قال الجيش الأوكراني إن صواريخ روسية أصابت ميناء أوديسا بجنوب البلاد يوم السبت مما يشكل تهديدا للاتفاق الذي وُقّع يوم الجمعة لفك الحصار عن صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود وتخفيف أزمة نقص الغذاء العالمي التي تسببت فيها الحرب.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الضربة تظهر أن موسكو لا يمكن الوثوق بها لتنفيذ الاتفاق. لكن تلفزيون سوسبيلن الأوكراني الرسمي نقل عن الجيش الأوكراني قوله إن الصواريخ لم تتسبب في أضرار كبيرة. وقال وزير إن الاستعدادات مستمرة لاستئناف تصدير الحبوب من موانئ البلاد على البحر الأسود.
ويُنظر إلى الاتفاق الذي وقعته موسكو وكييف يوم الجمعة، وتوسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا، باعتباره انفراجة بعد قرابة خمسة أشهر من القتال الدائر منذ غزو روسيا لجارتها. كما يُنظر إليه على أنه خطوة كبيرة صوب كبح جماح أسعار المواد الغذائية حول العالم وسيسمح بشحن بعض الصادرات من موانئ البحر الأسود، ومن بينها ميناء أوديسا الرئيسي.
وعبر مسؤولون كبار بالأمم المتحدة يوم الجمعة عن أملهم في أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ في غضون أسابيع قليلة. وأثار ضرب أدويسا يوم السبت تنديدات شديدة من كييف والأمم المتحدة والولايات المتحدة.
وقال وزير الدفاع التركي يوم السبت إن المسؤولين الروس أبلغوا أنقرة بأن موسكو “لا علاقة لها” بالضربات التي تعرض لها ميناء أوديسا الأوكراني. ولم يتضمن بيان وزارة الدفاع الروسية يوم السبت عن تطورات الحرب أي إشارة إلى ضرب أوديسا. ولم ترد وزارة الدفاع الروسية حتى الآن على طلب من رويترز للتعليق.
وذكرت قيادة العمليات الجنوبية الأوكرانية أن صاروخين روسيَّين من طراز كاليبر أصابا منطقة بها محطة ضخ في ميناء أوديسا وأن قوات الدفاع الجوي أسقطت صاروخين آخرين. وقال يوري إجنات المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية إن صواريخ كروز أُطلقت من سفن حربية في البحر الأسود بالقرب من شبه جزيرة القرم.
ونقل تلفزيون سوسبيلن في وقت لاحق عن ناتاليا هومينيوك المتحدثة باسم القيادة العسكرية الجنوبية لأوكرانيا قولها إن منطقة تخزين الحبوب بالميناء لم تتعرض للقصف. ولم ترد تقارير عن سقوط أي مصابين.
وقال أولكسندر كوبراكوف وزير البنية التحتية على فيسبوك “نواصل الاستعدادات الفنية لاستئناف صادرات المنتجات الزراعية من موانئنا”.
وبدا أن ضرب أوديسا انتهاك لشروط اتفاق يوم الجمعة والذي من شأنه أن يسمح بمرور آمن من وإلى أوديسا وميناءين أوكرانيين آخرين.
وقال زيلينسكي في مقطع فيديو على تيليجرام “هذا يثبت شيئا واحدا فقط، وهو أنه بغض النظر عما تقوله روسيا ووعودها، فإنها ستجد طريقة لعدم تنفيذ (الاتفاق)”.
وقال فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن الأمين العام “يندد بشكل قاطع” بالضربات التي أفادت تقارير بوقوعها، مضيفا أن جميع الأطراف التزمت باتفاق تصدير الحبوب وإن التطبيق الكامل أمر حتمي.
وأضاف في بيان “هناك حاجة ماسة لهذه المنتجات لمواجهة أزمة الغذاء العالمية وتخفيف معاناة ملايين الناس الذين هم في حاجة إليها في جميع أنحاء العالم”.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في بيان “خلال اتصالاتنا مع روسيا، أخبرنا الروس أنه لا علاقة لهم على الإطلاق بهذا الهجوم، وأنهم يدرسون القضية بدقة وبالتفصيل”.
