“بوليتيكو”: توقعات بنوك الاستثمار بتراجع منحنى التضخم قد تكون مريحة للبيت الأبيض
بنك “يوإس بي” السويسري: توقعات “وول ستريت” للأسعار العام الماضى كانت أقل من المحقق
التحولات الدقيقة داخل البيانات تشير لارتفاع معدل التضخم لمستويات قياسية في دورة الأعمال
قال موقع “بوليتيكو” الأمريكى، إن أسعار المستهلكين فى الولايات المتحدة قد ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ أربعة عقود، ولكن في حال وصفته بعض أكبر البنوك في العالم بالمسار الصحيح، فقد تنفجر أزمة التضخم التي اجتاحت البلاد.
وقال محللون اقتصاديون في “دويتشه بنك ويو بي إس” و”بنك أوف أمريكا “خلال الأيام الأخيرة، إن ارتفاع معدل التضخم لشهر مارس الماضي بنسبة 8.5% عن العام الماضي، قد يكون الأسوأ خلال العام الجاري.
وذكر “بوليتيكو”، أن توقعات أن يكون التضخم قد وصل إلى ذروته قد تكون مريحة “للبيت الأبيض”، الذي يعانى بشدة فى ظل التداعيات السياسية لارتفاع أسعار المستهلكين ويواجه احتمال خسارة الكونجرس فى انتخابات العام الجاري.
ويحاول الجمهوريون تعليق الأرقام الكئيبة على الديمقراطيين، وقد يكون لديهم قضية رابحة، حيث أوضح الناخبون، الذين تمحو معدلات التضخم المرتفعة مكاسبهم من الرواتب، باستمرار أن زيادات الأسعار تشكل مصدر قلق كبير، كما جاءت تقييمات الرئيس “جو بايدن” منخفضة فيما يتعلق بتعامله مع النواحي الاقتصادية.
وقال الموقع إنه من بين أسباب تفاؤل المحللين، أن أسعار السيارات المستعملة، التي أدت لرفع معدل التضخم العام الماضي، بدأت في الانخفاض. كما يرون أن عراقيل سلسلة التوريد يجب أن تتلاشى مع تطور اقتصاد ما بعد الجائحة. ويستعد بنك الاحتياطي الفيدرالي للتعامل بقوة مع هذه القضية عن طريق رفع أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.
وذكر “موقع بوليتيكو” أن محللى “دويتشه بنك” قالوا، في مذكرة خلال الأسبوع الجاري:” باستثناء التقلبات الشديدة المتزايدة، قد يشكل إصدار شهر مارس الماضي مستويات قياسية من حيث المعدلات السنوية لكل من أرقام التضخم الرئيسي والأساسي، نظرًا لأن التأثيرات الأساسية من ارتفاع أسعار السيارات المستعملة في العام الماضي ستبدأ في الظهور في بيانات أبريل الجاري”.
ويشير معدل التضخم الرئيسي إلى جميع الزيادات في الأسعار، بينما يستثني الرقم الأساسي الأسعار المتقلبة للمواد الغذائية والطاقة.
وتقول بعض الآراء المشككة في هذه التوقعات، إن هذا السيناريو قد تكرر من قبل. وعندما بدأت معدلات التضخم في التصاعد خلال العام الماضي، قلل كل من رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” و “بايدن” من أهمية هذه الظاهرة ووصفها بأنها “مؤقتة”، لكن لم يكن الأمر كذلك.
وأدى استمرار تفشي جائحة فيروس كورونا، والهجوم الروسي الصادم على أوكرانيا، وعدم التوافق بين نسبة القوى العاملة المتاحة والوظائف المطروحة، إلى رفع الأسعار فى كل القطاعات بدءًا من الإسكان إلى قطاعي الغذاء والوقود، مما أثار حالة من الضبابية بشأن المستقبل. وارتفعت أسعار النفط بعد الإعلان عن بيانات التضخم يوم الثلاثاء الماضي.
