يقول خُمس البريطانيين إنهم مجبرون على اقتراض مزيد من الأموال للوفاء بمدفوعاتهم، ونصفهم غير قادر على الادخار على الإطلاق، وهذا الأمر يدل على أن الأسر تشعر بألم تكاليف المعيشة.
يرتفع التضخم في المملكة المتحدة إلى مستويات قياسية لم تُسجل منذ 40 عاماً تقريباً، بينما يرفع المقرضون معدلات الرهن العقاري بعد الإعلان عن الميزانية “المصغرة” للحكومة مما رفع التوقعات بشأن فرض بنك إنجلترا مزيداً من التشديد النقدي.
أصبح الضغط الذي يفرضه هذا الأمر على الأسر واضحاً للعيان الآن مع بيانات جديدة تظهر أن النسبة التي تعاني من صعوبات مالية آخذة في الازدياد، مع انخفاض الإنفاق وثقة المستهلك عند مستوى قياسي منخفض، حسبما ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
في حين أن الميزانية “المصغرة”، التي أعلنت عنها وزير المالية البريطاني الشهر الماضي، كانت تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي من خلال التخفيضات الضريبية، يجادل بعض المحللين بأن لها تأثيراً معاكساً.
حذر بول ديلز، كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة في “كابيتال إيكونوميكس”، من أن الخطة المالية تخاطر “بإطالة أزمة تكلفة المعيشة وانتشارها في ظل أزمة تكلفة الاقتراض”.
وقال ديلز، إن نهج الحكومة في التعامل مع الاقتصاد سيؤدي على الأرجح إلى تضخم أكثر استمراراً وارتفاع أسعار الفائدة، بالتالي حدوث ركود أعمق ومن ثم ارتفاع معدلات البطالة على المدى المتوسط.
لكن البيانات الجديدة تظهر أن المستهلكين يعانون بالفعل.
على مدى أسبوعين حتى 25 سبتمبر، قالت 22% من الأسر إنها اضطرت إلى اقتراض أموال أكثر أو الحصول على ائتمان، بزيادة قدرها 6% عن نوفمبر من العام الماضي عندما أجري المسح لأول مرة، وفقاً لتقرير صادر عن المكتب الوطني للإحصاءات.
ترتبط النتائج بالبيانات الأخيرة من بنك إنجلترا والتي تظهر أن الاقتراض ببطاقات الائتمان ارتفع بأسرع وتيرة له منذ 17 عاماً في أغسطس.
قال رئيس قسم السياسات والبحوث والشؤون العامة في “ستيب شينج”، بيتر توتون، وهي مؤسسة خيرية للديون، إن “وضع الديون ساء في أغسطس”، موضحاً أن الناس “اقترضوا بسبب الذعر لمحاولة سد الفجوة بين دخلهم وإنفاقهم الأساسي”.
أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني أن نحو نصف السكان يعتقدون أنهم لن يتمكنوا من إدخار أي أموال في الأشهر الـ12 المقبلة، ارتفاعاً من الثلث خلال العام الماضي.
في حين أن ثلثى آخر من السكان قالوا إنهم لن يكونوا قادرين على تحمل نفقات غير متوقعة لكنها ضرورية بقيمة 850 جنيها إسترلينيا، وهو مقياس لمخاطر الفقر، مما يمثل زيادة قدرها 5% منذ نوفمبر الماضي.
قال مارتن بيك، كبير المستشارين الاقتصاديين لشركة الاستشارات “إي واي أيتم كلوب”، إن المستهلكين يتأثرون بالعديد من الضغوط، مضيفاً أن “هناك تضخما مرتفعا وانخفاضا في الأجور الحقيقية وهناك أشخاص لديهم قروض عقارية يدفعون فوائد أكثر”، وهذا كله سيضر بالإنفاق الاستهلاكي.
يشير مكتب الإحصاء الوطني إلى أن نحو نصف المستطلعين وجدوا صعوبة في تحمل فواتير الطاقة في سبتمبر.
وكافح نحو الثلث للوفاء بمدفوعات الرهن العقاري. ويُتوقع أن تتضاعف معدلات الرهن العقاري ثلاث مرات لتصل إلى نحو 6% العام المقبل بعد المزيد من التشديد النقدي من قبل البنك المركزي البريطاني.
في إشارة إلى تراجع ميزانيات الأسر بالفعل بحدة، تراجعت مبيعات التجزئة بشكل حاد في أغسطس، كما كان عدد تسجيلات السيارات الجديدة أقل في سبتمبر مما كان عليه في نفس الفترة من العام الماضي.
أظهرت البيانات أن ثلثي البريطانيين اضطروا لخفض الإنفاق غير الضروري واستخدام الغاز والكهرباء أو الغاز، بينما أبلغ أكثر من اثنين من كل خمسة عن خفض مشترياتهم من البقالة واستخدام السيارات.