اقترب احتفال أصحاب المنازل الذى استمر عقداً زمنياً من نهايته؛ حيث ارتفعت تكلفة خدمة الرهون العقارية فى المملكة المتحدة وأوروبا والولايات المتحدة فى الوقت نفسه الذى تقلصت فيه الدخول المتاحة للإنفاق، وأصبحت التوقعات بحدوث انكماش أو حتى انهيار فى أسعار المنازل منتشرة الآن.
وتوقعت شركة «نايت فرانك» العقارية، خلال الأسبوع الماضى، انخفاض أسعار المنازل فى لندن 10% خلال العامين المقبلين، فى خطوة غير عادية بالنسبة لوكالة عقارات، التى تضيف إلى التحليلات المستقلة وتوقعات البنوك بحدوث انخفاضات فى جميع أنحاء المملكة المتحدة على الأقل.
وكيف يمكن لأسواق الإسكان، التى لم تشعر بشىء سوى نمو الأسعار لعقد، أن تدخل فى منطقة الانهيار؟.. لقد قدمت الأزمة المالية العالمية فى 2008 درساً مريراً فى مخاطر الاقتراض المفرط بالرهن العقارى.
وفى ذلك الوقت، كان واحد من كل سبعة رهون عقارية يتمتع بقدرة عالية على الاستدانة مع تساوى نسبة القرض إلى القيمة 90% أو تزيد عليها.
وفى الأعوام التى تلت ذلك، شددت البنوك معاييرها للإقراض، مع تمتع 4% منها فقط بمستويات الاقتراض نفسها، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
ويتعين على المقترضين اليوم رهن ودائع ضخمة نسبياً وإثبات قدرتهم على تحمل ارتفاع أسعار الفائدة، كما وُضع الإقراض المتهور تحت السيطرة إلى حد كبير، ما يحد من خطر تعرض مُلاك المنازل إلى تراجع قيمة منازلهم إلى مستوى أقل من قيمة رهونهم العقارية.
وكانت السمة الرئيسية الأخرى للعقد الماضى هى أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، ما أتاح للمشترين الحصول على قروض عقارية كبيرة بتكاليف شهرية منخفضة.
وفى المقابل، يمكن لأى شخص قادر على رهن وديعة نقدية أن يتحمل عقاراً أغلى، مع المراهنة على سداده طالما أن أسعار الفائدة ظلت منخفضة ومدة سداد الرهن العقارى طويلة كفاية.
وفى الواقع، أدت أسعار الفائدة المنخفضة إلى جعل المنازل الكبيرة ميسورة التكلفة، ما أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار المنازل ومزاحمة غير القادرين على جمع النقود لرهنها وديعة أو الاستفادة من المساعدات المالية من والديهم.
لكن أسعار الفائدة ارتفعت بدرجة أكبر خلال العام الجارى؛ حيث رفع الاحتياطى الفيدرالى سعر الفائدة الأساسى من 0.25% إلى 3.25% وتبعه البنك المركزى البريطانى والبنك المركزى الأوروبى، وتتوقع الأسواق استمرار ارتفاع أسعار الفائدة بشكل حاد العام المقبل مع محاولة البنوك المركزية احتواء التضخم الجامح.. وبشكل مفاجئ، تغير مشهد القدرة على تحمل التكاليف بشكل كبير.
وقال نوبل فرانسيس، المدير الاقتصادى فى رابطة منتجات مواد البناء: «قبل شهرين أو ثلاثة أشهر فقط كنا نقول إن أسعار الفائدة فى المملكة المتحدة التى تصل إلى 3% ستشكل تحدياً، بالنظر إلى القدرة على تحمل التكاليف، وتتوقع الأسواق الآن ارتفاع أسعار الرهن العقارى بنحو 6%».
وكان لارتفاع أسعار الفائدة تأثير فورى، فقد سارع مقرضو الرهن العقارى فى المملكة المتحدة إلى سحب المنتجات بعد أن أدت الميزانية «المصغرة» التى اقترحها وزير المالية كواسى كوارتنج الشهر الماضى إلى رفع توقعات زيادة أسعار الفائدة.
أى شخص يشترى منزلاً اليوم فى المملكة المتحدة سيواجه تكاليف اقتراض بالرهن العقارى أعلى كثيراً نتيجة ذلك، وتبلغ مدفوعات الرهن العقارى، نسبة إلى دخل المشترين لأول مرة، نحو 17% فى المتوسط، وفقاً لبيانات شركة «بيلت بليس» الاستشارية.
وهناك دلائل تشير إلى أن ارتفاع تكاليف الاقتراض يؤثر بالفعل فى الطلب على المنازل الجديدة، وذكرت البوابة العقارية «رايت موف» أن النشاط من المشترين المحتملين انخفض الأسبوع الماضى عن المعدلات الأخيرة، وإن كان ذلك طفيفاً.
جدير بالذكر، أن تراجع الطلب سيؤدى إلى خفض المعاملات فى المملكة المتحدة التى تبدأ من قاعدة منخفضة بالفعل وفقاً للمعايير التاريخية، وعادةً ما يحد انخفاض الطلب من نمو أسعار المنازل، وقلة المعاملات تعنى أن البيانات قد تصبح غير دقيقة؛ بسبب عدد الصفقات المحدود.