محللون يستبعدون ظهور موجة تعثر فى السداد مع الزيادة المنتظرة فى سعر الدولار
تسارع نمو القروض بالعملة الأجنبية إلى 20% على أساس سنوى بنهاية مارس
استبعد محللون ومصرفيون تعثر الشركات فى سداد القروض بالعملة الأجنبية رغم مخاطر تخفيض قيمة الجنيه التى تلوح فى الأفق مع توقعات بقرب إتمام مراجعة صندوق النقد الدولى للاقتصاد رغم النمو المتسارع للقروض بالعملة الأجنبية.
وقال محللون إن الشركات تتخذ خطوات تحميها من تبعات تحرير سعر الصرف وكذلك تتخذ البنوك خطوات احترازية بينها الحذر فى سياسات الإقراض وكذلك تكوين مخصصات إضافية للقروض بالعملة الأجنبية ولتمويلات التجارة.
وتسارع نمو قروض البنوك بالعملة الأجنبية 20% على أساس سنوى بنهاية مارس الماضى لتصل إلى تريليون و318 مليار جنيه تعادل (42.6 مليار دولار) بنهاية مارس الماضى مقابل (665.7 مليار جنيه) تعادل 35.6 مليار دولار بنهاية مارس 2022.
وكانت القروض بالعملة الأجنبية نمت 8% فقط بنهاية مارس 2022 لتصل مقارنة بما كانت عليه فى مارس 2021 إلى 517.2 مليار جنيه (32.9 مليار دولار).
نمو القروض جاء رغم ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه نحو 100% خلال العام الماضى، مدفوعًا بزيادة القروض بالعملة الأجنبية للحكومة 31% إلى 28.1 مليار دولار بنهاية مارس الماضى مقابل 21.4 مليار دولار فى مارس 2021، فيما نمت القروض للقطاع غير الحكومى نحو 2% إلى 14.5 مليار دولار مقابل 14.2 مليار دولار.
وفى ظل نمو القروض بالعملة الأجنبية بوتيرة أسرع من نمو الودائع بالعملة الأجنبية ارتفعت نسب توظيف القروض إلى الودائع بالعملة الأجنبية إلى 75.3% مقابل 74.6%.
وترى وكالة التصنيف الائتمانى “فيتش” أن قاعدة الودائع بالعملة الأجنبية يسيطر على معظمها الأفراد، كما أن نسب توظيف القروض للودائع فى الحدود الآمنة بما يخفض المخاوف بشأن ارتفاع تعثر العملاء.
القاضى: البنوك تشترط دخلا بالدولار للشركات لمنحها تمويلا دولاريا
وقال أشرف القاضى، رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إن البنك لا يمتنع عن إقراض عملائه بشرط أن تكون شركة مُصدرة إلى الخارج أو يكون لديها مصدر دخل بالدولار لتجنب التعثر فى السداد.
وأوضح أنه مازال هناك طلب على القروض بالعملة الأجنبية من بعض الشركات المصدرة للمواد البترولية.
وقال القاضى إن أكبر أسباب الأزمة والخسارة التي واجهتها الشركات فى التعويم السابق، أن البنوك كانت تقوم بدفع حصيلة الواردات للمستوردين ثم تقوم بإدراجها كقروض عليهم، وهو ما لم يعد معمول به حاليًا.
ورغم بطء نمو القروض بالعملة الأجنبية للقطاع غير الحكومى مقارنة بالقطاع الحكومى لكنه تسارع ملحوظ عن الانكماش البالغ 8% خلال الفترة بين مارس 2022 ومارس 2021.
واستحوذ قطاع الصناعة على 53% من القروض بالعملة الأجنبية الممنوحة من البنوك لعملائها برصيد 7.7 مليار دولار، وبنمو 13% عن مارس 2022.
اقرأ أيضا: توقعات بتوجه البنوك نحو رفع الفائدة على الحسابات الجارية والتوفير بدلًا من الشهادات
وجاء قطاع الخدمات بالمركز الثانى بين بنسبة 35.5%، حيث بلغ قيمة إجمالى القروض التى حصل عليها 5.16 مليار دولار رغم تراجع القروض على أساس سنوى 10%.
وفى المركز الثالث جاء قطاع التجارة الذى حصل على قروض بقيمة 955 مليون دولار بما يعادل نحو 6.5% بنمو 17%، ثم يأتى قطاع الزراعة فى ذيل قائمة اهتمامات البنوك حيث حصل على نحو 1.1% من إجمالى القروض بالعملة الأجنبية بقيمة 161 مليون دولار، بعدما تراجعت أرصدته نحو 24% عن مارس 2022.
وانخفضت قروض الأفراد الطبيعيين بالعملة الأجنبية 4% إلى 396 مليون دولار بنهاية مارس 2023.
واستبعد محلل مالى فى أحد بنوك الاستثمار، تعثر الشركات المقترضة بالدولار، لأن معظمها جدارته الائتمانية مرتفعة ومصادر تدفقات الدولار لديها مُثبتة وبالتالى لديها مرونة فى التعامل مع تحرير سعرف الصرف، وقد تكون مستفيدة من انخفاض قيمة الجنيه فى زيادة تنافسية منتجاتها ولو بقدر قليل.
أضاف أن توسع الحكومة فى الاقتراض من البنوك قد يتباطأ خلال الفترة المقبلة مع تباطؤ العمل فى المشاريع القومية ذات المكون الدولارى.
