تغيرت بيئة مشاركة الروس فى سوق العقارات اللندنية، منذ الغزو الروسى لأوكرانيا فى 24 فبراير، وفرضت المملكة المتحدة وحكومات أخرى منذ ذلك الحين، عقوبات على مئات آخرين من الروس، إضافة إلى الذين كانوا يخضعون لقيود فى السابق بسبب ارتباطهم بالفساد أو صلاتهم فى الدولة الروسية.
لا شك أن العقوبات المفروضة على كثير من البنوك الروسية تصعب حتى على الروس غير المدرجين فى أى قوائم عقوبات نقل الأموال إلى المملكة المتحدة، وفقاً لأشخاص نشطين فى السوق.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن الأزمة عززت الضغط المتنامى على وكلاء العقارات للتدقيق فى هويات وأموال الذين يسعون إلى شراء العقارات أو بيعها فى المملكة المتحدة، وهذا التحول أدى إلى زيادة المخاوف بين المشترين الروس المحتملين.
ويبقى السؤال يدور حول إلى أى مدى سيكون تأثير الحملة الحالية عميقاً؟ وكم سيستمر؟
يقول مؤسس شركة «جى إيه ريزيدنشال» المتخصصة فى العقارات الراقية فى هامبستيد وهايغيت، جرانت أليكسون، إن التأثير اقتصر فى الغالب على العقارات البالغ قيمتها 10 ملايين جنيه إسترلينى أو أكثر، وهى فئة «العقارات الفائقة».
وأضاف: «أود أن أقول إن هناك نشاطاً أقل مع النوع المبهرج من البيع الروسى على مستوى العقارات الفائقة».
يصر هنرى بريور، وكيل عقارى فى لندن أجرى حملات منذ وقت طويل لإنهاء استخدام سوق العقارات فى العاصمة البريطانية مستودعا للأموال «المشبوهة»، على أن الكثير من المستشارين المهنيين غير مستعدين حالياً للعمل مع الروس بأى شكل من الأشكال
ويقول بريور: «إذا كنت مواطناً روسياً أو حاملاً لجواز سفر روسى وتمتلك عقاراً فى لندن، فستجد صعوبة بالغة فى العثور على أى شخص يساعدك على الشراء أو البيع».
مع ذلك، يصر بعض المشاركين فى السوق على أن صورة الروس تعرضت للتشويه بشكل غير عادل، فقد استنكر جارى هيرشام، أحد أشهر وكلاء العقارات الراقية فى لندن ومؤسس شركة «بوشامب» العقارية، الخطابات الأخيرة التى وصفت معظم استثمارات العقارات فى لندن من الروس على أنها غير مشروعة، وهو يعتقد أن العقوبات برمتها قد أسيء فهمها وهى خاطئة حقاً.
وليس هناك شك فى أن سوق الإسكان فى لندن اجتذب مليارات الجنيهات التى يمتلكها مستفيدون من الفترة الانتقالية الفاسدة لما بعد الشيوعية فى روسيا وشخصيات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحرب أوكرانيا.
ذكر تقرير نشرته لجنة الشؤون الخارجية فى مجلس العموم البريطانى فى 30 يونيو أن سوق العقارات فى البلد أصبحت «صندوقاً لتأمين الودائع الشخصية» من الأموال القذرة.
يشتبه أنتونى باين، المدير المنتدب لـ«لونرس»، خدمة تجمع معلومات حول سوق العقارات الراقية فى لندن، فى وجود كثير من الأشخاص الآخرين الأقل شهرة المرتبطين بالحكومة الروسية ويعيشون فى لندن ويفضلون البقاء بعيداً عن الأضواء، والكثير منهم يحملون جوازات سفر بريطانية.
ويقول إن «هؤلاء الأشخاص الذين يحملون الجنسية البريطانية ويسافرون دون لفت الانتباه إليهم، سيستمرون فى العيش فى لندن، وسيكونون بعيدين عن الأنظار إلى حد كبير، لكن سيسلط الضوء عليهم فقط إذا حاولوا بيع عقاراتهم».
ثمة تركيز متجدد ليس على العقوبات فقط، بل على التزامات وكلاء العقارات أيضاً، فقد طُلب من الوكلاء منذ عام 2017 التسجيل فى هيئة الإيرادات والجمارك الملكية وإخطارهم بأى نشاط قد يشير إلى غسل الأموال، ويجب عليهم إبلاغ الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة بأى نشاط مشبوه.
ويشير أليكسون إلى أن النقص الحالى فى صفقات العقارات الفاخرة يرجع إلى حذر بعض الروس من إخضاع أنفسهم لهذه العملية، مضيفاً أن «هناك كثير ممن لم تفرض عليهم العقوبات وقد يرغبون أو لا يرغبون فى البيع، لكن ما أراه هو أنهم توقفوا عن الدخول فى السوق».