أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أن ملامح العلاقة الاستراتيجية بين مصر والإمارات تبلورت في السنوات الأخيرة لتُمثل نموذجاً مبهراً للعلاقات العربية القادرة على مواجهة التحديات في مختلف المجالات، من خلال العمل المشترك والدعم المتبادل خلال الأزمات.
جاء ذلك خلال كلمة رئيس الوزراء، التي ألقاها اليوم الأربعاء خلال افتتاح احتفالية اليوبيل الذهبي للعلاقات المصرية – الإماراتية “50 عاما.. مصر والإمارات قلب واحد”، التي تنعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية؛ بمناسبة مرور 50 عاماً على انطلاق العلاقات الدبلوماسية والأخوية بين جمهورية مصر العربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وتابع مدبولي: اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات استباقية لتقديم الدعم للدول العربية المختلفة خلال الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، وآخرها جائحة فيروس “كورونا”، والتي وجهت ضربة قوية للاقتصاد العالمي، وما أعقبها من اندلاع الأزمة الروسية – الأوكرانية، التي أحدثت موجة من الاضطرابات الاقتصادية والتغيرات الجيوسياسية على مستوى العالم، وضاعفت التحديات المتعلقة بتوفير التمويل اللازم لبرامج الرعاية الصحية والاجتماعية، ومختلف برامج التنمية، وهو ما استدعي بدوره عقد الشراكات الفاعلة وبالأخص بين دولنا العربية الشقيقة في محيطنا العربي.
وفي إطار حديثه عن الشراكة بين مصر والإمارات، أشاد رئيس الوزراء بحجم الشراكات الاستثمارية والتجارية والصناعية بين البلدين، والتي انعكست زيادة وتيرتها في السنوات الأخيرة إيجابياً على حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر، وعدد الشركات الإماراتية العاملة في السوق المصري.
وأوضح أنه على صعيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ترتبط مصر والإمارات بعلاقات استثمارية قوية، ولاسيما في الفترة الأخيرة، من خلال الشراكة المصرية الإماراتية في تنفيذ عدد من المشروعات الاستراتيجية، وهو ما انعكس في ارتفاع إجمالي الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر لتسجل نحو 4.6 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2021- 2022 ، لتحتل بذلك الإمارات المرتبة الأولى من بين الدول المرسلة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر بحصة تقدر بنحو 29 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى مصر خلال تلك الفترة، ونحو 72% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة العربية المتدفقة إلى مصر خلال نفس الفترة.
ولفت مدبولي إلى أن الدولتين حرصتا على تأسيس الدعائم التي من شأنها تعزيز حركة تدفق التجارة والاستثمارات بين البلدين، وهو ما ترجمه إبرام مصر والإمارات لعدد من اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار، وتجنب الازدواج الضريبي، من أجل تشجيع الاستثمار وزيادة فرص العمل وتعزيز التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين الدولتين.
وأشار إلى أن القوى العاملة المصرية رافداً رئيسياً للتنمية الاقتصادية في الإمارات منذ عقود، في إطار علاقات التعاون والأخوة التي تجمع بين البلدين والتي رسخ أواصرها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، ففي هذا السياق، شهدت تحويلات العمالة المصرية العاملة في الإمارات ارتفاعاً خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2021- 2022 لتصل إلى 3.3 مليار دولار، لتحتل الإمارات بذلك المرتبة الثالثة من حيث الدول المرسلة لتحويلات العمالة إلى مصر.
وأكد حرص الدولة المصرية على التوجه المستقبلي نحو المزيد من تعزيز الشراكات الاقتصادية الناجحة مع شقيقتها دولة الإمارات العربية من خلال تنفيذ عدد من المشروعات الإنتاجية، لاسيما في المجالات الزراعية والصناعية لزيادة مستويات الاكتفاء الذاتي، لتقليل مستوى تأثر الدولتين بالاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية، والمشاركة الفعّالة من قبل المستثمرين الإماراتيين في برامج الطروحات وآليات الشراكة مع المستثمرين الأجانب، في إطار توجه مصر نحو تنفيذ وثيقة “سياسة ملكية الدولة” للأصول خلال المرحلة المقبلة.
وقال مدبولي إن الشراكات الاقتصادية بين البلدين ستشمل التنسيق والتعاون ما بين “صندوق مصر السيادي”، والصناديق السيادية في الإمارات، لتنفيذ مشروعات في المجالات ذات الأولوية بين البلدين لتعظيم العائد على الأصول الاستثمارية للدولتين وتعظيم ثروات الأجيال المقبلة، فضلا عن مساهمة القوى العاملة المصرية الشابة المتميزة في دعم جهود التحول الرقمي، ولاسيما التحول نحو الحكومة الذكية، في ظل توجه الإمارات لتنفيذ استراتيجية الذكاء الاصطناعي والاعتماد على تلك التقنيات في تقديم الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، حيث يمكن للكوادر الشابة المصرية المؤهلة أكاديمياً أن تسهم بشكل فاعل في دعم هذه الجهود وتعظيم المكتسبات العالمية التي حققتها الإمارات في هذا الصدد.
وأضاف أن انعقاد احتفالية اليوم يأتي ليتيح المجال لاستعراض الفرص الاستثمارية المتاحة، ولعقد لقاءات ثنائية بين ممثلي الحكومة وشركات القطاع الخاص، هذا إلى جانب إتاحة الفرصة للتعرف على أحدث الخدمات التمويلية والاستشارية والمنتجات التي تقدمها مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية المشاركة لدعم القطاع الخاص بين البلدين، وهو ما يجعل هذه الاحتفالية تمثل محفلاً لتوطيد أواصر التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، ولتعظيم استفادة كل من مجتمع الأعمال المصري والإماراتي من الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة في القطاعات المختلفة، وأبرزها قطاع الصحة والتصنيع الدوائي، والتطوير العقاري، وقطاع الخدمات المالية والتحول الرقمي، وقطاع البنية الأساسية، والاتصالات، والزراعة والتصنيع الغذائي وغيرها. هذا إلى جانب الفرص الواعدة للتعاون المشترك بين البلدين في مجالات الاقتصاد الرقمي، ودمج البعد البيئي والتعافي الأخضر.