جاءت الوتيرة المتسارعة لتضخم أسعار المواد الغذائية فى الأشهر الأخيرة، بمثابة صدمة سيئة للمستهلكين البريطانيين، الذين اعتادوا أن يصبح متجرهم الأسبوعى أرخص مقارنة بدخل الأسرة.
وكانت أسعار المواد الغذائية فى المملكة المتحدة أعلى ب13.3% فى نوفمبر مقارنة بنفس الشهر من العام الماضى، وفق بيانات اتحاد التجزئة البريطاني. ويعد المقياس الرسمى للمكتب الوطني للإحصاء أعلى من ذلك، ووصل إلى %16 لنفس الشهر، ولم ترتفع الأسعار بهذا المعدل منذ أواخر السبعينيات.
وأشارت جميع محلات السوبر ماركت، إلى أن أسعارها ترتفع بمعدل أبطأ من الأرقام الرئيسية، وهو ما يجبر المتسوقين على شراء منتجات أرخص أو ببساطة يشترون أقل.
لكنهم يعترفون أيضًا بأن العملاء يشعرون بالضيق، وذكر العديد من أصحاب المتاجر أنهم سيتنازلون عن بعض الأرباح هذا العام للحفاظ على الأسعار التنافسية.
والأعلاف من أهم العناصر التى تشمل تكاليف عبر السلسلة الغذائية، وكذلك الوقود والأسمدة، ويشعر المزارعون بالزيادات فى أسعار هذه المنتجات أولاً، يليها المعالجات، وأخيراً تجار التجزئة وعملائهم.
وغالبًا ما يتم حماية المعالجات من ارتفاع الأسعار لفترة عن طريق الشراء المسبق للمكونات، وذكر تشارلز هول رئيس الأبحاث فى “بيل هانت” أنه من الطبيعى جدًا أن تستغرق زيادات الأسعار ستة أشهر أو أكثر لتنتقل إلى المستهلك.
حتى لو انخفضت أسعار السلع العالمية، فهناك عوامل معقدة لمنتجي الأغذية فى المملكة المتحدة وأوروبا، وارتفاع الدولار الأمريكى هذا العام يرجع جزئيًا إلى عدم اليقين الجيوسياسي وجزئيًا لأن “الاحتياطى الفيدرالي” رفع أسعار الفائدة بسرعة أكبر من البنوك المركزية الأخرى.
وسيكون للشراء الآجل وإدارة المخازن دور فى تخفيف هذا التأثير، لكن تأثير الدولار سيظل قوياً إذ يتم تسعير جميع السلع المتداولة عالميًا به.
ومعظم مجالات تجهيز الأغذية والبيع بالتجزئة ليست كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتاريخيًا لم تهتم الصناعة كثيرًا بتكلفة الغاز والكهرباء لأنها كانت مكونًا صغيرًا نسبيًا من تكاليف الإنتاج الإجمالية.
وتراجعت أسعار الغاز بالجملة عن ذروتها فى عام 2022، وبعد دعم الحكومة البريطانية لمساعدة الشركات على التعامل مع أسعار الطاقة المرتفعة بشكل حاد، من المقرر أن تصبح أقل سخاء اعتبارًا من أبريل.
وارتفع الحد الأدنى للأجور فى المملكة المتحدة لمعظم العاملين فى صناعة المواد الغذائية، ووصل إلى 9.50 جنيه إسترلينى مقابل 7.20 جنيه إسترلينى خلال عام 2016، وسوف يرتفع الحد الأدنى للأجور ب9.7% أخرى وسوف يصل إلى 10.42 جنيه إسترلينى فى أبريل.
وتسعى معظم المتاجر الكبرى لجذب الموظفين بعد رحيل العمال الأكبر سنًا من سوق العمل وقلة الوافدين من أوروبا الشرقية بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
ويمثل التوظيف أيضًا مشكلة للأجزاء كثيفة العمالة من إنتاج الغذاء، مثل تجهيز اللحوم والدواجن وتربية الفاكهة، والتى كانت تعتمد أيضًا على العمال ذوي الأجور المنخفضة من أوروبا الشرقية.
وأطلق الوزراء خطة لعمال المزارع الموسميين، وخصصت 45000 فرصة عمل هذا العام لكن النفقات الإدارية الإضافية والبحث عن عمال من أماكن بعيدة مثل إندونيسيا ونيبال أدى إلى ارتفاع التكاليف.
وارتفعت تكاليف العمالة الزراعية بـ13% العام المنتهى فى خريف 2022، وفقًا للبيانات التى أعدها الاتحاد الوطني للمزارعين.
كتب: محمد عماد