أصبحت أكبر شركات صناعة الرقائق في آسيا متخلفة في السباق لخفض انبعاثات الكربون عن منافسيها في الولايات المتحدة وأوروبا بسبب نقص فرص الوصول إلى الطاقة المتجددة في أسواقها المحلية.
يتطلب صُنع الرقائق، خاصة الرقائق المتطورة، طاقة كبيرة للغاية.. لكن شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات وشركة “سامسونج إلكترونيكس” الرائدة في صُنع شرائح الذاكرة في العالم، تكافحان لتقليص بصمات الكربون المحلية.
قال رئيس شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات مارك ليو، في الاجتماع العام السنوي للشركة، إن بطء تايوان في تطوير الطاقة المتجددة يعيق الشركة عن أهدافها البيئية.
أضاف ليو، أن “مواقعنا الخارجية في الولايات المتحدة والصين انتقلت بالفعل للاستخدام الكامل للطاقة الخضراء.. ومع ذلك، لم نتحرك بعد لاستخدام الكثير من الطاقة الخضراء في تايوان، والحقيقة هي أن تايوان ليس لديها طاقة خضراء كافية للاستخدام”.
وأوضح أن الدفع لاعتماد الطاقة المتجددة على مستوى الصناعة ازداد مؤخرًا، خصوصاً بعد شن الحرب الروسية الأوكرانية، مضيفًا “إنها منافسة بين جميع الاقتصادات بدءًا من الولايات المتحدة واليابان إلى أوروبا لتطوير الطاقة الخضراء”.
آثارت الحرب، التي بدأت في فبراير من العام الماضي، اضطرابًا في أسواق الطاقة، إذ تعد روسيا مصدرًا رئيسا للبترول والغاز الطبيعي، حسبما نقلت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
في الوقت نفسه، قالت “سامسونج” إن كوريا الجنوبية واحدة من أكثر الدول تحديًا في العالم لمصدر الطاقة المتجددة بسبب خيارات الشراء المحدودة للشركات.
أبلغت شركة “إس كيه هينيكس”، نظيرة سامسونج الأصغر حجمًا، عن استخدام 4% من الطاقة المتجددة في 2021، فيما بلغ الرقم الخاص بشركة “كيوكسيا” اليابانية 0.02% فقط للأشهر الـ12 حتى مارس من العام 2022.
يمكن أن تؤدي المصادر المحدودة للطاقة المتجددة إلى رقائق مصنوعة في آسيا التي تعتبر أقل صداقة للبيئة من تلك المنتجة في الولايات المتحدة وأوروبا، وهو أمر يثير قلق العملاء بشكل متزايد.
اتفق مسؤول تنفيذي في صناعة الرقائق في كوريا الجنوبية، في أنه “في معظم الدول الآسيوية، يكون الوصول إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية محدودًا، كما أنه ليس من السهل شراء الطاقة المتجددة من دول أخرى بسبب القيود الجغرافية والدبلوماسية”.
تعهدت “سامسونج” وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات و “إس كيه هينيكس” باستخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100% لعملياتها العالمية بحلول 2050، بينما يهدف صانع الرقائق الأمريكي “إنتل” وصُناع الرقائق الأوروبيين “إنفينيون” و “إس تي مايكرو إلكترونيكس” للوصول إلى نفس الهدف قبل 2030، حسب تحليل “نيكاي آسيان” لإفصاحات الشركة.
التزم صُناع الرقائق اليابانية “كيوكسيا” و “سوني” بالاستخدام الكامل للطاقة المتجددة بحلول 2040، أي في وقت متأخر أيضًا عن نظيراتها الغربية.
يمكن أن يؤثر نقص الطاقة المتجددة على خارطات طريق صُناع الرقائق الآسيويين للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية، فقد شكل استخدام الكهرباء 62% من انبعاثات الكربون في شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات.
قال رئيس مجلس الإدارة ليو إن شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات تُقيم طرق دفع الجدول الزمني وتحريك الهدف المتمثل في تحقيق استخدام الطاقة الخضراء بنسبة 100% بين عامي 2030 و2050.
يأتي السباق نحو الحفاظ على البيئة في وقت تضغط فيه الاقتصادات الرائدة على إنتاج أشباه الموصلات الحيوية على اليابسة، وهي استراتيجية تتضمن إقناع كبار صُناع الرقائق الآسيويين مثل شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات و “سامسونج” بتوسيع مصانع الرقائق خارج موطنهم الأصلي.
قال صُناع الرقائق والمحللون إن مزيج الطاقة المنخفض في مصادر الطاقة المتجددة والافتقار إلى شهادات الطاقة المتجددة المعترف بها في المنطقة يعتبران عاملان يعوقان صناعة الرقائق في آسيا في سعيها إلى عمليات صديقة للبيئة.
استحوذ توليد الطاقة من الفحم والوقود والغاز الطبيعي على 82.41% من احتياجات الطاقة في تايوان في 2022، فيما شكلت الطاقة المتجددة ما يزيد قليلاً على 8%، حسب مكتب الطاقة في تايوان.
علاوة على ذلك، تعمل تايوان على التخلص التدريجي من استخدام الطاقة النووية- مصدر طاقة منخفض الانبعاثات شكل ما يزيد قليلاً على 8% من إجمالي مزيج الطاقة العام الماضي- بحلول 2025.
تعتبر كوريا الجنوبية في وضع مماثل، فقد أظهرت بيانات مؤسسة كوريا للطاقة الكهربائية أن مصادر الطاقة المتجددة شكلت 8.95% فقط من الإنتاج في 2022، بينما بلغ إجمالي الطاقة النووية والوقود الأحفوري 90% تقريبًا.
تمكنت الولايات المتحدة من توليد 22% من طاقتها الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة العام الماضي، رغم أن 78% ما تزال تُولد من الوقود الأحفوري والطاقة النووية، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
أظهرت بيانات الاتحاد الأوروبي الرسمية أن الطاقة المتجددة شكلت 41% من الطاقة المنتجة في الاتحاد الأوروبي في 2021، لكن مع الأخذ في الاعتبار مزيج الطاقة الإجمالي في الكتلة، بما فيها الواردات، فإن مصادر الطاقة المتجددة شكلت أكثر بقليل من 17% من الإجمالي.
يمكن أن تؤثر هذه الحالة على الاستثمار وحتى تُعرض طلبات الموردين الآسيويين للخطر من العملاء العالميين مثل “أبل” و”جوجل” و”مايكروسوفت”، فقد التزم الثلاثة باستخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول 2025 ودفعوا سلاسل التوريد الخاصة بهم لتسهيل مثل هذه الخطوة.