وقال مصطفى شفيع رئيس قسم البحوث بشركة العربية أونلاين، إن تراجع نمو القروض بالعملة الأجنبية لدى بعض القطاعات جاء بفعل حذر البنوك والشركات، من نقص السيولة بالعملة الأجنبية ومخاطر تخفيض العملة، ما دفع الجانبان لأخذ الحيطة من الإقراض والاقتراض بالدولار لتجانب مخاطر التخلف عن السداد.
وأضاف شفيع أن الشركات الآن تحاول الحد من الاقتراض عامةً بقدر الإمكان فى ظل سوء الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار الفائدة، وقال إن هناك العديد من الشركات لجأت لاستغلال شهادات الإيداع الدولية (GDRs) للحصول على مكسب سريع بدلًا من الاقتراض، وهى أداة مالية قابلة للتداول بأسواق المال الدولية، مثل بورصة لندن وبورصة نيويورك وبورصة لوكسمبورج.
أما البنوك فهى تقوم باستثمار العملة الصعبة التى تمتلكها فى خارج مصر بدلًا من إقراضها للحد من المخاطرة، وأضاف شفيع أن البنوك لجأت للتحوط والاستعداد لمواجهة التعويم عبر طرح شهادات دولارية وشهادات مرتفعة العائد.
وقال ناصر عبد الرؤوف، رئيس القطاع المالى بشركة مصر للأسواق الحرة، إن الشركة استفادت من تغيير سعر الصرف، وارتفاع سعر الدولار، حيث أن مبيعات الشركة تتم بالعملات الأجنبية مما ساهم فى ارتفاع نسبة الارباح الشركة خاصة فى النصف الثانى من العام المالى الماضى.
وأضاف أن الشركة تساهم بشكل في توفير العملة الأجنبية، وتقوم بالتنازل العملة للبنوك من أجل سداد التزاماتها المحلية.
وقال مصدر مطلع بشركة “كيما”، إن الشركة توسعت فى تصدير منتجاتها، ما ساهم فى زيادة العائدات من العملات الأجنبية، وتمكنت الشركة من تحقيق الاكتفاء الذاتى من الدولار، وتوفير احتياجاتها من خلال مبيعات صادرتها.
وقال محمد شوقى، مدير علاقات المستثمرين بشركة “ابن سينا فارما”، إن الشركة فى تعاملاتها مع أى جهات أجنبية خلال عمليات الاستيراد تقوم بتثبيت سعر الدولار أمام الجنيه فى العقود الشرائية، بحيث يتحمل المورد تكلفة التذبذب في أسعار الدولار، وبالتالى أى قرار بتعويم الجنيه فى الفترة المقبلة لن يكون له تأثير على أعمال الشركة، وإنما يكمن التأثير الحقيقى فى ارتفاع أسعار الفائدة وتكلفة التمويل على الشركة.
وقالت منة شمس الدين، مديرة علاقات المستثمرين بشركة “إيديتا” للصناعات الغذائية إن الشركة حريصة على تنمية صادراتها فى الفترة القادمة على المستوى الإقليمى وتوسعاتها في المغرب، حيث زادت الصادرات فى الربع الأول من العام الحالي بمقدار 200%، ويمثل الاستيراد 9% من أعمال الشركة، وبذلك تحافظ الشركة على مخزون كاف من العملة الأجنبية، وتحرص “إيديتا” على توزيع منتجات بفئات سعرية متنوعة لتعويض أى زيادة سعرية يحتمها السوق.
زهير: الشركات تعيد تسعير المنتجات بالدولار لمواجهة التضخم
وقالت آية زهير، رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، إن هناك تباينا فى تأثير تحرير سعر الصرف على القطاعات المختلفة.
أضافت أن الشركات المصدرة خاصة فى قطاع الكيمائى والطاقة، كانوا أكثر المستفيدين نظرا لتوجه الشركات الى تصدير جزء كبير من إنتاجها، وتدفق الإيرادات عملات الأجنبية، بينما تأثرت الشركات في قطاعات الإنتاج والصناعة والعقارات بالسلب، لاعتمادها على استيراد المواد الخام.
أوضحت أن بعض الشركات اتجهت إلى رفع الاسعار وربط تسعير منتجاتها بالدولار، لمواجهة التضخم وتحرير سعر الصرف.
سعادة: توجه الشركات إلى البدائل المحلية وبحث عن فرص تصديرية يقلص خسائر القطاعات المستوردة
وقالت سارة سعادة، محلل بنك الاستثمار سى آى كابيتال، إن القطاعات المعتمدة على الاستيراد ستكون الأكثر تأثرًا بتحرير سعر الصرف فى حال حدوثه، ويدفعها ارتفاع تكلفة الاستيراد إلى رفع الأسعار على المستهلك النهائى.
أضافت أن الحل الأنسب للشركات يتمثل فى البحث عن بدائل محلية، فى حالة وجود مجال لها، بالإضافة إلى السعى للحصول على فرص تصديرية تمكنها من تحصيل عوائد دولارية.
واستبعدت أن تلجأ الشركات لتثبيت سعر الدولار من خلال عقود المشتقات المالية، إذ إنها قادرة على إحداث فروق بسيطة فى سعر الدولار وتذبذبه، ولكنها لا تحل المشكلة الرئيسية لسعر الدولار المرتفع.
كتب: أحمد سامح ومرام أشرف