الأصول تسجل 10.32 تريليون دولار بدعم من ارتفاع أسواق الأسهم ومرونة التدفقات الواردة
سجلت الأصول المستثمرة في الصناديق العالمية القابلة للتداول رقماً قياسياً قدره 10.32 تريليون دولار بدعم من الارتفاع المشهود في أسواق الأسهم والمرونة التي تمتعت بها التدفقات الواردة.
هذا الرقم يتجاوز المستوى القياسي السابق البالغ 10.26 تريليون دولار المُسجل في نهاية 2021، عندما بلغت الأسواق ذروتها قبل الحرب الروسية في أوكرانيا والارتفاع العالمي في معدلات التضخم، وفقًا لبيانات الشركة الاستشارية “إي.تي.إف.جي.أي”.
تعليقًا على الأمر، قالت ديبورا فور، الشريك الإداري لـ”إي.تي.إف.جي.أي”، إن “قبول المستثمرين وتفضيلهم لصناديق الاستثمار القابلة للتداول قوي ومستمر، كما أن حركة السوق دفعت الصناديق القابلة للتداول إلى مستويات قياسية”.
سجلت صناعة الصناديق العالمية القابلة للتداول ذروة جديدة، فيما ظل مؤشر الأسهم الأمريكية “ستاندرد آند بورز 500” أقل بـ7% من أعلى مستوياته المُسجلة في أوائل يناير 2022، وكان مؤشر “إم.إس.سي.آي” القياسي العالمي أعلى بنسبة 9% من ذروته السابقة.
وبالمثل، يتم تداول مؤشر السندات الحكومية العالمية “فوتسي” بنسبة تقل بـ23% من أعلى مستوياته المُسجلة في أواخر 2020، حسبما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
كذلك، كان أداء صناديق الاستثمار القابلة للتداول أفضل من هياكل الصناديق الأخرى، فعلى سبيل المثال، بلغت أصول الصناديق المشتركة الأمريكية 23.5 تريليون دولار نهاية أبريل، وفقًا لـ”إنفستمنت كومباني إنستيتيوت”، وهذا يقل بنسبة 12.8% عن 27 تريليون دولار المُسجلة في نهاية 2021.
مستثمرو القطاع يتدافعون نحو أسهم التكنولوجيا والذهب واليابان
على المستوى العالمي، شهدت صناديق الاستثمار القابلة للتداول تدفقات صافية لـ48 شهرًا متتاليًا، حسب بيانات “إي.تي.إف.جي.أي”، وهذه الاستثمارات، بجانب تعافي الأسواق، أسهمت في تسجيل تلك الصناديق أرقامًا قياسية في مجموعة من الأسواق الفردية، وكذلك على مستوى العالم.
بلغت الأصول المستثمرة في الصناديق العالمية القابلة للتداول بالولايات المتحدة 7.27 تريليون دولار، مقارنة بـ 7.21 تريليون دولار في نهاية 2021، فيما بلغت في أوروبا 1.62 تريليون دولار مقابل ذروة سابقة قدرها 1.6 تريليون دولار، أما كندا فقد وصلت الآن إلى 277 مليار دولار، أي أعلى من ذروتها التاريخية البالغة 273 مليار دولار.
ومع ذلك، تظل بعض الدول، منها اليابان، دون أعلى مستوياتها السابقة.
لا شك أن النمو السريع لصناديق الاستثمار القابلة للتداول المدارة بنشاط، وإن كان من قاعدة منخفضة، سمح للصناعة بالتوسع من جوهرها التقليدي.
ضخ المستثمرون 609 مليارات دولار في صناديق الاستثمار القابلة للتداول المدرجة بالولايات المتحدة العام الماضي، حتى مع هبوط السوق وتم سحب 1.1 تريليون دولار من الصناديق المشتركة التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، وفقًا لبيانات “أي.سي.أي”.
رغم انتعاش السوق خلال العام الحالي، تباطأ صافي التدفقات العالمية لصناديق الاستثمار المتداولة إلى 273 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام، وفقًا لـ”أي.تي.إف.جي.أي”، بانخفاض من 418 مليار دولار في الفترة نفسها من 2022، ومن رقم قياسي بلغ 572 مليار دولار في 2021.
في الوقت نفسه، ربما تكون أسهم “وول ستريت” الآن، من الناحية الفنية، في مرحلة سوق صاعدة، لكن يبدو أن مستثمري الصناديق القابلة للتداول يقاومون إلى حد كبير دعوات القفز على متن الموجة الصعودية.
مع ذلك، وبغض النظر عن أسهم التكنولوجيا، يبدو أن هناك حماسة أكبر تجاه الأصول الفريدة مثل الأسهم اليابانية والذهب.
قال كريم شديد، رئيس استراتيجية الاستثمار في ذراع “آي شيرز” التابعة لـ”بلاك روك” في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا: “الفكرة العامة هي أن التدفقات قد ارتفعت في الأسهم الأمريكية، لكنها لم تقترب من ذروة التدفقات التي شهدناها في الماضي”.
تدل عملية الشراء الضعيفة نسبيًا على الحماس الخافت غير المعتاد تجاه الأسهم الأمريكية، رغم ارتفاع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بأكثر من 20% عن أدنى مستوياته في أكتوبر.
