قالت مؤسسة “إنفو مينو” للبحوث التجارية، إن غزو روسيا لأوكرانيا فى فبراير الماضى، تسبب فى تفاقم الوضع الاقتصادى فى جميع الدول وسط أزمة سلاسل التوريد العالمية.
وتعد روسيا وأوكرانيا اثنتين من منتجى السلع الأساسية فى العالم، وقد أدت الحرب إلى ارتفاع الأسعار العالمية، لا سيما النفط والغاز الطبيعى، كما ارتفعت أسعار الغذاء، ما أدى إلى ارتفاع حاد لأسعار القمح حيث تمثل الدولتان 30% من الصادرات العالمية.
أضافت أن بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد اعتمادا كبيرا على أوكرانيا وروسيا، ومن المتوقع أن يؤثر ارتفاع أسعار السلع الأساسية، بشكل كبير على اقتصادات هذه الدول ومستوى الرفاهية فى جميع أنحاء المنطقة.
كما أن حالة الضبابية التى تشهدها الأسواق المالية وتشديد السياسات المالية قد يكون لها أثر كبير على البلدان ذات الديون المرتفعة، من خلال تراجع تدفقات رأس المال وارتفاع تكاليف الاقتراض.
وسيضاعف التراجع الأوروبى من الآثار السلبية على قطاعى التجارة والسياحة. كما قد تواجه الدول ذات الدخل المنخفض، تراجعًا فى المساعدات فى حال قيام الدول المانحة، بتحويل الدعم إلى البلدان التى تأثرت بشكل مباشر بالحرب.
البلدان المستوردة للنفط ستواجه تحديات كبرى
وأشارت “إنفو مينو”، إلى أن البلدان المستوردة للنفط فى المنطقة، ستواجه عواقب سلبية نتيجة لتقلب أسعار السلع الأساسية وسلسلة التوريد على الصعيد العالمي، واعتمادها على واردات القمح والطاقة من روسيا وأوكرانيا.
ورغم وجود التحويلات المالية، لا سيما تلك الواردة من المغتربين المقيمين فى دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنها تعوض إلا جزئياً بعض الأثار الاقتصادية فى دول مثل الأردن ومصر.
وقالت المؤسسة إنه من المتوقع تباطؤ قطاع السياحة فى الدول التى يعتمد اقتصادها بشكل أكبر على السياحة، مثل مصر، حيث يمثل الروس والأوكرانيون ما لا يقل عن 33.3% من السائحين، وذلك وسط بعض التداعيات السلبية على قطاع التوظيف والتوازن فى المدفوعات.
وستستفيد البلدان المصدرة للنفط والغاز مثل قطر والمملكة العربية السعودية والكويت وليبيا والجزائر، من ارتفاع أسعار الطاقة، لتحد من تأثير تشديد الظروف المالية العالمية. ويتوقع أن تشهد الدول المصدرة للغاز، زيادة فى الطلب من قبل الدول الأوروبية، حيث أعرب الاتحاد الأوروبى عن اهتمامه بتنويع مصادر طاقته.
مخاوف الأمن الغذائى تهدد دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
ووفقاً لما ذكرته “إنفومينو” تشكل أزمة نقص الغذاء وارتفاع الأسعار تهديدات كبيرة، لا سيما لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التى تمر بأزمة حقيقية، حيث تراجعت صادرات أوكرانيا بشكل كبير، كما أثرت العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية على الصادرات الروسية.
وقد تتأثر بلدان الشرق الأوسط ذات الاقتصادات الضعيفة، من بينها سوريا، ولبنان واليمن، بشكل قوى حيث تعتمد سوريا بشكل كبير على واردات القمح من روسيا. وتستورد لبنان نحو 90% من الحبوب من أوكرانيا وروسيا. كما تستورد اليمن نحو 40% من القمح من الدولتين المتحاربتين. ويواجه المواطنون فى اليمن أزمة أو نقص حاد فى الغذاء. كما أن الصراع فى أوكرانيا سوف يؤدى إلى تفاقم الوضع فى اليمن الذى وصل لمستويات متدنية للغاية.
وتوقعت أن تعانى الدول ذات الموارد المالية العامة الضعيفة والتى تعتمد على أوكرانيا و روسيا فى واردات القمح من بينها مصر وتونس، بشكل كبير.
وتعتبر مصر واحدة من دول المنطقة الأكثر ضعفاً وتعتمد على أوكرانيا وروسيا للحصول على القمح والتى تشكل 80% من واردات القمح لمصر.
وقد أظهر المحللون الاقتصاديون أن أشهر المجاعات التى حدثت كانت ناتجة عن ارتفاع الأسعار وليس فقط النقص الكامل فى الغذاء، ويعتبر ما يحدث فى اليمن أكبر مؤشر لذلك.
وحذر برنامج الغذاء العالمى من ضرورة تخفيض الحصص التى يقدمها إلى 8 ملايين يمني، فى حين أن الارتفاع فى أسعار القمح قد يجعل من المستحيل توفير حصص الإعاشة.
وتحد عمليات حصار المدن الأوكرانية من إمكانية الحصول على البذور والأسمدة وتعطيل الانشطة الزراعية. وفى حال لم يتم حل هذه المسائل، فسيؤدى ذلك إلى عواقب كارثية على إمدادات الغذاء فى العالم خلال العام الجاري. واستجابة لهذه الأحداث، قامت أسواق السلع الزراعية بزيادات حادة فى الأسعار.
وشهدت أسواق السلع الأساسية الزراعية زيادات كبيرة خلال العام الجارى ، كما ارتفع مؤشر البنك الدولى للأسعار الزراعية بنسبة 11% فى الربع الأول من عام 2022. ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.
الغزو الروسى لأوكرانيا يدفع الاسواق نحو الطاقة المتجددة
وقالت “إنفو مينو”، إن أسعار الطاقة تضاعفت فى شهر مارس 2022، مقارنة بشهر مارس 2021، حيث يمثل الغاز الطبيعى والفحم أعلى الزيادات فى الأسعار.
وكان للحرب تأثير كبير ليس فقط على أسعار الطاقة ولكن أيضا على هياكل السوق. كما تسعى الدول إلى تطوير خطط لمواجهة نقص النفط والغاز، ما يعجل بالتحول نحو الطاقة المتجددة على المدى الطويل، حيث أصبح هناك حاجة ملحة إلى خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وتوفر الطاقة المتجددة، ولا سيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مصدر بديل للطاقة، لكن ارتفعت تكلفتها فى الفترة الأخيرة، بسبب الارتفاع الحاد فى أسعار المعادن اللازمة لإنتاجها، مثل لألومنيوم والنيكل.