ذكر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، اليوم الثلاثاء، أن مصر تُعد من أكثر الدول العربية ثراءً في الرمال السوداء، حيث تنتشر الرمال السوداء بطول ساحلها الشمالي بداية من مدينة رشيد وحتى رفح بطول 400 كم، كما تمتلك مصر 11 موقعا للرمال السوداء تتوافر بها 8 أنواع من المعادن الثقيلة.
وأفاد مركز المعلومات بأن العائد المتوقع لمصر من موقع واحد من هذه المواقع أكثر من 255 مليون جنيه سنوياً، كما يُقدر الاحتياطي الجيولوجي من الرمال السوداء في مصر بنحو 1.3 مليار متر مكعب، موزعة على أربع مناطق رئيسية في محافظات البحيرة، ودمياط، وكفر الشيخ، وشمال سيناء.
جاء ذلك في تقرير أصدره مركز المعلومات تحت عنوان (الرمال السوداء.. ثروة وطنية تُعيد مصر اكتشافها) اليوم، تناول خلالها تعريف الرمال السوداء، وأهميتها الاقتصادية، والتطور التاريخي لاستثمارات الرمال السوداء في مصر، مع تسليط الضوء على الأرقام والحقائق المتعلقة بثروة مصر من الرمال السوداء، وأماكن وجودها، فضلًا عن جهود الدولة لاستغلالها الاستغلال الأمثل.
وأشار التقرير إلى الأهمية الاقتصادية للرمال السوداء والتي كان من أبرزها، دخول المعادن الاستراتيجية التي تحتوي عليها الرمال السوداء في العديد من الصناعات الاقتصادية مثل “الزركون، والمونازيت، والماجنتيت، والروتيل والألمنيت، والجارنت”، وفي إطار ذلك يمكن حصر عدد من الصناعات الاقتصادية البارزة والتي تدخل فيها الرمال السوداء وهي “صناعة هياكل الطائرات والسيارات والصواريخ والغواصات، والمركبات الفضائية، والأجهزة التعويضية، وصناعة أنابيب البترول، ومواد الإشعاع النووي، والعربات المصفحة والحربية، وقضبات السكك الحديدية، وصناعة السيراميك والبلاط، ومواد الصنفرة، والأرضيات عالية التقنية، وصناعة الكريستال والزجاج، والمعدات الرياضية ومستحضرات التجميل”.
وتُعد شواطئ الرمال السوداء وجهة متميزة للسياحة العلاجية للأفراد حول العالم لما تشتمل عليه من معادن مهمة مثل الكبريت والماغنيسيوم والكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم، سواء بغرض الاستشفاء من بعض الأمراض أو بغرض الاستجمام والراحة، وقد أنشأت بالفعل بعض الدول منتجات للسياحة العلاجية على شواطئ الرمال السوداء لديها، تعظيماً للعوائد الاقتصادية التي تجنيها من هذا النوع من السياحة مثل “اليابان”، كما تعد الرمال السوداء بالغردقة وجهة متميزة للسياحة العلاجية بمصر نظرًا لقربها من مدينة سفاجا الغنية بالعناصر المشعة مما يُسهم في علاج العديد من الأمراض الجلدية وكذلك أمراض الروماتويد والروماتيزم.
وأبرز التقرير، جهود الدولة المصرية للاستفادة من الرمال السوداء، حيث صدَّق الرئيس عبد الفتاح السيسي – في عام 2019 – على القانون “رقم 8 لعام 2018″، والذي من شأنه تفويض وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة للتعاقد مع هيئة المواد النووية والشركة المصرية للرمال السوداء؛ وذلك لاكتشاف وتعدين وتركيز المعادن الاقتصادية والمنتجات الثانوية التي يمكن استخراجها من الرمال السوداء ومن ثم استغلالها اقتصادياً في مختلف ربوع الجمهورية.
كما جرى تدشين مصنع استخلاص معادن الرمال السوداء في رشيد بمحافظة البحيرة على مساحة 40 فدانا، وتبلغ مساحة منطقة التكريك الخاصة به نحو 9 كيلومترات، وتم الانتهاء من المرحلة الأولى لوحدات استخلاص المعادن الاقتصادية من الرمال السوداء في يوليو 2019.
وتشير التقديرات إلى أنه من المتوقع أن تصل إيرادات المشروع إلى ما يعادل ثلث دخل قناة السويس نظراً لمساهمته في قطاع التصدير، فضلًا عن توفيره فرص عمل، ومن المرجح أن تصل الطاقة الإنتاجية للمصنع عند الانتهاء من اكتماله في المراحل المقبلة لنحو 150 ألف طن سنوياً من المعادن المختلفة.
ومن أبرز جهود الدولة المصرية للاستفادة من الرمال السوداء افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي، مجمع مصانع الرمال السوداء بمدينة البرلس بمحافظة كفر الشيخ في 19 أكتوبر 2022، والذي يُعد ضمن سلسلة مشرعات قومية كبرى تهدف إلى استخلاص معادن الرمال السوداء، ومن أهم مميزات المشروع أنه يُعد الأحدث من نوعه على مستوى العالم باستخدام تكنولوجيا التعدين المتطورة، وتم تنفيذه على مساحة 35 فدان ويعتبر إضافة جديدة لسلسلة المشروعات القومية الكبرى التي تهدف إلى تعظيم الاستفادة والاستغلال الأمثل لموارد مصر الطبيعية.
وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 4 مليارات جنيه، ومدة تنفيذ استغرقت 12 شهراً، ويهدف المشروع إلى إنشاء مجمعات صناعية جديدة وتحقيق عائد اقتصادي وتوفير العملات الأجنبية من خلال تصدير الفائض وتوفير 5000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، والبعد البيئي للمشروع هو تطهير الشواطئ من المواد المشعة الضارة.
وتطرق التقرير إلى نجاح مصر خلال عامي 2021 و2022 في استكشاف الرمال السوداء بمناطق جديدة وهي، منطقة بورسعيد البردويل، ومنطقة شرق بركة غليون، ومنطقة غرب مدينة المنصورة الجديدة، بالإضافة إلى مواقع أخرى تطل على ساحل البحر الأحمر، ولا تزال هذه المناطق تخضع لمزيد من الدراسات الاستكشافية للتأكد من حجم الاحتياطات بها.