استقبل محللون في “مورجان ستانلي” تخطي حاجز السوق الصاعدة بتحذير من أنهم “ما زالوا يتوقعون ركودًا كبيرًا لم يُحتسب بعد في الأرباح هذا العام، تراجع سنوي قدره 16%”.
في الوقت نفسه، أوصى مارك هيفيل، كبير مسؤولي الاستثمار لدى “يو.بي.إس جلوبال ويلث مانجمينت”، أن “يستمر المستثمرون في توخي الحذر” لأنه “من المستحيل معرفة ما إذا كنا قد تجاوزنا قاع السوق الهابطة، أي أدنى مستوى في دورة السوق”.
فيما قال توماس ماثيوز، كبير اقتصادي السوق لدى “كابيتال إيكونوميكس”: “إذا انكمش الاقتصاد في نهاية العام الحالي، وما زلنا نعتقد أنه سينكمش، فقد تصبح الأوقات أكثر صعوبة بالنسبة للأسهم”.
كما قال سكوت كرونيرت، الرئيس العالمي لأبحاث الصناديق المتداولة في “سيتي جروب”، إن التدفقات الواردة إلى الصناديق المتداولة التي تركز على التكنولوجيا “تحكي قصة الذكاء الاصطناعي”، إذ يراهن المستثمرون على أن التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي ستفيد الربح الإجمالي لقلة من أسهم التكنولوجيا، بينما تشير التدفقات الخارجة من الصناديق المتداولة للقطاعات الحساسة اقتصاديًا إلى “المخاوف المستمرة من الركود”.
كما أشار شديد إلى أن مؤشر “ستاندرد آند بورز 492” الافتراضي- المؤشر الرئيسي الذي سُلب من أكبر 8 مكونات له- انخفض في الواقع بنسبة ضئيلة هذا العام.
وفي ظل هذه الخلفية، كان مستثمرو الصناديق المتداولة “يشترون الجزء المركز من السوق من خلال الانكشاف على التكنولوجيا”.
أظهرت أرقام “بلاك روك” أن الصناديق المتداولة العالمية استقبلت صافيًا قدره 15.9 مليار دولار في مايو.
وحذر شديد من أن هذا الرقم تضخم بشكل مصطنع بمقدار 5.5 مليار دولار بسبب الجوانب الفنية المتعلقة بإعادة تصنيف بعض أسهم التكنولوجيا باعتبارها شركات مالية.
مع ذلك، حتى مبلغ 10.4 مليار دولار، نتيجة 6 أسابيع متتالية من التدفقات الداخلة، لا يزال كافيًا لجعل التكنولوجيا القطاع الأكثر شعبية بسهولة خلال العام حتى الآن.
يقول شديد: “هناك قصة ميول تجاه التكنولوجيا، فمن المنطقي سبب حدوث ذلك لأننا شهدنا انتعاشا في الذكاء الاصطناعي”، مضيفًا أنه رغم أن التمركز في سوق العقود الآجلة في الأسهم الأمريكية الواسعة “لا يبدو مزدحمًا، إلا أنه مزدحم في بورصة ناسداك- ذات التركيز الكبير على التكنولوجيا”.
أما غير المهتمين بسوق الأسهم الأمريكية، فهم ينظرون بدلاً من ذلك إلى الأسهم اليابانية، فقد اجتذبت الصناديق الأمريكية والأوروبية المتداولة التي تركز على أسهم طوكيو صافيًا قدره 1.9 مليار دولار في مايو، وهو ثاني شهر على التوالي يزيد على مليار دولار وأقوى عملية شراء منذ 2020.
عن ذلك، قال تود روزنبلوث، رئيس الأبحاث في شركة “فيتافي” الاستشارية، إن “الصناديق التي توفر الانكشاف على الأسهم اليابانية تحظى بشعبية كبيرة حيث سعى المستثمرون الأمريكيون إلى تحقيق عوائد الأرباح العالية المتوافرة في الأسواق الدولية المتقدمة”.
أظهرت بيانات روزنبلوث أن صندوق “آي شيرز” المتداول في البورصة الذي يتتبع مؤشر “إم.إس.سي.آي اليابان” اجتذب استثمارات صافية قدرها 715 مليون دولار في مايو، فيما اجتذب الصندوق المحوط ضد تقلبات العملة “ويزدم تري جابان هيدج إكويتي” 240 مليون دولار.
كذلك، تألقت صناديق الذهب المتداولة في البورصة، حيث رفعت التدفقات الواردة في مايو والتي تبلغ 1.9 مليار دولار الرقم منذ مارس إلى 4.3 مليار دولار، بعد فترة طويلة كانت فيها غير مفضلة، مع صافي تدفقات خارجة يقدر بـ27.2 مليار دولار بين أبريل 2022 ونقطة التحول في مارس.
قال روزنبلوث إن صناديق الذهب المتداولة كانت “ملاذاً آمنًا للمستثمرين خلال أزمة سقف الديون الأمريكية”.
بشكل عام، استحوذت الصناديق القابلة للتداول في البورصة على مبلغ صافي قدره 77.3 مليار دولار خلال مايو، ارتفاعًا من 53.5 مليار دولار خلال أبريل، في ظل تدفقات الأسهم التي وصلت إلى 41.8 مليار دولار، ارتفاعًا من 26.9 مليار دولار في أبريل، وارتفاع الدخل الثابت من 25.2 مليار دولار إلى 33.1 مليار دولار.








