«بع فى مايو وابتعد»، هكذا يقول مثل قديم فى السوق، فى إشارة إلى ميل الأسهم إلى الأداء الضعيف من مايو إلى أكتوبر، وقد يُنظر إلى الأسبوع الثالث من مايو 2022 على أنه نقطة تحول أكبر، وكانت الانخفاضات الحادة فى أسواق الولايات المتحدة والأسواق الأخرى الأسبوع الماضى هى اللحظة التى انتشرت فيها عمليات البيع من أكثر الأصول مضاربة وأسهم التكنولوجيا إلى أسماء تكنولوجية أكثر ربحية وراسخة أوسع نطاقًا.
يعكس ذلك تحولا فى معنويات المستثمرين. وقد انضمت إلى المخاوف بشأن التضخم مخاوف بشأن الركود – وهو الركود الذى قد تسببه البنوك المركزية أو تزيده سوءًا ضمن جهودها لتهدئة الاقتصادات.
كان المحفز، بشكل مفاجئ، هو الأرباح من اثنين من أكبر بائعى التجزئة الكبار، «وول مارت» و«تارجت»، وقالتا إن المبيعات ارتفعت لكن الأرباح تراجعت بسبب زيادة التكاليف والضغط على الهوامش، وشهدت كلتاهما انخفاضات مكونة من رقمين أشبه بالتحركات التى لوحظت فى أسهم النمو غير الربحية من البائعين المعتمدين للسلع الاستهلاكية، ثم انتشر البيع فى السوق ليطال أسهم بائعى السلع الاستهلاكية الأساسية الأخرى.
إن الدلائل الواضحة على أنه حتى تجار التجزئة الأقوياء هؤلاء كانوا يكافحون من أجل تمرير ضغوط التكلفة جعلت المستثمرين قلقين من أن هوامش ربح الشركات المرتفعة القياسية والإنفاق الاستهلاكى المزدهر فى الولايات المتحدة التى دعمت عائدات السوق فى السنوات الأخيرة قد اقتربت من نهايتها المفاجئة.
أدى ذلك إلى نقل المخاوف إلى منطقة جديدة، وفى السابق، أدى سحب السيولة بعد سنوات من الأموال الرخيصة إلى إزالة الزبد عن الأصول الأكثر مضاربة، ولا سيما العملات المشفرة. أثر احتمال ارتفاع أسعار الفائدة بشكل رئيسى على أسهم التكنولوجيا والنمو التى تعتمد تقييماتها على أرباح أكبر فى المستقبل البعيد.
القلق المتزايد بشأن تأثير استجابة الاحتياطى الفيدرالى للتضخم يتزامن مع مشاكل فى أماكن أخرى إذ تؤدى عمليات الإغلاق التى فرضتها سياسة صفر كوفيد إلى إعاقة النمو المحلى وإلحاق الضرر بسلاسل التوريد الدولية.
يتعرض المستهلكون الأوروبيون لضغوط بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة بفعل الحرب الروسية فى أوكرانيا.. هذا يترك الأسواق فى نقطة حساسة، ويخشى بعض مديرى الأموال من أنه إذا دخلوا فى هبوط أكثر حدة، فقد تؤدى المشكلات الهيكلية إلى تضخيم انخفاض أسعار الأسهم، ولدى جيل جديد من مديرى المحافظ خبرة محدودة فى إدارة الأسواق الهابطة، وتعتبر ظروف التداول أكثر صعوبة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى القيود على البنوك نتيجة قواعد كفاية رأس المال التى تحد من قدرتها على تسهيل الحركات الكبيرة كما كانت تفعل قبل الأزمة المالية لعام 2008، وقد تُجبر الأموال التى قامت باستثمارات مضاربة سيئة على بيع أصول عالية الجودة.
وقد لا تتحقق السيناريوهات الكارثية تلك، ويكشف الفحص الدقيق لأرباح «وول مارت» و«تارجت» عن وجود مخزونات كبيرة بشكل غير عادى، وفى حالة «تارجت» هناك الكثير من العناصر باهظة الثمن مثل الأثاث وأجهزة التلفزيون التى كان المستهلكون يشترونها فى الوباء ولكن يشترونها بقدر أقل الآن – واضطروا إلى خفض الأسعار للتخلص منها.
وإذا كان ما نراه هو علامة على تبدد تحول متعلق بالوباء – انحراف الطلب الأمريكى تجاه السلع وبعيدًا عن الخدمات – فيمكن أن يساعد ذلك فى كبح التضخم عن طريق إزالة القوة التى أدت إلى ارتفاع أسعار السلع.
سيكون للانخفاض فى أسعار الأصول حتى الآن آثار ثروة قد تجعل من السهل على الاحتياطى الفيدرالى تحقيق أهدافه دون رفع أسعار الفائدة بقدر ما كان يتوقع، ومع ارتفاع معدل التضخم فى الولايات المتحدة عن 8% وبيع سندات الخزانة – بشكل غير عادى – فى الأسابيع الأخيرة، هناك القليل من الأماكن الآمنة للمستثمرين.
قد تكون السلع الأساسية وأسهم الطاقة أكثر أمانًا من البعض، على الرغم من أن المستثمرين قد يضطرون إلى غض الطرف عن مخاوف العايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، لكن وسط هذه الشكوك، لا تبدو المقولة السوقية الأخرى التى أثبتت نجاحها فى حركات التصحيحات الماضية وهى «شراء عند الانخفاض» رهاناً آمناً.