(رويترز) – وقع الرئيس فلاديمير بوتين يوم الأربعاء قانونا لضم أربع مناطق أوكرانية تسيطر عليها روسيا جزئيا، وذلك في وقت تفر فيه القوات الروسية من الخطوط الأمامية.
وبمقتضى القانون الجديد، ستضم روسيا حوالي 18% من أراضي أوكرانيا، أي ما يعادل مساحة البرتغال، في أكبر عملية ضم في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ولا تسيطر روسيا بشكل كامل على أي من المناطق الأربع التي تزعم ضمها، كما لم تقم موسكو بعد بترسيم حدود ما تؤكد الآن أنها حدود روسيا الجديدة.
واستعادت القوات الأوكرانية السيطرة على آلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي منذ بداية سبتمبر، بما في ذلك عشرات المراكز السكانية في الأيام القليلة الماضية فقط.
وتضمنت خريطة جديدة نشرتها وكالة الإعلام الروسية الحكومية للأنباء الأراضي الكاملة للمناطق الأوكرانية، لكن بعض الأجزاء كانت مظللة ووصفت بأنها خاضعة للسيطرة العسكرية الأوكرانية.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين عن المناطق الجديدة إنها “ستبقى مع روسيا إلى الأبد” مضيفا أن المناطق التي استعادت أوكرانيا السيطرة عليها في الأيام الأخيرة “ستتم استعادتها”.
وقال بوتين إن روسيا ستعمل على استقرار الوضع في المناطق الأربعة. وفي واحدة من أولى تحركاته لتأكيد حكمه عليها، أمر بوتين الدولة الروسية بفرض سيطرتها على أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، والتي لا يزال يديرها مهندسون أوكرانيون على الرغم من سقوطها في أيدي القوات الروسية في مرحلة مبكرة من الحرب.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها علمت بشأن خطط لإعادة تشغيل مفاعل واحد في محطة زابوريجيا النووية والتي جرى إغلاق جميع مفاعلاتها الستة منذ أسابيع.
وأعلنت روسيا عن ضم مناطق دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوريجيا بعد إجراء استفتاءات تقول كييف والغرب إنها عمليات تصويت زائفة تم إجراؤها تحت تهديد السلاح. وتقول كييف إنها لن تقبل أبدا بالاستيلاء غير القانوني على أراضيها بالقوة.
وتأتي التحركات الروسية في وقت تتحول فيه دفة الحرب بشكل واضح لصالح أوكرانيا منذ بداية سبتمبر أيلول.
وترك آلاف الجنود الروس مواقعهم بعد انهيار خط الجبهة، أولا في الشمال الشرقي، ثم في الجنوب أيضا منذ بداية هذا الأسبوع.
وقال أندري يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني على تطبيق تيليجرام عن تحركات الضم “قرارات لا قيمة لها اتخذتها دولة إرهابية ولا تستحق حتى الورقة التي جرى التوقيع عليها”.
ولم تقدم أوكرانيا حتى الآن سوى القليل من التفاصيل عن مكاسبها العسكرية الأخيرة، بما يتماشى مع سياستها بالامتناع عن التعليق على تقدمها طالما كان مستمرا.
وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي في خطاب ليلي يوم الثلاثاء “هذا الأسبوع وحده، منذ الاستفتاء الزائف الروسي، تم تحرير عشرات المراكز السكانية، وذلك في مناطق خيرسون وخاركيف ولوجانسك ودونيتسك جميعا”.
* المحطة النووية
قد يكون أمر بوتين بفرض السيطرة الروسية على محطة زابوريجيا للطاقة النووية أحد النتائج العملية الرئيسية الأولى لخطوة الضم.
وتقع المحطة مباشرة على خط المواجهة، وتحديدا على ضفة تسيطر عليها روسيا لخزان مائي ضخم فيما تتمركز القوات الأوكرانية على الضفة المقابلة. وحذر الجانبان بالفعل من خطر وقوع كارثة نووية بسبب القتال الدائر بالقرب منها.
وفي الأيام الأخيرة، احتجزت روسيا المدير الأوكراني المسؤول عن المحطة. وتم إطلاق سراحه لاحقا لكن لم يسمح له بالعودة إلى العمل.
وقال رئيس شركة الطاقة النووية الحكومية الأوكرانية (إنرجواتوم) بيترو كوتين إنه تولى مسؤولية إدارة المحطة وحث العمال على عدم التوقيع على أي وثائق تخص المحتلين الروس.
ولطالما اتهمت كييف موسكو بالتخطيط لفصل المحطة عن شبكة الكهرباء الأوكرانية وربطها بنظيرتها الروسية، وهي خطوة تقول إنها ستزيد من مخاطر وقوع حوادث.
ونشر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، الذي من المقرر أن يزور كييف وموسكو هذا الأسبوع، على تويتر صورة له وهو يستقل قطارا متجها إلى كييف، وقال إن المفاوضات بشأن إنشاء منطقة آمنة حول المحطة أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى.
في اليوم نفسه، وافق الاتحاد الأوروبي على حزمة جديدة من الإجراءات لمعاقبة روسيا على خطة الضم. وتشمل الإجراءات الجديدة فرض المزيد من القيود على تجارة منتجات الصلب والتكنولوجيا مع روسيا وفرض سقف لأسعار شحنات النفط الخام الروسية المنقولة بحرا عبر شركات التأمين الأوروبية.
وأظهرت خرائط وزارة الدفاع الروسية التي عُرضت أمس الثلاثاء عمليات انسحاب سريع على ما يبدو لقوات الغزو الروسية من مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا، وبعد تأكيد التصريحات الرسمية لشهور بأن العملية العسكرية الخاصة تجري كما هو مخطط لها، أقر معلقون في التلفزيون الروسي بحدوث الانتكاسات.
ورد بوتين على الانتكاسات قبل أسبوعين بالإعلان عن خطة الضم وأمر باستدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط وهدد باستخدام الأسلحة النووية لحماية الأراضي الروسية. وفر عشرات الآلاف من الرجال الروس منذ ذلك الحين من البلاد هربا من حملة التجنيد.
وفي الشرق، وسعت القوات الأوكرانية هجومها بعد الاستيلاء على بلدة ليمان والتي كانت المعقل الروسي الرئيسي في شمال دونيتسك. وتتقدم القوات الأوكرانية الآن في منطقة لوجانسك التي تزعم موسكو أنها تحت سيطرتها بالكامل بعدما شهدت بعضا من أعنف المعارك في الحرب في شهري يونيو ويوليو.
وفي الجنوب، استعاد الأوكرانيون مساحة شاسعة من الأراضي في منطقة خيرسون على طول الضفة الغربية لنهر دنيبرو، مهددين بعزل آلاف القوات الروسية عن خطوط الإمداد أو الانسحاب








