهى منذ عام، والبرنامج الذى يجرى التشاور بشأنه، فإن هدفه هو الحفاظ على مكاسبنا واستمرار نجاح الاقتصاد المصرى وقدرته على الصمود والاستمرار فى النمو”.
وجدد رئيس الوزراء التأكيد على ما لفت إليه الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، خلال الاحتفال بيوم المرأة المصرية أمس، من أن الدولة المصرية لديها مخزون كافٍ من السلع، يمكننا من أن نتحرك لإتاحة السلع للمواطنين بالأسعار المناسبة، مشيراً إلى أن هناك توجيهات من الرئيس بألا تقتصر تلك الجهود على شهر رمضان، بل تستمر بعد الشهر الكريم بفترة كافية، لكى نساعد المواطن فى تحمل الأعباء خلال هذه الفترة.
كما أشار مدبولى إلى ما أكد عليه الرئيس السيسى أمس من أن الدولة المصرية كانت قادرة بالتخطيط الجيد والسليم أن تبنى احتياطيات كافية من السلع الأساسية، على النحو الذى مكننا اليوم فى ظل هذه الأزمة العالمية غير المسبوقة، من أن نكون قادرين على استيعاب تداعيات هذه الأزمة، والتحرك بفضل ما نملكه من رصيد كافٍ من السلع يؤمننا لشهور قادمة.
وأكد مدبولى أن الحكومة المصرية تبنى تخطيطها دوماً على المدى البعيد، ولعل الأزمة الراهنة التى لانستطيع تحديد ملامحها، أو معرفة متى تنتهى، بما يجعل أى حديث فى العالم عن هذه الأزمة أو المدى الزمنى لانتهائها هو مجرد تخمينات، إنما يؤكد أنه على الحكومة دائماً أن تخطط لتحركاتها وفق السيناريو المتشائم، وهو استمرار وطول أمد هذا النزاع، بحيث تستطيع الدولة دائماً الصمود والبقاء لفترة طويلة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة وبعد أن كانت قد أعدت موازنة العام المالى الجديد قبل الأزمة الروسية الأوكرانية، على أساس الظروف الطبيعية، فقد قمنا بمراجعة الموازنة من جديد، وتم إعدادها بطريقة أكثر تحوطاً، هذا إلى جانب تنفيذ توجيهات الرئيس السيسى باتاحة احتياطى كبير فى الموازنة القادمة وصل إلى 130 مليار جنيه، يوجه بقدر الامكان لاستيعاب الجزء الأكبر من الصدمات، التى قد تحدث فيما يخص الأسعار، بحيث نمرر جزءاً يسيراً للمواطن، وهذه نقطة مهمة جداً، لابد أن نستوعبها.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن الدولة المصرية ورغم بعض الزيادات التى طرأت على الأسعار خلال هذه الفترة، فما زال حجم الزيادة يسيراً، مقارنة بما يحدث فى دول العالم كلها دون استثناء، وبالأخص فى البلدان المتقدمة، حيث إن الزيادات التى تحدث فى تلك الدولة يتحملها المواطن، ولكننا نضع دوماً بُعد الحماية الاجتماعية فى اعتبارنا، بحيث تمتص الدولة جزءاً من هذه الصدمات، ويتحمل المواطن الجزء اليسير منها، مشدداً على أن أى دولة مهما كانت امكانياتها لايمكنها أن تتحمل بالكامل كل تكلفة الصدمات، فذلك يؤدى على المدى المتوسط إلى مشاكل مالية واقتصادية كبيرة.
وأكد أن مصر حققت مكاسب كبيرة جداً من وراء تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي، مشيراً إلى ما ذكره الرئيس السيسى أمس من أنه لولا هذا البرنامج ونجاحه، ما كانت الدولة المصرية قادرة على التماسك وعبور أزمة كورونا، وما كنا قادرين اليوم على الصمود والاستمرار فى عملية التنمية.
وأشار إلى أن كل برامج الإصلاح الاقتصادى يكون لها بعض التأثيرات السلبية كما هو الحال فى مختلف دول العالم، ونحن كدولة نضع نصب أعيننا دوماً ضرورة الحفاظ على مكاسب الإصلاح الاقتصادى التى تحققت، واستمرار سير الدولة المصرية بمعدلات نمو إيجابى.
وأوضح أن التحدى الكبير الذى يواجه الحكومة هو زيادة عدد السكان بمعدل 2 مليون نسمة سنويا، خلال السنوات العشر الماضية، وهو ما يخلق حاجة إلى توفير مليون فرصة عمل سنويا، لافتا إلى أن هذه المسألة تخلق عبئاً كبيراً.
وأكد مدبولى أن الحكومة تخطط وتضع دائما السيناريو الأسوأ وتتحرك من أجل التعامل معه، قائلاً: “أردت توضيح الصورة الكاملة، وفى هذا الإطار عقدنا منذ يومين مؤتمرا صحفيا لشرح الموقف، وسنستمر بصورة متوالية فى شرح كل الخطوات، فهدفنا طمأنة المواطنين المصريين بشأن نجاح الدولة المصرية، واستمرار نموالاقتصاد المصرى”.
كما أكد رئيس الوزراء أهمية ترشيد الاستهلاك فى الحفاظ على مواردنا الدولارية، قائلا: “منذ بضعة أشهر كان ثمن برميل البترول 60 دولارا، ومع الأخذ فى الاعتبار أن مصر تستورد 100 مليون برميل بترول سنويا، قيمتها فى هذا التوقيت بلغت 6 مليارات دولار أى 500 مليون دولار شهريا”.
وأضاف: “اليوم ثمن برميل البترول وصل إلى 120 دولارا، ما يعنى أننا أصبحنا مطالبين باستيراد ما قيمته 12 مليار دولار سنوياً، أى مليار دولار شهريا بدلا من 500 مليون دولار، وهو ما يمثل ضغطاً كبيراً جداً على العملة وعلى الدولة”.
ولفت فى هذا الصدد إلى أن الحكومة تتحرك من جانبها وتخطط للتعامل مع هذا الأمر، لكن قيام المواطنين بترشيد استهلاكهم، يساعدنا أيضا كدولة فى ترشيد الكميات التى نستوردها.
وتابع: أطرح كل ذلك، لأنه كما أن الدولة تخطط وتضع تصورها للوضع الراهن، وحتى نهاية العام الجارى، وبافتراض أن الأزمة ربما تستمر، فإن المواطن لابد أن يعى جيدا شدة الأزمة العالمية من حولنا، وينظر إلى ما يحدث فى العالم كله من وجود “طوابير” على منافذ البيع ومحطات نموين البنزين من أجل الحصول على السلع الأساسية.