سنغافورة تتمتع باستقرار يجعلها وجهة مفضلة
أصبح جاك ما، مؤسس عملاق التجارة الإلكترونية “علي بابا”، رمزاً لتضرر الأثرياء من أفعال الحزب الشيوعي الصيني.
ألغي طرح عام أولي لشركة التكنولوجيا المالية “آنت جروب”، التابعة لـ”على بابا”، بقيمة 37 مليار دولار، والذي كان يُمكن أن يكون الأكبر في العالم، وخضعت “على بابا” لتحقيقات بسبب سلوك احتكاري مشتبه فيه، بعد وقت قصير من تجرأ ما علناً على انتقاد الجهات التنظيمية المالية في 2020.
اختفى رجل الأعمال الصيني إلى حد كبير من الحياة العامة، ثم غادر الصين في أواخر عام 2021 ليقضي وقته في تعلم الزراعة وإنتاج الغذاء المستدام.
وبعد أكثر من عام من الغياب، عاد جاك ما من جديد، حيث تُداولت صور له وهو يزور أحد مدارس بلدته هانغتشو في 27 مارس.
وفقاً لهذا الصدد، أفادت بعض التقارير أن رئيس الوزراء الصيني الجديد لي تشيانغ أقنعه بالعودة، في ظل محاولاته لطمأنة رواد الأعمال الأثرياء من القطاع الخاص بأنهم لا يزالون يشكلون موضع تقدير من جانب الحزب.
لا شك أن أثرياء الصين بحاجة إلى الشعور بالطمأنينة، خاصة بعدما انتهت ضوابط الصين الصارمة للتصدي لتفشي كوفيد قبل بضعة أشهر فقط، بعد ثلاثة أعوام من اضطراب الشركات والإغلاق الصارم في شنغهاي، حيث يعيش العديد من الأثرياء.
دُمرت قطاعات كانت مزدهرة ذات يوم، مثل التعليم الخاص، بفعل عمليات القمع التنظيمية، حيث غضب المسئولون ضد “عبادة المال” وجعلوا المتهربين من الضرائب يتذللون من للإعفاء.
وبهذا الصدد، أصبحت خطة الحكومة لتضييق فجوات الثروة تثير قلق البعض من إمكانية مواجهة ضغوط أكثر للتبرع بالمال، بحسب مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية.
علاوة على ذلك، يشعر الأثرياء في الصين بالقلق من احتمالية وقوعهم في شرك العقوبات إذا زادت التوترات بين الصين والولايات المتحدة.
هروب رؤوس الأموالكان الكثيرون يتطلعون إلى مغادرة البلاد هرباً من هذه الاضطرابات، التي ازدادت صعوبة في عامي 2020 و2021، عندما أثرت ضوابط الجائحة على الهجرة.
لكن في 2022، غادر حوالي 10.800 من أصحاب الثروات الكبيرة، ممن تبلغ ثروتهم 6 ملايين دولار في المتوسط، البلاد، ثم تسارعت الوتيرة في نهاية العام مع تخفيف ضوابط كوفيد، حسب بيانات جمعتها “هينلي آند أسوسيتس” و”نيو وورلد ويلث”، وهما شركتان تتعقبان حركة الأثرياء.
ومن المتوقع أن يغادر المزيد البلاد في 2023، وفقاً لأندرو أمويلز، من “نيو وورلد ويلث”.أوضحت “ذا إيكونوميست” أن ركوب الطائرة سهل، لكن نقل الثروة ليس كذلك، إذ يُسمح للمواطنين الصينيين نظرياً بنقل 50 ألف دولار فقط خارج البلاد كل عام.
مع ذلك، ثمة طرق عدة لتجنب الضوابط، من زيارة مكاتب الصرافة المشبوهة في هونج كونج إلى إنشاء شركات خارجية لتوظيف أفراد العائلة.
قبل عشرة أعوام، كان مسئولو الحدود الأمريكية يلقون القبض على مواطنين صينيين يحملون نقوداً في حقائبهم في المطارات، لكن مليارات الدولارات غادرت البلاد مؤخراً في شكل عملات مشفرة.
سنغافورة الوجهة المفضلة
عادةً ما كان يتطلع مواطنو الصين إلى شراء عقارات وأصول أخرى في كندا أو الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، لكن سنغافورة باتت وجهتهم المفضلة في الأعوام الأخيرة.
طبقاً لمتعقب الثروات “هورون”، أصبحت الدولة المدينة الوجهة الأولى لمليارديرات الصين الذين يفكرون في الهجرة، خاصة أنها تتميز بانخفاض ضرائبها ومدارسها الجيدة وصناعة مزدهرة لإدارة الثروات وروابط ثقافية قوية مع الصين، كما أن استقرارها السياسي مكافأة لأولئك القلقين من السياسات الأمريكية والبريطانية.
كان الوافدون الجدد سبباً في ارتفاع أسعار المنازل وزيادة الطلب على السيارات الفاخرة، لكن أبرز علامات تحول الثروة إلى سنغافورة هو تزايد عدد المؤسسات العائلية الصينية، وهي شركات خاصة تدير أصول عائلة.
وبحسب بيانات البنك المركزي السنغافوري، ارتفع عدد هذه المكاتب من 33 في 2019 إلى 347 في أبريل 2022.
ومن المحتمل أن يصل العدد إلى 750 مكتباً عائلياً صينياً في سنغافورة بحلول نهاية 2022، وهو ما يمثل حوالي نصف العدد الإجمالي، ويُتوقع أضاً تسجيل المزيد خلال العام الجاري، بحسب كيا مينج لو، الشريك الأول في شركة المحاماة “دينتون روديك”.
كل هذا يشير إلى أنه بالرغم من عودة رجل الأعمال ما إلى الصين، فإن رئيس الوزراء لا يزال أمامه طريقاً طويلاً لجذب الأثرياء من جديد.جدير بالذكر أيضاً أن إحدى حكومات المقاطعات قالت مؤخراً إن رجال الأعمال المشتبه في ارتكابهم جرائم “لا ينبغي اعتقالهم إلا إذا كان هذا ضرورياً، وقد أدلي ببيانات مماثلة لأعوام.لا شك أن اختفاء ملياردير آخر لن يكون أمراً مفيداً للصين، فقد أفاد بنك استثماري صيني في 16 فبراير أنه لم يعد بالإمكان التواصل مع مؤسسه باو فان.
وبعد عشرة أيام، قيل إنه كان يتعاون مع السلطات في تحقيق، حيث اتضح أن باو رأى أن نقل أصوله خارج الصين سيكون مفيداً
وفي الأشهر السابقة لاختفائه، كان يُقال إن باو أنشأ مكتباً عائلياً في سنغافورة.