وقال تشارلي ريبلي، كبير محللي الاستثمار في أليانز إنفستمنت مانجمنت، في مذكرة: “لقد عشنا هذه المرحلة من قبل، حيث توضح التحولات الدقيقة داخل البيانات أن معدل التضخم قد وصل إلى مستويات قياسية في دورة الأعمال الاقتصادية لكي يستمر في الارتفاع. وبالمضي قدما، فإن التخوف الأكبر يكمن في الكيفية التي أصبحت بها معدلات التضخم راسخة مع استمرار مخاوف الأميركيين بشأن ارتفاع الأسعار”.
وكان رقم مارس هو الأعلى منذ الأيام الأولى لإدارة رونالد ريجان عندما انخرط رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي آنذاك بول فولكر والبنك المركزي في حملة رفع أسعار الفائدة لكسر التضخم خلال سنوات صدمة أسعار النفط، على الرغم من أن ذلك كان يعني إثارة شرارة ركود طويل ومؤلم.
وأدت بيانات التضخم السلبية إلى إثارة مخاوف الديموقراطيين وجماعات المصالح والاقتصاديين من أن الأسعار المتزايدة باستمرار قد تؤدي إلى توقعات خسارة الكونجرس للانتخابات المقبلة. ويلقي بعضهم باللوم على روسيا في هذه الأزمة، التي أطلقوا عليها “ارتفاع أسعار بوتين”، رغم أن معدلات التضخم كانت ترتفع قبل غزو أوكرانيا، ومناقشة مدى قوة الاقتصاد الأمريكي.
وقال النائب “دون باير”، ديمقراطي ولاية فرجينيا، ورئيس اللجنة الاقتصادية المشتركة للكونجرس، في بيان له: “رغم المكاسب الاقتصادية التي حطمت الرقم القياسي والتقدم الكبير في معالجة أزمة سلسلة التوريد، أدت حرب روسيا ضد أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، والتي شكلت ما يتجاوز 75% من التضخم في شهر مارس الماضي”.
ويقول “بوليتيكو” إنه رغم هذا المزيج الدقيق من التوقعات والأحلام التي بنيت عليها معدلات التضخم القياسية، لكن الأوضاع في وول ستريت بدأت في الاضطراب، حيث يرفض الجميع أن ينهار السوق كما حدث بعد ظهور فقاعات الإنترنت والإسكان، مما تسبب في حدوث فترتي ركود كبيرتين.
وقال محللو بنك “يو بي إس” السويسري: “خلال جزء كبير من العام الماضي، كانت توقعات التضخم للبنك أعلى بكثير من التوقعات في وول ستريت. ما يعني أنهم كانوا على صواب. وجاءت بيانات التضخم بشكل متواصل في الاتجاه الصعودي، حيث انتقلت إلى مستويات عالية تجاوزت توقعات الخبراء ومن بينهم خبراء بنك الاحتياطي الفيدرالي”.
أضافوا: “الآن، “يو بي إس” يذكر بتوقعاته مرة أخرى، أن التضخم سيبلغ ذروته في مارس وينخفض” بشكل حاد “من هناك حيث يحول المستهلكون إنفاقهم إلى الخدمات وأسعار السيارات المستعملة، والتي كانت عالية جدًا، ستبدأ في الانخفاض”.
وقال بنك أوف أمريكا: “مع اقتراب توقعات السوق من وجهة نظرنا، يمكن لبنك الاحتياطي الفيدرالي أن يسير في طريقنا المتوقع دون أن يفاجئ المستثمرين بشكل كبير. كما أن توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي تميل إلى الارتفاع. وفي حال أظهرت المؤشرات أن معدل التضخم يتجه إلى دون 3%، فيجب أن تكون سياستنا الحالية متشددة بما فيه الكفاية “.
وقالت بيث آن بوفينو، كبيرة الاقتصاديين الأمريكيين في “ستاندرد آند بوزجلوبال:” قد تكون الولايات المتحدة قريبة أو على قمة الأسعار. وسيكون الشغل الشاغل لبنك الاحتياطي الفيدرالي خلال العام الجاري والعام المقبل هو التصدي لمعدلات التضخم المرتفعة”.