وأضاف “حقيقة أن مثل هذا الحادث وقع مباشرة بعد الاتفاق الذي أبرمناه بالأمس هو أمر يثير قلقنا فعلا”
لغَّمت أوكرانيا المياه بالقرب من موانئها كجزء من دفاعاتها الحربية، لكن بموجب الاتفاق، سيوجه مرشدون السفن على امتداد الممرات الآمنة في مياهها الإقليمية.
وسيراقب مركز تنسيق مشترك، يضم أعضاء من أطراف الاتفاق الأربعة، السفن العابرة من البحر الأسود إلى مضيق البوسفور في تركيا ومنه إلى الأسواق العالمية.
واتفقت الأطراف يوم على عدم شن أي هجمات وأنه سيكون من مهمة المركز التدخل لحل أي مشكلة إذا جرى رصد أي نشاط محظور.
وقال أوليج نيكولينكو المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية على فيسبوك “الصاروخ الروسي بمثابة بصقة من (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين على وجه” جوتيريش والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكتبت بريدجيت برينك السفيرة الأمريكية في كييف على تويتر “يواصل الكرملين استغلال الغذاء كسلاح. يجب محاسبة روسيا”.
ونفت موسكو مسؤوليتها عن أزمة الغذاء المتفاقمة، وأنحت بدلا من ذلك باللائمة على العقوبات الغربية في تباطؤ صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة، واتهمت أوكرانيا بتلغيم الطرق المؤدية إلى موانئ البحر الأسود.
أدى الحصار الروسي على الموانئ الأوكرانية في البحر الأسود، منذ غزو موسكو لجارتها في 24 فبراير شباط، إلى بقاء عشرات الملايين من الأطنان من الحبوب في الصوامع وتقطع السبل بالكثير من السفن.
كما أدى ذلك إلى تفاقم الاختناقات في سلاسل الإمداد العالمية. ومع العقوبات الغربية الكاسحة، تصاعدت وتيرة التضخم في أسعار المواد الغذائية والطاقة حول العالم.
وتُعتبر روسيا وأوكرانيا موردي قمح عالميين رئيسيين، وأدت الحرب إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي دفعت أزمة الغذاء العالمية بحوالي 47 مليون شخص إلى منطقة “الجوع الحاد”.
وقال مسؤولون كبار بالأمم المتحدة يوم الجمعة إن من المتوقع أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ الكامل في غضون أسابيع قليلة وستزيد شحنات الحبوب من الموانئ الثلاثة التي أعيد فتحها حتى تصل إلى مستويات ما قبل الحرب البالغة خمسة ملايين طن شهريا.
وقال زيلينسكي يوم الجمعة إن الاتفاق سيسمح ببيع ما تبلغ قيمته نحو عشرة مليارات دولار من الحبوب مع تصدير ما يقرب من 20 مليون طن من محصول العام الماضي. غير أنه قال لصحيفة وول ستريت جورنال إنه فيما يتعلق بالصراع الأوسع لا يمكن وقف إطلاق النار دون استعادة الأراضي المفقودة.
وقال مسؤول في منطقة خيرسون المحتلة المطلة على البحر الأسود إن كييف قصفت جسرا بالمنطقة يوم السبت، مستهدفة طريقا للإمداد الروسي بينما تستعد كييف لهجوم مضاد كبير.
ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن نائب رئيس السلطة التي عينتها روسيا للمنطقة قوله إن الجسر أصيب بسبعة صواريخ من أنظمة هيمارس التي قدمها الغرب، لكنه لا يزال يعمل.
ولم يتسن لرويترز التحقق من روايات الجانبين بشكل مستقل.
ويصف بوتين الحرب بأنها “عملية عسكرية خاصة”، ويقول إنها تهدف إلى نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث القوميين الخطرين. لكن كييف والغرب يقولان إن ذلك ذريعة لا أساس لها من الصحة وإن الهدف من الحرب هو الاستيلاء على الأراضي.
رويترز